تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[وكأ]:

صفحة 280 - الجزء 1

  والوَطَأَةُ [مُحَرَّكةً⁣(⁣١)] كَكَتَبةٍ في جمع كَاتِب والوَاطِئَةُ: المَارَّةُ والسَّابِلَةُ سُمُّوا بذلك لِوَطْئِهم الطَّرِيقَ، وفي التهذيب: الوَطَأَةُ: هم أَبناءُ السَّبيلِ مِنَ النَّاس، لأَنهم يَطَؤون الأَرْضَ. وفي الحديث أَنه قال للخُرَّاصِ «احْتَاطُوا لِأَهْلِ الأَمْوَالِ في النَّائبة والوَاطِئَة» يقول: اسْتَظْهِرُوا لهم في الخَرْصِ لِمَا يَنُوبُهم وَينزِلُ بهم الضيفان⁣(⁣٢).

  وَاسْتَطَأَ، كذا في النسخ والصواب اتَّطَأَ كافْتَعَلَ إِذا اسْتَقَامَ وبَلَغَ نِهَايَتَهُ وَتَهَيَّأَ، مُطاوِع وَطَّأَه تَوْطِئَةً.

  وفي الأَساس: ومن المجاز يقال للمضياف: رَجُلٌ مُوَطَّأُ الأَكْنَافِ، كمُعْظَّم وَوطِيئُها، وتقول: فيه وَطَاءَةُ الخُلُقِ وَوَضَاءَة الخَلْقِ: سَهْلٌ الجوانب دَمِثٌ كَرِيمٌ مِضْيَافٌ ينزل به الأَضياف فيَقْرِيهم، ورجُلٌ وَطِيءُ الخُلُقِ، على المَثَلِ أَو جل يَتَمَكَّنُ في نَاحِيَتِهِ صَاحِبُهُ، بالرفع فاعل يَتمكَّن غَيْرَ مُؤْذًى وَلَا نَاب بِه موْضِعُه كذا في النهاية، وفي الحديث «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجَالِسَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقاً، المُوَطَّؤونَ أَكْنَافاً، الذين يَأْلَفُونَ ويُؤلَفُونَ» قال ابنُ الأَثير: هذا مَثَلٌ، وحَقيقتُه من التَّوْطِئَةِ، وهي التَّمْهِيدُ والتَّذْلِيل.

  وفي حَدِيث عَمَّار أَنَّ رَجُلاً وَشَى به إِلى عُمَرَ فقال: «اللهُمَّ إِنْ كَان كَذَبَ عَلَيَّ فاجْعَلْهُ مُوَطَّأَ العَقِبِ» يقال رجُلٌ مُوَطَّأُ العَقِبِ أَي سُلْطَانٌ يُتَّبَعُ ويُوطَأ عَقِبُهُ⁣(⁣٣) أَي كثير الأَتْباعِ، دَعَا عليه بأَن يَكون سُلْطاناً أَو مُقَدَّماً⁣(⁣٤) فيتْبَعَهُ الناسُ ويمشون وراءَه.

  وفي الحديث: أَنَّ رِعَاءَ الإِبِلِ ورِعَاءَ الغَنَم تَفاخَرُوا عِنده وَأَوْطَؤوهُمْ⁣(⁣٥) رِعَاء الإِبل، أَي غَلَبُوهم، وقَهروهم بالحُجَّة، وأَصله أَنَّ مَنْ صَارَعْتَه أَو قاتلْتَه فصرعته⁣(⁣٦) فقد وَطِئْتَه وأَوْطَأْتَه غَيْرَك. والمعنى جَعَلُوهم يُوطَؤُونَ قَهْراً وغَلَبَةً.

  وفي حديث عَليٍّ «كُنْتُ أَطَأُ ذِكْرَه» أَي أغَطِّي خَبَرَه، وهو كِنَايَةٌ عن الإِخْفَاءِ والسَّتْرِ.

