تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[همل]:

صفحة 816 - الجزء 15

  التَّسْكِيْن، وهو معْنَى قَوْله: إذا ذُكِرَ الصَّالِحُون فحَيَّ هَلاً بعُمَرَ، قالَه معْنَى حَيَّ أَسْرِعْ بذِكْرِه، ومعْنَى هَلاً أَي اسْكُن عنْدَ ذِكْره حتى تَنْقضِي فضَائِلَه.

  قالَ الجوْهَرِيُّ: وحَكَى سِيْبَوَيْه عن أَبي الخَطَّاب أنَّ بعضَ العَرَبِ يقولُ: حَيَّ هَلا الصَّلاة، يَصِل بَهلا كما يُوْصِل بعَلَى فيُقالُ حَيَّ على الصَّلاة، أَي ائْتُوها واقْرُبوا منها وهَلُوُّ إليها.

  قالَ ابنُ بَرِّي: الذي حَكَاه سِيْبَوَيْه عن أَبي الخَطَّاب حَيَّ هَلَ الصَّلاةَ بنَصْبِ الصَّلاة لا غَيْر، قالَ: ومِثْلُه قَوْلِهم: حَيَّ هَلَ الثريدَ، بالنَّصْبِ لا غَيْر.

  قالَ الجوْهَرِيُّ: ورُبَّما ألحقُوا به الكافَ فقالوا حَيَّ هَلَكَ كما يقالُ رُوَيْدَكَ، والكَافُ للخِطَابِ فَقط، ولا مَوْضِع لها مِن الإِعْرابِ لأَنَّها لَيْسَتْ باسم.

  قالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وسَمِعَ أَبو مَهْدِيَّة الأَعْرَابيُّ رجُلاً يدْعُو بالفارِسِيَّة رجُلاً يقولُ له: زُوذْ، فقالَ: ما يقولُ قلنا يقولُ عَجِّل، فقالَ: أَلا يقولُ: حَيَّ هَلَكَ أَي هَلُّمَّ وتَعالَ ورَوَى الأَزْهَرِيُّ عن ثَعْلَب أَنَّه قالَ: حَيَّ هَل أَي أَقْبِل إليَّ، ورُبَّما حذفَ فقيلَ: هَلا إليَّ.

  قالَ الجوْهَرِيُّ: وهَلاً⁣(⁣١) وهالٍ: زَجْرانِ للخَيْلِ أَي اقْرُبي، هكذا في سائِرِ نسخِ الصِّحاحِ.

  ووَجَدْت في هامِشِه ما نَصّه: صَوابُه قِرِى مخفَّفة لأنَّها إنَّما يقالُ لها تَسْكيناً عنْدَ اضْطِرَابِها.

  قلْتُ: ويُؤَيّد قَوْل الكِسائي: فإذا زدْت فيها أَلِفاً كانت بمعْنَى التَّسْكِين وأَنْشَدَ:

  وأَيّ حَصانٍ لا يُقال له هَلاً

  أَي اسْكُني للزَّوْج، فتأَمَّل ذلِكَ.

  [همل]: الهَمَلُ، محرَّكةً: السُّدَى المَتْروكُ، وما تَرَكَ اللهُ الناسَ هَمَلاً أَي سُدىً بِلا ثوابٍ ولا عِقابٍ، وقيلَ: لم يثْرِكْهم سُدىً بِلا أَمْرٍ ولا نَهْيٍ ولا بَيانٍ لمَا يَحْتاجُون إليه. وفي الصِّحاحِ: الهَمَلُ، بالتَّحريكِ، الإِبِلُ بِلا رَاعٍ، مِثْل النَّفَش، إلَّا أنَّ النَّفَش لا يكونُ إلَّا ليلاً، والهَمَل، يكونُ لَيْلاً ونهاراً، وقد هَمَلَتِ الإِبِلُ تَهْمِلُ، بالكسْرِ، هَمْلاً، فهي هامِلٌ.

  والذي في المُحْكَمِ: هَمَلَتِ الإِبِلِ تَهْمُل، وبَعيرٌ هامِلٌ، ج هَوامِلُ وهَمولَةُ وهامِلَةٌ وهَمَلٌ، محرَّكةً، وهو اسمُ الجَمْعِ كَرائحٍ ورَوَحٍ لأنَّ فاعِلاً ليسَ ممَّا يكسَّرُ على فَعَلٍ. وهُمَّلٌ كرُكَّعٍ ورُخالٍ وضَبَطَه الصَّاغانيُّ بالتَّشْديدِ وهو الصَّوابُ، وسَكْرَى، الأخِيرَةُ عن ابنِ الأعْرَابيّ، وكَذلِكَ الثانِيَة؛ وقالَ الشاعِرُ:

  إنَّا وَجَدْنا طَرَدَ الهَوامِلِ

  خيراً من التَّأْنانِ والمَسائِلِ⁣(⁣٢)

  أَرادَ: إنَّا وَجَدْنا طَرَدَ الإِبِلِ المُهْملة وسَوْقَها سلًّا وسَرِقَة أَهوْن⁣(⁣٣) علينا مِن مَسْأَلةِ الناسِ والتَّباكِي إليهم.

  وفي حَدِيث الحَوْض: «فلا يَخْلُص منهم إلَّا مثل هَمَل النَّعَم»؛ وهي ضَوَالُّ الإِبِلِ.

  وفي حَدِيْث طَهفةً: «ولنا نَعَم هَمَل»، أَي مُهْمَلة لا رِعاءَ لها ولا فيها مَنْ يُصْلحُها ويَهْدِيها فهي كالضَّالَّةِ.

  وفي حَدِيْث قَطَن بنِ حارِثَةَ: «عليهم في الهَمُولةِ الرَّاعِبَة في كلِّ خَمسِيْن ناقةٌ»؛ هي التي أُهْمِلَتْ تَرْعَى بأَنْفسها، ولا تُسْتَعْمل فَعُولَة بمعْنَى مَفْعولةٍ.

  وفي المَثَلِ: اختَلَطَ المَرْعيُّ بالهَمَل، والمَرْعيُّ الذي له رَاعٍ.

  وهَمَلَتْ عَيْنُه تَهْمِلُ وتَهْمُلُ، مِن حَدَّي ضَرَبَ ونَصَرَ، هَمْلاً، بالفتحِ، وهَمَلاناً، محرَّكةً، وهُمولاً، بالضمِ، فاضَتْ وسالَتْ كانْهَمَلَتْ، فهي هامِلَةٌ ومُنْهَمِلَةٌ.

  وهَمَلَتِ السَّماءُ هَمْلاً وهَمَلاناً: داءَ مَطَرُها في سكونٍ وضعفٍ.

  والهِمْلُ، بالكسْرِ: البُرْجُدُ من بَراجِدِ الأَعْرابِ، كذا في المحيطِ.

  وأَيْضاً: البيتُ الخَلَقُ من الشَّعَرِ عن المحيطِ أَيْضاً.


(١) على هامش القاموس: الكلمتان منونتان في النسخ الصحيحة، لكن في الهمع هلا بوزن ألا من غير تنوين: لزجر الخيل عن البطء، ومنه يعلم أن قول المجد، أي: اقربي تفسير باللازم. كذا في الصبيان على الأشموني، وسيأتي له في المعقل هلا بغير تنوين زجر للخيل - كتبه الشيخ نصر، ا هـ.

(٢) اللسان والتهذيب.

(٣) عن اللسان وبالأصل «أعون».