تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خصلف]:

صفحة 174 - الجزء 12

  حَوَافِرِ الخَيْلِ علَى آثارِ أَخْفَافِ الإِبِلِ، فكأَنَّهُم طَارَقُوها بِهَا، أي: خَصَفُوها بِهَا، كما يُخْصَفُ النَّعْلُ.

  وَيُقَال: خَصَّفَ يُخَصِّفُ تَخْصِيفاً، مِثْل اخْتَصَفَ، ومِنْهُ قراءَةُ أَبي بُرَيْدَةَ، والزُّهْرِيِّ، في إِحْدَى الرِّوايَتَيْنِ: وطَفِقَا يُخَصِّفَانِ⁣(⁣١).

  وَمنه الحديثُ: «إِذا دَخَلَ أَحَدُكُم الحَمَّامَ فعَلَيْهِ بالنَّشِيرِ، وَلَا يَخْصِفْ» النَّشِيرُ: المِئْزَرُ، ولا يَخْصِفْ: أي لا يَضَعْ يَدَهُ علَى فَرْجِهِ.

  وَتَخَصَّفَةُ، كذلك، ورَجُلٌ مِخْصَفٌ وخَصَّافٌ: صَانِعٌ لِذلك، عن السِّيرَافيِّ، وجَبَلٌ خَصِيفٌ، مِثْلُ أَخْصَفَ، وكُلُّ لَوْنَيْنِ اجْتَمَعَا، فهو خَصِيفٌ، نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.

  وَالخَصُوفُ مِن النِّسَاءِ: التي تَلِدُ في التَّاسِعِ ولا تَدْخُلُ في العاشرِ.

  وَالخَصَفُ، مُحَرَّكَةً: لُغَةٌ في الخَزَفِ، نَقَلَهُ اللَّيْثُ.

  وَاخْتَصَفَتِ النَّاقَةُ: صارَتْ خَصُوفاً.

  وَالخُصَّافُ، كرُمَّانٍ: حَصِيرٌ مِن خُوصٍ.

  وَمن المَجَازِ: خَصَّفْتُ فُلانًا: أَربَيْتُ عَلَيه في الشَّتْمِ.

  [خصلف]: خَصْلَفَةُ النَّخْلِ: خِفَّةُ حَمْلِهِ، وَمنه: نَخِيلٌ مُخَصْلَفٌ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ونَقَلَهُ الصَّاغانِيُّ عَنِ ابْن عَبَّادٍ، في المُحِيطِ، وصاحِبُ اللِّسَانِ عن ابْنِ بَرِّيٍّ في أَمالِيهِ، وَأَنْشَدَ لابْنِ مُقْبِلٍ:

  كَقِنْوَانِ النَّخِيلِ الْمُخَصْلَفِ.

  قال الصّاغَانِيُّ: والصَّوَابُ بِالضَّادِ المُعْجَمَةِ، وَسيأتي قريباً.

  [خضف]: خَضَفَ البَعِيرُ وغيرُه، يَخْضِفُ، خَضْفاً، وَخُضَافاً، كغُرَابٍ: ضَرِطَ نَقَلَهُ ابنُ دُرَيْدٍ، وفي الصِّحاحِ: خَضَفَ بها: إذا رَدَمَ، وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ:

  إِنَّا وَجَدْنَا خَلَفاً بِئْسَ الْخَلَفْ ... عَبْداً إِذَا مَا نَاءَ بِالْحِمْلِ خَضَفْ

  وَفي العُبَابِ: ويُرْوَى: «شَرَّ الخَلَفْ»، وبَعْدَهُ:

  أَغْلَقَ عَنَّا بَابَهُ ثُمَّ حَلَفْ ... لَا يُدْخِلُ الْبَوَّابُ إِلَّا مَنْ عَرَفْ

  وَرَوَى أَبو الهَيْثَمِ:

  إنَّ عُبَيْداً خَلَفٌ مِنَ الْخَلَفْ⁣(⁣٢)

  وَيُفْهَمُ مِن سِياقِ الأَسَاسِ، أنَّ أَصْلَ الخَضْفِ لِلْبَعِيرِ⁣(⁣٣)، وَاسْتِعْمَالُه في الإِنْسَانِ مَجَازٌ.

