تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هجي]:

صفحة 327 - الجزء 20

  وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  هَجَوْتُ الحُروفَ هَجْواً: قَطعْتُها؛ قال الجَوْهرِي: أنْشَدَ ثَعْلب:

  يا دارَ أسْماءَ قد أَقْوَتْ بأَنْشاجِ ... كالوَحْيِ أَو كإِمام الكاتِبِ الهاجِي⁣(⁣١)

  قلْتُ: هو لأبي وَجْزةَ السَّعْدي.

  والتّهْجاءُ: الهَجْوُ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِي للجَعْدِي يَهْجُو لَيْلى الأَخْيَلِيّة:

  دَعي عنْك تَهْجاءَ الرِّجالِ وأَقْبِلي ... على أَذْلَغِيٍّ يَمْلأُ أُسْتَكِ فَيْشَلا⁣(⁣٢)

  ورجُلٌ هَجَّاءٌ، ككتَّان: كَثيرُ الهَجْوِ.

  والمرأَةُ تَهْجُو زَوْجَها: أَي تَذُمَّ صُحْبَتَه؛ نقلَهُ الجوهري.

  وفي التّهْذيب: تَهْجُو صُحْبَةَ زَوْجِها أَي تَذُمُّها وتَشْكُو صُحْبَتَه.

  وقال أبو زيْدٍ: الهِجاءُ القِراءَةُ، قالَ: وقلْتُ لرُجلٍ من بَني قَيْس: أَتَقْرَأُ مِن القُرْآنِ شيئاً فقالَ: والله ما أَهْجُو منه شيئاً؛ يريدُ ما أَقْرأُ منه حَرْفاً.

  قالَ: ورَوَيْتُ قَصِيدةً فما أَهْجُو منها بَيْتَيْن: أَي ما أَرْوي.

  [هجي]: ي هَجِيَ البَيْتُ، كرَضِيَ، هَجْياً، بالفتح: أَهْملَهُ الجوهري.

  وقال ابنُ سِيدَه: أَي انْكَشَفَ.

  قالَ: وهَجِيَتْ عينُ البَعيرِ هِجىً: أي غارَتْ؛ ونقلَهُ ابن القطَّاع أيْضاً.

  وممَّا يُسْتدركُ عليه هَجِيَ الرَّجُل: هِجًى اشْتَدَّ جُوعُه؛ عن ابن القطَّاع. ومَرَّ في الهَمْز: هَجِئَ، كفَرِحَ: الْتَهَبَ جُوعُه.

  وقال ابنُ الأعْرابي: هَجِيَ هجىً: شَبعَ مِن الطّعام.

  قُلْتُ: وكأنَّه ضِدُّ، فتأَمَّل.

  [هدي]: ي الهُدَى، بضم الهاءِ وفَتْح الدَّالِ؛ ضَبَطَه هذا لأنَّه من أوْزانِه المَشْهورَةِ؛ الرَّشادُ والدَّلالَةُ بلُطْفٍ إلى ما يُوصِل إلى المَطْلوبِ، أُنْثَى وقد يُذَكَّرُ؛ كما في الصِّحاح، وأنْشَدَ ابنُ برِّي ليزيد بن خَذَّاقٍ:

  ولقد أَضَاءَ لكَ الطرِيقُ وأنْهَجَتْ ... سُبُلُ المَكارِمِ والهُدَى تُعْدِي⁣(⁣٣)

  قال ابنُ جنِّي: قال اللَّحْياني: الهُدَى مُذَكَّر، قالَ: وقالَ الكِسائي: بعضُ بَني أَسَدٍ تُؤنِّثُه تقولُ: هذا هُدًى مُسْتَقيمةٌ.

  والهُدَى: النَّهارُ؛ ومنه قولُ ابن مُقْبل:

  حتى اسْتَبَنْتُ الهُدَى والبِيدُ هاجِمةٌ ... يخْشَعْنَ في الآلِ غُلْفاً أَو يُصَلِّينا

  وقد هَداهُ الله للدِّيْن يَهْدِيه هُدًى وهَدْياً وهِدايَةً وهِدْيَةً، بكسرهما: أَي أَرْشَدَهُ.

  قال الرَّاغبُ: هِدايَةُ الله، ø، للإِنْسانِ على أرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

  الأوَّل: الهِدايَةُ التي عَمّ بجنْسِها كلّ مُكَلَّف مِن العَقْلِ والفطْنَةِ والمَعارِفِ الضَّرُوريَّةِ، بل عَمّ بها كُلَّ شيءٍ حَسَب احْتِمالِه كما قالَ، ø: {الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ}⁣(⁣٤) هَدى.

  الثَّاني: الهِدايَةُ التي تُجْعَل للناسِ بدُعائِه إيَّاهم على أَلْسِنَةِ الأنْبياءِ كإنْزالِ الفُرْقانِ ونَحْو ذلكَ، وهو المَقْصودُ بقولهِ، ø: {وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا}⁣(⁣٥).


(١) اللسان والصحاح.

(٢) اللسان وصدره في الصحاح.

(٣) المفضلية ٧٨ البيت الأخير برواية:

سبل المسالك والهدى يعدي

والمثبت كرواية اللسان.

(٤) سورة طه، الآية ٥٠.

(٥) سورة السجدة، الآية ٢٤.