تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عفف]:

صفحة 393 - الجزء 12

  وفي الأَساس: يُقالُ: لا تَرْكَبْ مِثْفارًا ولا مِعْطافاً: أي مُقَدِّماً للسَّرْجِ، ولا مُؤَخِّرًا.

  [عفف]: عَفَّ الرَّجُلُ عَفًّا، وعَفَافاً، وعَفافَةً، بفتحهنَّ، وَعِفَّةً، بالكسرِ وهو يَعِفُّ، قال شيخُنا: ظاهِرُ إِطلاقِه أنَّ المُضارِعَ منه بالضَّمِّ ككَتَبَ، ولا قائِلَ بِهِ، بل هو كَضَرَبَ؛ لأَنه مُضَعَّفٌ لازمٌ، وقاعدَةُ مُضارِعهِ الكسرُ، إِلا ما شَذَّ منه: كما قَدّمْناه فَهُو عَفٌّ، وعَفِيفٌ: أي: كَفَّ عن الحَرامِ، كما في الصِّحاح، وفي المُحْكَمِ: عَمّا لا يِحْلِ ولا يَجْمُلُ وَقيل: عن المَحارِمِ والأَطْماعِ الدَّنِيَّةِ، قال ذو الأُصبع العَدْوانِيُّ:

  عَفٌّ يَؤُوسٍ إذا ما خِفْتُ من بَلَدٍ ... هُونًا فَلَسْتُ بوَقّافٍ على الهُونِ

  كاسْتَعَفَّ ومنه الحَدِيثُ: «واسْتَعْفِفْ من السُّؤالِ ما اسْتَطَعْتَ» وفي التّنْزيلِ: {وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ}⁣(⁣١).

  وكذلِك تَعَفَّفَ.

  وقيل: الاسْتِعْفافُ: طَلَبُ العفافِ⁣(⁣٢)، وهو الكَفُّ عن الحَرامِ والسُّؤَالِ من النّاسِ، والتَّعَفُّفُ⁣(⁣٣): الصَّبْرُ والنَّزاهَةُ من الشَّيْءِ.

  ج: أَعِفّاءُ هو جمع عَفِيفٍ، ولم يكَسِّرُوا العَفَّ.

  وهي عَفَّةٌ وعَفِيفَةٌ ج: عَفائِفُ، وعَفِيفاتٌ يُقال: العَفِيفَةُ من النّساءِ: السَّيِّدَةُ الخَيِّرَةُ.

  وَامرأَةٌ عَفِيفَةٌ: عَفَّةُ الفَرْجِ.

  وأَعَفَّهُ الله.

  وتَعَفَّفَ: تَكَلَّفَهَا نَقَله الجَوْهَرِيُّ، ومنه قَوْلُ جَرِيرٍ:

  وَقائِلةٍ ما للفَرَزْدَقِ لا يُرَى ... مع العِّفِّ يَسْتَغْنِي ولا يَتَعَفَّفُ⁣(⁣٤)

  وعُفَيِّفٌ، مُصَغَّرًا مُشَدَّداً: ابنُ مَعْدِي كَرِبَ عن النَّبِيِّ ، وعنه ابنُه فَرْوَة، وقِيل: سَعِيدٌ. وعَطِيَّةُ بنُ عازِبِ بنِ عُفَيْفٍ الكِنْدِيُّ⁣(⁣٥) كزُبَيْرٍ وهو الكَثِيرُ المَشْهُورُ، أَو كأَمِيرٍ هكَذا ضَبَطَه بَعْضُهُم: صَحابِيّانِ.

  قلتُ: أَمّا الأَولُ: فقد اخْتُلِفَ في حَدِيثِه عَلَى هِشامِ بن الكَلْبِيّ، فقِيلَ: عن سَعِيدِ بن فَرْوَةَ بنِ عُفَيِّفٍ، عن أَبِيهِ عن جَدِّه، وقِيلَ: عنه عن فَرْوَةَ بنِ سَعِيدِ بنِ عُفَيِّفٍ، عن أبِيهِ، عن جَدِّهِ، والأَولُ أَصْوَبُ. قلت: وذَكَرَه ابنُ حِبّان في ثِقاتِ التّابِعِينَ، وقالَ يَرْوي عن عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، وعنه هارُونُ ابنِ عبدِ الله، قال الحافِظُ: وفَرّقَ غيرُ واحدٍ بينَ هذا وبَيْنَ عُفَيِّفٍ قَريبِ الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الَّذِي أَخْرجَ له النَّسائِيُّ في الخَصائِصِ، وقِيل: هُما واحِدٌ.

  وَأَمّا الثّاني: فإِنّه شامِيٌّ، وقد اخْتُلِفَ في صُحْبتِه، وأَكثرُ روايَتِه عن عائِشَةَ ^.

  وابنُ العُفَيْفِ، كزُبَيْرٍ: رَوَى عن أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ الله تَعالَى عنه فهو تابِعِيٌّ، ولم يُعْرَف اسمُه، وهكذا ذَكَرَه الحافِظُ أَيضاً.

  وعُفَيِّفُ بنُ بُجَيْدِ بنِ رُؤاسٍ، وهو الحارِثُ بنُ كِلابٍ مُشَدَّدٌ أَيْضاً.

  وعَفِيفٌ، كأَمِيرٍ: أَخُوه كذا في جَمْهَرَة النَّسَب، وضبطه ابنُ ماكُولا كزُبَيْرٍ، أي في أَخِيه.

  وقال ابنُ دُرَيْدٍ: عَفَّ اللَّبَنُ يَعِفُّ بالكسرِ عَفًّا: إذا اجْتَمَعَ في الضَّرْعِ.

  وعَفَّ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ: إذا بَقِيَ فيهِ وهذا عن ابن عَبّادٍ.

  والعُفَافَةُ، بالضَّمِّ: الاسْمُ منه وهو: بَقِيَّةُ اللَّبَنِ في الضَّرْعِ بعدَ ما امْتُكَّ أَكْثَرُه، كالعُفَّةِ بالضَّمِّ أَيضاً، نقله الجَوْهَريُّ، وأَنشَد للأَعْشَى:

  وَتَعادَى عَنْهُ النّهارَ فما تَعْ ... جُوهُ إلّا عُفافَةٌ أو فُواقُ

  قال ابنُ بَرِّيّ: والرِّوايةُ: «ما تَعادَى»⁣(⁣٦) وهي رِوايةُ أَبِي عَمْرٍو، وروى الأَصْمَعِيّ: «ما تَجافَى».


(١) سورة النساء الآية ٦.

(٢) زيد في النهاية: والتعفف.

(٣) في النهاية واللسان: والاستعفاف ... عن الشيء».

(٤) ديوانه برواية: «على السّنّ» بدل «مع العف».

(٥) في أسد الغابة: النضري.

(٦) وهي رواية الديوان ص ١٢٦، ونصب «النهارُ» على الظرف وتعادى أي تباعد.