تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[تيب]:

صفحة 329 - الجزء 1

  والنَّدَمَ عَلَى مَا فَرَطَ منه، والمُرْتَدُّ يُسْتَتَابُ، كَذَا في الأَسَاس وغيرِه، واسْتَتَابَهُ أَيْضاً: سَأَلَه أَنْ يَتُوبَ.

  وذَكَرَ الجَوْهَريُّ في هذِه التَّرْجَمَة التَّابُوت: هو الصُّنْدُوقُ، فَعْلُوتٌ من التَّوْبِ، فإِنَّهُ لَا يَزَالُ يَرْجِعُ إِليه مَا يَخْرُجُ منه، قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسيُّ وابنُ جِنِّي وتَبِعَهما الزمخشريّ، وقيلَ: هو الأَضْلَاعُ وما تَحْوِيه من قَلْبٍ وغيرِه، ويُطْلَق عَلَى الصُّنْدُوقِ، نقله في التوشيح، كذا قاله شيخُنَا، أَصْلُه تَأْبُوَةٌ كتَرْقُوَةٍ، وهو فَعْلُوَةٌ سُكِّنت الواوُ فَانْقَلَبَتْ⁣(⁣١) هَاءُ التَّأْنِيثِ تَاءً وقال القَاسِمُ بنُ مَعْن: لَمْ تَخْتَلِفْ لُغَةُ قُرَيْشٍ والأَنْصَارِ في شَيْءٍ منَ القُرْآنِ إِلَّا في التَّابُوتِ⁣(⁣٢) فلُغَةُ قُرَيْش بالتَّاءِ ولُغَة الأَنْصَارِ التَّابُوهُ، بالهَاءِ قال ابنُ بَرِّيّ: التَّصْرِيفُ الذي ذكره الجوهريُّ في هذه اللَّفْظَةِ حَتَّى رَدَّهَا إِلى تَابُوت تصريفٌ فاسدٌ، قال: والصَّوَابُ أَن يُذكر في فصل ت ب ت لأَنَّ تاءَه أَصليّةٌ ووزْنُه فاعُولٌ، مثل عَاقُول وحَاطُوم، والوقفُ عليها بالتَّاءِ في أَكثرِ اللغاتِ، ومَنْ وَقَفَ عليها بالهاءِ، فإِنه أَبْدَلَها منَ التَّاءِ، كما أَبدلها في الفُرَاتِ حينَ وقفَ عليها بالهاء، وليست التاء في الفُرَاتِ⁣(⁣٣) بتاءِ تأْنِيث، وإِنما هي أَصليّةٌ من نَفْسِ الكَلمةِ، وقال أَبو بكرِ بنُ مُجَاهِدٍ: التَّابُوتُ بالتَّاء قراءَةُ الناسِ جميعاً، ولغةُ الأَنصارِ: التَابُوهُ، بالهاءِ، هذه عبارة لسان العرب، قال شيخنا: والذي ذكره الزمخشريُّ أَنَّ أَصْلَهُ تَوْبُوتٌ، فَعْلُوتٌ، تَحَرَّكَتِ الوَاوُ وانْفَتَحَ مَا قَبْلها فقُلِبَت أَلِفاً، أَقْربُ للقَوَاعِدِ، وأَجْرَى عَلَى الأُصُولِ، وتَرَجَّحَتْ لُغةُ قُريشٍ، لأَنَّ إِبدالَ التَاءِ هاءً إِذا لم تكن للتأْنيث - كما هو رأْيُ الزمخشريّ - شَاذٌّ في العربية، بخلاف رأْي المصنِّف والجوهريِّ وأَكثر الصرفيّين.

  [تيب]: يَتِيبُ، كيَعِيبُ، أَهملَه الجوهريُّ، ورجَّح شيخُنَا نقلاً عن الأَعْلام المُطابَة للمصنِّف أَنه بالمُثَنَّاة الفَوْقِيَّة من أَوله بَدَلَ اليَاءِ التَّحْتيَّة. ورأَيْت في كتاب نَصْر بالفَوقية ثم المُوَحَّدَة: جَبَلٌ بالمَدينَة علَى سَمْتِ الشَّام وقد، شُدِّدَ وَسَطُهُ للضرورة، أَي على القَوْلِ الأَخير، وأَما الذي ذَكَره المُؤَلِّفُ فَمَوْضِعٌ آخَرُ جاءَ ذكرُه في شِعْرٍ.

