[كهن]:
  وفي الحدِيثِ: «أَعُوذُ بكَ مِن الحَوْرِ بعْدَ الكَوْنِ»؛ قالَ ابنُ الأثيرِ: هو مَصْدَرُ كانَ التامَّةِ؛ والمعْنَى أَعُوذُ بكَ مِن النَّقْص بَعْدَ الوُجُودِ والثَّباتِ، ويُرْوَى: بَعْد الكَوْرِ، بالراءِ وقد تقدَّمَ.
  قالَ ابنُ بَرِّي: وتأْتي كانَ بمَعْنَى اتِّصال الزَّمانِ مِن غَيْرِ انْقِطاعٍ، وهي الناقِصَةُ ويُعَبَّرُ عنها بالزائِدَةِ أَيْضاً، كقَوْلِه تعالى: {وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً}، أَي لم يَزَلْ على ذلِكَ؛ وقَوْله تعالى: {إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً}(١)؛ وقَوْله تعالى: {كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً}(٢)؛ ومنه قَوْلُ المُتَلَمس:
  وكُنَّا إذا الجبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه ... أَقَمْنا له من صَعْرِه فتَقَوَّما(٣)
  قالَ: ومِن أَقْسام كانَ الناقِصَة: أَن يكونَ فيها ضَميرُ الشأْنِ والقِصَّةِ، وتُفارِقُها في اثني عَشَرَ(٤) وَجْهاً لأنَّ اسْمَها لا يكونُ إلَّا مُضْمراً غَيْرُ ظاهِرٍ، ولا يَرْجع إلى مَذْكُورٍ، ولا يُقْصَدُ به شيءٌ بعَيْنِه، ولا يُؤكَّدُ به، ولا يُعْطفُ عليه، ولا يُبْدلُ منه، ولا يُسْتَعْمل إلَّا في التَّفْخيمِ، ولا يُخَبَّر عنه إلّا بجُمْلةٍ، ولا يكونُ في الجمْلةِ ضَميرٌ، ولا يتقدَّمُ على كانَ.
  قالَ: وقد تأْتي تكونُ بمَعْنَى كانَ، ومنه قَوْلُ جريرٍ:
  ولقد يَكُونُ على الشَّبابِ بَصِيرَا
  وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: يقالُ كَنَتَ فُلانٌ في خَلْقِه وكانَ في خَلْقِه، فهو كُنْتِيٌّ وكانِيٌّ.
  قالَ أَبو العبَّاسِ: وأَخْبَرني سَلَمَةُ عن الفرَّاء قالَ: الكُنْتِيُّ(٥) في الجِسْمِ والكَانِيُّ في الخُلُقِ.
  وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ: إذا قالَ كُنْتُ شابّاً وشُجاعاً فهو كُنْتِيٌّ، وإذا قالَ كانَ لي مالٌ فكُنْتُ أُعْطِي منه فهو كانِيٌّ. ورَجُلٌ كِنْتَأْوٌ: كثيرُ شَعَرِ اللّحْيةِ؛ عن ابنِ بُزُرْج، وقد تقدَّمَ ذلِكَ في الهَمْزَةِ.
  وقالَ شَمِرٌ: تقولُ العَرَبُ: كأَنَّكَ واللهُ قدمُتَّ وصِرْتَ إلى كانَ، وكأَنَّكما مُتُّما وصِرْتُما إلى(٦) كانَ، وللثلاثَةِ كانوا: المعْنَى صِرْتَ إلى أَنْ يقالَ كانَ وأَنْتَ ميتٌ لا وأَنْتَ حَيٌّ؛ قالَ: والمعْنَى الحِكايَةُ على كُنْت مَرَّةً للمُواجَهَةِ ومَرَّةً للغائِبِ؛ ومنه قَوْلُه: وكلُّ امْرئٍ يوماً يَصِيرُ كانَ. وتقولُ للرَّجُلِ: كأَنِّي بكَ وقد، صِرْتَ كانِيّاً، أَي يقالُ كانَ والمرْأَة كانِيَّة، ولا يكونُ مِن حُرُوفِ الاسْتِثناءِ، تقولُ: جاءَ القَوْمُ لا يكونُ زَيْداً، ولا تُسْتَعْمل إلَّا مُضْمراً فيها، وكأنَّه قالَ: لا يكونُ الآتي زَيْداً.
  والكانونُ: إنَّ جعلْته من الكِنِّ فهو فاعُولٌ، وإنْ جعلْته فَعَلُولاً على تَقْديرِ قَرَبُوس فالأَلِفُ فيه أَصْلِيّة، وهي مِن الواوِ.
  والمُكاوَنَةُ: الحَرْبُ والقِتالُ. وقَوْلُ العامَّة: كاني ماني اتباعٌ وهو على الحِكايَةِ.
  [كهن]: كَهَنَ له، كمَنَعَ ونَصَرَ وكَرُمَ، كَهانَةً، بالفتْحِ، وتَكَهَّنَ تَكَهُّناً وتَكْهِيناً، الأَخيرُ نادِرٌ: قَضَى له بالغَيْبِ.
  وقالَ الأزْهرِيُّ: قلَّما يقالُ إلَّا تَكَهَّنَ الرَّجُلُ.
  وقالَ غيرُهُ: كَهَنَ، كِهانَةً، بالكسْرِ؛ إذا تَكَهَّنَ، وكَهُنَ كَهانَةً إذا صارَ كاهِناً.
  وفي التَّوْشيحِ: الكَهانَةُ، بالفتْحِ ويَجوزُ الكَسْر: ادِّعاء عِلْم الغَيْبِ؛ ومِثْلُه في ضوْءِ النِّبْراسِ، وأَفْعال ابنِ القَطَّاع والإرْشادِ. فهو كاهنٌ ج كَهَنَةٌ، محرَّكةً، وكُهَّانٌ، كرُمَّانٍ، وحِرْفَتُه الكِهانَةُ، بالكسْرِ، وهو على القِياسِ.
  وفي الحدِيثِ: «نَهَى عن حُلْوانِ الكاهِنِ»؛ قالَ ابنُ الأثيرِ: الكاهِنُ الذي يَتَعاطَى الخبَرَ عن الكَائِناتِ في مُسْتقبلِ الزَّمانِ، ويَدَّعِي مَعْرفَةَ الأَسْرارِ، وقد كانَ في العَرَبِ كَهَنةٌ كشِقٍّ وسَطِيحٍ وغيرِهِما، فمنهم مَنْ كانَ يَزْعُم
(١) الإِنسان، الآية ٢٢.
(٢) الإِنسان، الآية ١٧.
(٣) اللسان.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: في اثني عشر وجهاً كذا في اللسان، والمعدود هنا وفيه عشرة فقط».
(٥) اللسان: الكنتني.
(٦) اللسان: كانا.