تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[شهب]:

صفحة 129 - الجزء 2

  لقَوْلِهم الشَّوابِنَة، وسيأْتي في «ش. ى ب» والمُؤَلِّفُ تَبِع ابْنَ سَيِدَه حَيْثُ أَوْرَدَهَا في المَوْضِعَين. واقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ وابن مَنْظُور عَلَى إِيرَادِهَا في اليَاءِ التَّحْتِيَّة. واخْتَار ابْنُ جِنّي أَنَّهَا وَاوِيَّةُ العَيْنِ، وأَنّ أَصْلَه شَيْوَبَان على فَيْعَلَانَ فأَدْغَم وخَفَّفَ كما قِيلَ في رَيْحَان وإِلَّا لَقِيل شَوْبَان كَخَوْلَان، ونَقَل الوَجْهَيْن العَلَّامَةُ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ المَالِكِيُّ في اقْتِطَافِ الأَزَاهِر والْتِقَاطِ الْجَوَاهِر، وقال: طَرِيقَةُ ابْنِ جِنِّي تَدْرِيجٌ حَسَنٌ، قَالَه شَيْخُنَا.

  وقَوْلُهُم: بَاتَت أَي البِكْرُ بَلْيَلَةِ شَيْبَاءَ بالإِضَافَة. قال عُرْوَةُ ابْنُ الوَرْدِ.

  كَلَيْلَةِ شَيْبَاءَ التي لَسْتُ نَاسِياً ... ولَيْلَتِنَا إذْ مَنَّ ما مَنَّ قَرْمَلُ⁣(⁣١)

  أَو بِلَيْلَةِ الشَّيْبَاءِ مُعَرَّفاً. قال عُرْوَةُ أَيْضاً:

  فكُنْتَ كَلَيْلهِ الشَّيْبَاءِ هَمَّت ... بمَنْع الشَكْرِ أَتْأَمَهَا القَبِيلُ⁣(⁣٢)

  إِذَا غُلِبَت بالبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ عَلَى نَفْسِهَا أَي غَلَبها زَوْجُها فافْتَضَّها وأَزَال بَكَارَتها لَيْلَةَ هِدَائِهَا بالكسر من إهْدَاءِ المَاشِطَة العَرُوسَ لِزَوْجِهَا لَيْلَةَ الزّفَافِ، فإذا دخل بها ولم يَفْتَرِعْهَا قيل: باتت بلَيْلة حُرَّةٍ. ونقل شَيْخُنَا عَنْ ابْنِ أَبِي الحَدِيدِ في شَرْحِ نَهْجَ البَلَاغَةِ: أَنَّ الشَّيْبَاءَ المرْأَةُ البِكْرُ لَيْلَةَ افْتِضَاضِها لَا تَنْسَى بَعْلَهَا الَّذي افْتَرَعَهَا أَبَداً، ولا تَنْسَى قاتِلَ بِكْرِها أَبَداً، وهو أَوَّلُ وَلَدِهَا، انتهى. ذكره الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَسَاس في «ش ى ب» وجَعَلَه مِن الْمَجَازِ، وقَالَ: «كَأَنَّهَا دُهِيَت بأَمْرٍ شَدِيدٍ تَشِيبُ منه الذَّوَائِبُ. ومِثْلُه في لِسَانِ العَرَبِ غَيْرَ أَنَّه قَالَ: وقِيلَ يَاء شَيْبَاءَ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ، لأَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ شَابَ [ماءَ]⁣(⁣٣) المَرْأَةَ غَيْرَ أَنَّا لَم نَسْمَعْهُم قَالُوا بِلَيْلَة شَوْبَاءَ، جَعَلُوا هَذَا بَدَلاً لَازِماً كعِيدٍ وأَعْيَاد. وأَورَدَه ابْنُ سِيدَه في المُحْكَمِ في الوَاوِ واليَاءِ، وقَالَ: بَاتَتِ المرأَةُ بلَيْلَةِ شَيْبَاءَ. قيل: إِنَّ اليَاءَ فيها مُعَاقِبَة، وإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْوَاوِ.

  واقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ على ذِكْرِهَا في التَّحْتِيَّة كالزَّمَخْشَرِيِّ وابْنِ مَنْظُور⁣(⁣٤) وغَيْرِهم. والشَّائِبَة: وَاحِدَة الشَّوَائِبِ وَهِيَ الأَقْذَارُ والأَدْنَاسُ جَمْعُ قَذَر ودَنَس.

