تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جذع]:

صفحة 58 - الجزء 11

  [جذع]: الجَذَع، مُحَرَّكة: قَبْلَ الثَّنِيَّ كما في الصّحاح.

  وقالَ اللَّيْثُ: الجَذَعُ من الدَّوابِّ والأَنْعَامِ: قَبْلَ أَنْ يُثْنِيَ بسَنَةٍ، وهو أَوَّلُ ما يُسْتَطَاعُ رُكُوبُهُ والانْتِفَاعُ به. وهي بهاءٍ.

  قال الجَوْهَرِيُّ وابنُ سِيدَه، والجَذَعُ: اسمٌ له في زَمَنٍ، ولَيْسَ بسِنٍّ تَنْبُتُ أَوْ تَسْقُطُ، زادَ ابنُ سِيدَهْ: وتُعَاقِبُهَا أُخْرَى.

  وقَالَ الأَزْهَرِيُّ: أَمّا الجَذَعُ فإِنَّهُ يَخْتَلِفُ في أَسْنَانِ الإِبِلِ والخَيْلِ والبَقَرِ والشَّاءِ، ويَنْبَغِي أَنْ يُفَسَّر قَولُ العَرَبِ فيه تَفْسِيراً مُشْبَعاً، لحَاجَةِ النَّاسِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ في أَضاحِيهِمْ وصَدَقاتِهِم وغَيْرِها.

  فأَمَّا البَعِيرُ فإِنَّهُ يُجْذِع لِاسْتِكْمَالِه أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ، ودُخُولِهِ في السّنَةِ الخَامِسة، وهو قَبْلَ ذلِكَ حِقٌّ، والذَّكَرُ جَذَعٌ، وِالأُنْثَى جَذَعةٌ، وهي الَّتِي أَوْجَبَهَا النَّبِيُّ ÷ في صَدَقَةِ الإِبِلِ إِذا جَاوَزَتْ سِتّينَ، ولَيْسَ في صَدَقَاتِ الإِبِلِ سِنٌّ فَوْقَ الجَذَعَةِ، ولا يُجْزِئُ الجَذَعُ من الإِبِلِ في الأَضَاحِي.

  وأَمّا الجَذَعُ⁣(⁣١) في الخَيْلِ، فقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ، إِذَا اسْتَتَمَّ الفَرَسُ سَنَتَيْنِ ودَخَلَ في الثَّالِثَةِ فهو جَذَعٌ، وإِذا اسْتَتَمَّ الثالِثَةَ ودَخَلَ في الرَّابِعَةِ فهو ثَنِيٌّ.

  وأَمَّا الجَذَعُ من البَقَرِ، فقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ: إِذا طَلَع قَرْنُ العِجْلِ وقُبِضَ عَلَيْهِ فهو عَضْبٌ، ثُمَّ هو بَعْدَ ذلِكَ جَذَعٌ، وبَعْدَهُ ثَنِيٌّ، وبَعْدَهُ رَبَاعٌ⁣(⁣٢)، وقِيلَ: لا يَكُونُ الجَذَع مِن البَقَرِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ سَنَتَانِ، وأَوَّل يَوْمٍ مِن الثَّالِثَةِ⁣(⁣٣)، ولا يُجْزِئُ الجَذَعُ مِن البَقَرِ في الأَضَاحِي.

  وأَمّا الجَذَعُ مِن الضَّأْنِ فإِنَّهُ يُجْزِئُ في الضَّحِيَّةِ.

  وقَدْ اخْتَلَفُوا في وَقْتِ إِجْذَاعِهِ: فقالَ أَبو زَيْدٍ في أَسْنَانِ الغَنَمِ، المِعْزى، خاصَّةً، إِذا أَتَى عَلَيْهَا الحَوْلُ فالذَّكَرُ تَيْسٌ، والأُنْثَى عَنْزٌ، ثم يَكُونُ جَذَعاً في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، والأُنْثَى جَذَعَةٌ، ثم ثَنِيّاً في الثّالِثَةِ، ثم رَبَاعِياً في الرّابِعَةِ، ولم يَذْكُرِ الضَّأْنَ.