  وقيل الوَاطِئَةُ: سُقَاطَةُ التَّمْرِ، هي فاعِلَةٌ بمعنى مَفْعُولَةٍ، لأَنها تَقَعُ ف تُوطَأُ بالأَقدام، وقيل: هي من الوَطَايَا، جمعُ وَطِيئَةٍ، تَجْرِي مَجْرَى العَرِيَّةِ، سُمِّيَت بذلك لأَن صاحِبها وَطَّأَها لأَهلِها، أَي ذَلَّلَها ومَهَّدَها، فلا⁣(⁣٧) تَدْخُلُ في الخَرْصِ. وكان المناسبُ ذِكْرَها عند ذِكْرِ الوَطِيئَة.

  وهُمْ أي بنو فلان يَطَؤُهُمُ الطَّرِيقُ أَي أَهله، والمعنى يَنْزِلُونَ بِقُرْبِهِ فَيَطَؤُهُمْ أَهْلُه حكاه سِيبويهِ، فهو من المجازِ المُرْسَل، وقال ابن جِنّي: فيه من السَّعَةِ إِخْبارُك عَمَّا لَا يَصِحُّ وَطْؤُه بِمَا يَصِحُّ وَطْؤُه، فنقولُ قياساً على هذا: أَخذْنَا على الطرِيق الواطِئِ لبني فُلانٍ. ومرَرْنَا بقومٍ مَوْطُوئِينَ بالطَّرِيقِ، ويا طَرِيقُ طَأْ بِنَا بَني فُلانٍ أَي أَدِّنَا إِليهم، قال: ووجهُ التشبيه إِخبارُك⁣(⁣٨) بما تُخْبرُ به عن سالِكيه، فشبَّهْتَهُ بهم، إِذْ كان⁣(⁣٩) المُؤَدِّيَ له، فكأَنَّه هم، وأَما التوكيد فلأَنك إِذا أَخبرْتَ عنه بِوَطْئه إِيَّاهم كان أَبْلَغَ مِنْ وَطْءِ سَالِكيه لهم، وذلك أَنَّ الطرِيق مُقيمٌ مُلازِمٌ، وأَفعالُه مُقيمةٌ معه، وثابِتَةٌ بِثَباتِه، وليس كذلك أَهلُ الطرِيقِ، لأَنهم قد يَحْضُرون فيه، وقد يَغِيبون عنه، وأَفعالُهم أَيضاً حاضِرَةٌ وَقْتاً، وغائبَةٌ آخَرَ، فأَيْنَ هذا مِمَّا أَفعالُه ثابتةٌ مُسْتَمِرَّة؟ ولمَّا كان هذا كلاماً كان الغَرَضُ فيه المَدْحَ والثناءَ اختارُوا له أَقْوَى اللفظَيْنِ، لأَنه يُفِيد أَقْوَى المَعْنَيَيْنِ، كذا في اللسان.

  قال أَبو زَيْدِ: ايتَطَأَ الشَّهْرُ، بوزن ايتَطَعَ، وذلك قبل النِّصْفِ بيوْمٍ وبَعْدَه بيومٍ.

  والمُوَطَّأُ: كِتابُ الإِمامِ مَالِكٍ إِمامِ دارِ الهِجْرَة، ¥، وأَصله الهمز.

  [وكأ]: تَوَكَّأَ عَلَيْهِ أَي الشيءِ: تَحَمَّلَ واعْتمَدَ وهو مُتَوَكِّئٌ، كَأَوْكَأَ، وهذه عن نوادر أَبي عُبَيدة.

  وتَوَكَّأَت الناقَةُ: أَخَذَها الطَّلْقُ فَصَرخَتْ، وقال الليث: تَصَلَّقَتْ عند مَخَاضِها.


(١) عن القاموس.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله وينزل بهم الضيفان» في النهاية «وينزل بهم من الضيفان وهي ظاهرة».

(٣) القاموس: وتوطأ عقبه.

(٤) زيد في النهاية: أو ذا مال.

(٥) النهاية والمطبوعة المصرية: فأوطأهُم.

(٦) زيد في النهاية: أو أثبتّه.

(٧) في النهاية؛ فهي لا تدخل.

(٨) زيد في اللسان: عن الطريق.

(٩) عن اللسان: وبالأصل: أنه كان.