  [شهب]: الشَّهَبُ مُحَرَّكَةً: لَوْنُ بَيَاضٍ يَصْدَعُه سَوَادٌ في خِلَالِه كالشُّهْبَة بالضَّمِّ لا البَيَاضُ الصّافي كما وَهِم فِيهِ بَعْض، وأَنْشَدَ:

  وعَلَا المَفَارِقَ رَبْعُ شَيْبٍ أَشْهَبِ

  وقيل: الشَّهَبُ والشُّهْبَةُ: البَيَاضُ الَّذِي غَلَب على السَّوَادِ. وقد شَهُبَ وشَهِبَ كَكَرُمَ وسَمِع شُهْبَةً واشْهَبّ كاحْمَرَّ، وهو أَشْهَبُ. وجاءَ في شِعْر هُذَيْل شَاهِبٌ. قال:

  فعُجِّلْتُ رَيْحَانَ الحِنَانِ وعُجِّلُوا ... زَمَازِيمَ فَوَّارٍ مِن النَّارِ شَاهِبِ

  وفَرَسٌ أَشْهَبُ. وقد اشْهَبَّ اشهباباً. واشْهَابَّ اشهِيبَاباً مِثْلُه.

  ومن المَجَازِ: سَنَةٌ شَهْبَاءُ إِذَا كَانَت مُجْدِبَةً بَيْضَاءَ من الجَدْبِ لا خُضْرَةَ تُرَى فِيهَا. أَوِ الَّتِي لَا مَطَرَ فِيهَا، ثم البَيْضَاء، ثُم الحَمْرَاء. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيّ⁣(⁣٥) وغَيْرُه لزُهَيْر بْنِ أَبِي سُلْمَى:

  إِذَا السَّنَةُ الشَّهْبَاءُ بالنَّاسِ أجْحَفَتْ ... وَنَالَ كِرَامَ المال في الجَحْرَةِ الأَكْلُ

  وقال ابْنُ بَرِّيّ: الشَّهْبَاءُ: البَيْضَاءُ أَي هي بَيْضَاء لكَثْرَة الثِّلْج وعَدَمِ النَّبَات. وأجْحَفَت: أَضَرَّتْ بهم وأَهْلَكَت أَمْوَالَهم. ونال⁣(⁣٦) كِرَام المَالِ أَي كَرَائم الإِبِل يَعْنِي أَنَّهَا تُنْحَر وتُؤَكل لأَنَّهم لا يَجِدُون لَبَناً يُغْنِيهم عن أَكْلِهَا. والجَحْرَةُ: السَّنَةُ الشَّدِيدةُ الَّتِي تَجْحَرُ النَّاسَ في البُيُوتِ.

  ويوم أَشْهَبُ، وسَنَةٌ شَهْبَاءُ، وجَيْشٌ أَشْهَبُ أَي قَوِيٌّ شَدِيدٌ. وأَكْثر ما يُسْتَعْمَل في الشِّدَّةِ والكَرَاهَة. وفي حَدِيث حَلِيمَة: «خَرَجْتُ في سَنَةٍ شَهْبَاءَ» أَي ذاتِ قَحْطٍ وجَدْبٍ.

  وفِي لِسَان العَرَب: وسَنَةٌ شَهْباءُ⁣(⁣٧) كَثِيرَةُ الثَّلْج [جَدْبَةٌ]⁣(⁣٨).

  والشَّهْبَاءُ أَمْثَلُ من البَيْضَاء، والحَمْرَاءُ أَشَدُّ من البَيْضَاءِ،


(١) قرمل هو اسم فرس عروة بن الورد كما في اللسان.

(٢) الشكر أي الفرج وأتأمها أي أفضاها، والقبيل: الزوج.

(٣) زيادة عن اللسان.

(٤) وردت في اللسان في «شوب» و «شيب».

(٥) لم يرد البيت في الصحاح، وهو في اللسان. ونال بالأصل وبال وما أثبتناه عن اللسان.

(٦) انظر ما تقدم.

(٧) عن اللسان، وبالأصل «جدباء».

(٨) سقطت من الأصل، زدناها عن اللسان.