  وقَالَ ابنُ الأَعْرَبِيّ: الجَذَعُ من الغَنَمِ لسَنَةٍ، ومِنَ الخَيْلِ لسَنَتَيْن⁣(⁣٤)، قالَ: والعَناقُ تُجْذِعُ لسَنَةٍ، ورُبّمَا أَجْذَعَتِ العَنَاقُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ للخِصْبِ، فتَسْمَن، فيُسْرعُ إِجْذاعُهَا، فهي جَذَعَةٌ لِسَنَةٍ، وثَنِيَّةٌ لِتَمامِ سَنَتَيْنِ. وقَاعل ابْنُ الأَعْرَابِيّ⁣(⁣٥) في الجَذَعِ من الضَّأْنِ: إِنْ كانَ ابْنَ شَابَّيْن أَجْذَعَ لسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَى سَبْعَةِ أَشْهُرٍ، وإِنْ كَانَ ابْنَ هَرِمَيْنِ أَجْذَعَ لِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ إِلَى عَشرَةِ أَشْهُرٍ. وقَدْ فَرَّقَ ابنُ الأَعْرَابِيّ بَيْنَ المَعْزِ والضَّأْنِ فِي الإِجْذاعِ، فجَعَلَ الضَّأْنَ أَسْرَعَ إِجْذاعاً، قال الأَزْهَرِيُّ: وهذا إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ خِصْبِ السَّنَةِ، وكَثْرَةِ اللَّبَنِ والعُشْبِ.

  قالَ: وإِنَّمَا يُجْزِئُ الجَذَعُ من الضَّأْنِ في الأَضَاحِي لأَنَّهُ ينْزُو فيُلْقِحُ، قالَ: وهو أَوَّلُ ما يُسْتَطاعُ رُكُوبُهُ. وإِذا كانَ من المِعْزَى لَمْ يُلْقِح حَتَّى يُثْنِيَ. وقِيلَ: الجَذَعُ من المَعْزِ لِسَنَةٍ، ومِن الضَّأْنِ لثَمانِيَةِ أَشْهُرٍ أَوْ لتِسْعَةٍ⁣(⁣٦). وقِيلَ لابْنَةِ الخُسِّ: هَلْ يُلْقِحُ الجَذَعُ، قالَتْ: «لا، ولا يَدَع».

  وِالجَذَع: الشَّابُّ الحَدَثُ. ومِنْهُ قَوْلُ وَرَقَةَ بنِ نَوْفَلٍ:

  يا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعْ

  أَيْ لَيْتَني أَكُونُ شَابّا حينَ تَظْهَر نُبوَّتُه حَتَّى أُبَالِغُ في نُصْرَته.

  وقَالَ درَيْد بنَّ الصِّمَّة:

  يَا لَيْتَني فيهَا جَذَعْ ... أَخُبَّ فيها وأَضَعْ

  أَقُود وَطْفاءِ الزَّمَعْ ... كأَنَّهَا شاةٌ صَدَعْ

  ج: جذَاعٌ، بالكَسْر، وجذْعانٌ، بالضَّمِّ، كما في الصّحاح. وفي اللِّسَان: والجَمْعُ جُذْعٌ وجذْعانٌ، الأخير بالكَسْر وبالضَّمِّ. قُلْتُ: الضَّمُّ عَنْ يُونُسَ، وفي العُبَابِ: وزاد يُونُسُ جُذَاعُ، بالضَمّ، وأَجْذاعٌ، وجَمْعُ الجَذَعَةِ جَذَعَاتٌ.

  وِمِن المَجَازِ: «أَهْلَكَهُمُ الأَزْلَمُ الجَذَعُ، أَيْ الدَّهْرُ، قال لَقِيطٌ الإِيَادِيّ:

  يا قَوْم - بَيْضَتَكُمْ لا تُفْضَحُنَّ بِهَا ... إِنِّي أَخافُ عَلَيْهَا الأَزْلَمَ الجَذَعَا

  كَذَا فِي الصّحاحِ.


(١) في التهذيب: «من الخيل».

(٢) العبارة في التهذيب، وهو قول الأصمعي، والأصل كاللسان عن ابن الأَعرابي.

(٣) هو قول عتبة بن أبي حكيم كما في التهذيب.

(٤) زيد في التهذيب: ومن الإبل لأربع سنين.

(٥) كذا بالأصل واللسان وفي التهذيب، سمعت ابراهيم الحربي يقول في ..

(٦) هذا قول الأصمعي، نقله في التهذيب.