  والتَّابَةُ، كالغَابَة، وقد تقدَّمَ في ذكر المَصَادر أَنه بمعنى التَّوْبَة، وتقدَّمَ الإِنْشَادُ أَيضاً، فَلَا أَدْرِي ما سبب إِعَادَتِه هنا، أَوْ أَنه أَشارَ إِلى أَنَّ أَلِفه منقلبةٌ عن يَاءٍ، فليس له دليلٌ عليه، ولا مادَّةٌ ولا أَصلٌ يُرْجَعُ إِليه. كذا قالَه شيخُنا.

فَصْلُ الثَّاءِ مَعَ البَاءِ

  [ثأَب]: ثُئِبَ كَعُنِيَ، حَكَاهَا الخَليلُ في العَيْن، ونَقَلَهَا ابنُ فارِس وابنُ القَطَّاعِ وثَئِبَ أَيْضاً، كفَرِحَ، كذا في لسان العرب⁣(⁣٤)، ونقَلَهَا ابنُ القُوطِيَّة، واقْتَصَرَ عليهَا، ونَقَلَهَا جَماعَةٌ عن الخليل ثَأْباً فهو مَثْؤُوبٌ، وَتَثَاءَبَ على تَفَاعَلَ بالهَمْز، هي اللُّغَة الفُصْحَى التي اقتصر عليها في الفَصيح وغيره، ومَنَعُوا أَن تُبْدَلَ همزتُه واواً، قال في المصباح: إِنَّها لُغَةُ العَامَّةِ، وصرَّخَ في المُغَرِب بأَنَّها غَلَطٌ، قالَه شيخنا، ونقل ابن المُكَرَّم عن ابن السِّكِّيت: تَثَاءَبْتُ، علَى تَفَاعَلْت، ولا تَقُلْ: تَثَاوَبْتُ وتَثَأَّبَ بتَشْديد الهَمْزَة، على تَفَعَّلَ، حَكَاها صاحبُ المُبرز، ونَقَلَهَا الفِهْريُّ في شَرْح الفَصيح، وابنُ دُرَيْد في الجَمْهَرَة: قَال رُؤبَةُ:

  وَإِنْ حَدَاهُ الحَينُ أَوْ تَذَأَّبَا ... أَبْصَرَ هِلْقَاماً إِذَا تَثَأَّبَا

  وفي الحَديث: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُطْبِقْ فَاهُ» قَال الوَلِيُّ العِرَاقيُّ في شَرْح التِّرْمِذيِّ: تَثَاوَبَ في أَصْلِ السَّمَاعِ بالوَاو، وفي بَعْض الرِّوَايَاتِ بالهَمْز والمَدِّ، وهي روَايَة الصَّيْرَفيِّ. وقد أَنكَرَ الجَوْهَريُّ والجُمْهُورُ كَوْنَه بالوَاو، وقَال ابنُ دُرَيْد وثَابتٌ السَّرَقُسْطيُّ في غَريب الحَديث: لا يُقَالُ تَثَاءَبَ بالمَدِّ مُخَفَّفاً بل تَثَأَّبَ بالهَمْز مُشَدَّداً. قلْتُ: وهذا غَريبٌ في الرِّواية، فإِنَّا لا نَعْرفُ إِلَّا المَدَّ والهَمْزَ، نقله شيخُنا: أَصَابَهُ كَسَلٌ وتَوْصِيمٌ، قَالَه ابنُ دُرَيْد، وقال الأَصمعيُّ: أَصَابَتْهُ فَتْرَةٌ كفَتْرَة النَّعاسِ منْ غَيْرِ غَشْيٍ يغْشَى


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله فانقلبت إلى آخره فيه ميل إلى القول بأن تاء التأنيث أصلها الهاء وهو أحد القولين ذكرهما الصبان على الأشموني في باب التأنيث.

(٢) وردت كلمة التابوت في القرآن في:

سورة البقرة الآية ٢٤٨ {وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} ..

وسورة طه الآية ٣٩: {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ}.

(٣) اللسان: وليست تاء الفرات.

(٤) وبهامش اللسان هنا: «.. ولكن الذي في المحكم والتكملة وتبعهما المجد ثأب كغَنَى.