  وخَضَفَ الطَّعَامَ: أَكَلَهُ، مِثْل فَضَخَ، نَقَلَهُ العُزَيْزيُّ.

  وفَارِسُ خَضَاف، وهَمٌ لِلْجَوْهَرِيِّ، والصَّوَابُ بالصَّادِ، هكذا في سائِرِ النُّسَخِ، وهذا الوَهَمُ لا أَصْلَ له، فإِنَّ الجَوْهَرِيَّ لم يَذْكُرْه في هذا الحَرْفِ، وإِنَّمَا الذي ذَكَرَه هنا هو ابنُ دُرَيْدٍ، فإِنَّهُ قال في الجَمْهَرَةِ⁣(⁣٤)، - بعدَ ما ذَكَرَ خضف -: وفَارِسُ خَضَافِ، مِثْل حَذَامِ: أَحَدُ فُرْسَانِ العَرَبِ المشْهُورِينَ، وله حديثٌ، وخَضَافِ: اسْمُ فَرَسِهِ، هكذا ذَكَرَهُ في هذا التَّرْكِيبِ، ولم يذْكُرْها في الصَّادِ المُهْمَلَةِ، كما ذُكِرَ في مَوْضِعِهِ، فكأَنَّ المُصَنِّفَ تَوَهَّمَ أنَّ ابنَ دُرَيْدٍ هو الجَوْهَرِيُّ.

  وَنَقَلَ شيخُنَا عن المَيدَانِيِّ⁣(⁣٥)، أنَّ المَثَلَ المذكورَ يُرْوَى بالمُهْمَلَةِ والمُعْجَمَةِ، فلا معنى لِتَوْهِيمِ من رَوَاهُ بالمُعْجَمَةِ مع ثُبُوتِه عن الثِّقاتِ، وكثيرًا ما يَتَصَدَّى المُصَنِّفُ لِرَدِّ النَّقْلِ الوَارِدِ الثَّابِتِ بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ والحَدْسِ، وهو غيرُ سَدِيدٍ، وَعن طُرُقِ الصَّوَابِ بَعِيدٌ.

  قلتُ: الذي صَرَّح به الصَّاغَانِيُّ في تكْمِلَتِهِ، أنَّ ابنَ دُرَيْدٍ لم يُوَافِقْه أَحَدٌ فيما قَالَهُ، والناسُ كلُّهم سِوَاهُ علَى الصَّادِ المُهْمَلَةِ، كما ذَكَرَه الجَوْهَرِيُّ في مَوْضِعِهِ علَى الصَّحَّةِ، فما تقدَّم لشيْخِنا مِن التَّشْنِيعِ علَى المُصَنِّفِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ.

  والْخَيْضَفُ، وَالخَضُوفُ، كَهَيكَلٍ، وصَبُورٍ: الضَّرُوطُ مِن الرِّجَالِ والنِّسَاءِ، وقال ابنُ بَرِّيّ: الخَيْضَفُ: فَيْعَلٌ مِن


(١) سورة الأعراف الآية ٢٢.

(٢) في التهذيب برواية: بئس الخلق.

(٣) بالأصل: «البعير» وما أثبت عن المطبوعة الكويتية. وعبارة الأساس: خضف الجملُ. ومن المجاز: قولهم للرجل قد خضف بها.

(٤) انظر الجمهرة ٢/ ٢٢٩ والتكملة عن ابن دريد، وقد نبهنا في «خصف» أن الميداني نقل عن ابن دريد خضاف بالضاد المعجمة.

(٥) انظر مجمع الميداني مثل رقم ٩٧١ ج ١/ ١٨١.