تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قول]:

صفحة 637 - الجزء 15

  والقَنْقَلُ: الرَّجُلُ الثَّقيلُ الوَطْءِ، كما في النسخِ.

  وفي العُبَابِ: الثَّقيلُ الوَخمُ⁣(⁣١).

  والقَنْقَلُ: اسمُ تاجٍ لكِسْرَى، كما في الصَّحاحِ؛ قيلَ: أَتَى به عُمَرُ بنُ الخَطَّاب وأَلْبَسه سَراقَة بن مالِكٍ مع السِّوَارَيْن، نَقَلَه شيْخُنا، وفي الخَبَرِ أَنَّه كان تاجُ كِسْرَى مِثْل القَنْقَل العَظيمِ.

  [قول]: القَوْلُ: الكَلامُ على التَّرْتِيب، أَو كُلُّ لَفْظٍ مَذَلَ به اللّسانُ تاماً كانَ أَو ناقِصاً؛ تقولُ: قالَ قَوْلاً، والفاعِلُ: قائِلٌ، والمَفْعولُ: مَقُول.

  وقالَ الحَراليُّ: القَوْلُ إِبْداءُ صُوَرِ التَّكَلُّم نُظْماً بمنْزِلَة ائْتِلاف الصُّور المَحْسُوسَة جمْعاً، فالقَوْلُ مَشْهود القَلْب بوَاسِطَة الأُذُنِ. كما أَنَّ المَحْسوسَ مَشْهودُ القَلْبِ بوَاسِطَة العَيْن وغيرِها.

  وقالَ الرَّاغِبُ: القَوْلُ يُسْتَعْمَل على أَوْجهٍ: أَظْهَرُها أَنْ يكونَ للمُرَكَّب مِن الحُرُوف المَنْطُوق بها مُفْرداً كانَ أَو جُمْلةً.

  والثاني يقالُ للمتصور في النَّفْسِ قبْلَ التَّلَفُّظ قَوْلٌ، فيُقالُ: في نفْسِي قَوْلٌ لم أُظْهره.

  والثالِثُ: الاعْتِقادُ نَحْو: فلانٌ يقولُ بقَوْلِ الشافِعِيّ.

  والرَّابعُ: يقالُ للدَّلالَةِ على الشَّيءِ نَحْو:

  امْتَلأ الحوض فقالَ قَطْني⁣(⁣٢)

  والخامِسُ: يقالُ للعِنَايةِ الصَّادِقَة بالشيءِ، نَحْو: فلانٌ يقولُ بكذا.

  والسادِسُ: يَسْتَعْملُه المَنْطِقيُّون فيَقولون: قَوْل الجَوْهر كذا وقَوْل العَرض كذا، أَي حَدّهما.

  والسابعُ في الإِلْهامِ، نَحْو: {قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمّا أَنْ تُعَذِّبَ}⁣(⁣٣)، فإِنَّ ذلِكَ لم يُخاطَبْ به بل كانَ إِلْهاماً فسُمِّي قَوْلاً، انتَهَى.

  وقالَ سِيْبَوَيْه: واعلم أَنَّ قلْت في كَلامِ العَرَبِ إِنَّما وَقَعَتْ على أَنْ تَحْكِي بها ما كان كَلاماً لا قَوْلاً، يعْنِي بالكَلامِ الجُمَل كقَوْلِك: زَيْدٌ مُنْطلِق وقامَ زَيْدٌ، ويعْنِي بالقَوْلِ الأَلْفاظَ المُفْردة التي يُبْنى الكَلامُ منها كزَيْدٍ مِن قَوْلِكَ زَيْدٌ مُنْطلِق؛ وأَمَّا تَجَوُّزهم في تَسْمِيتهم الاعْتِقادَات والآرَاءُ قَوْلاً فلأَنَّ الاعْتِقادَ يخْفَى فلا يُعْرَف إِلَّا بالقَوْل، أَو بمَا يقومُ مقامَ القَوْل مِن شاهِدِ الحالِ، فلمَّا كانت لا تَظْهر إِلَّا بالقَوْل سُمِّيت قَوْلاً إِذا كانت سَبَباً له، وكان القَوْلُ دَليلاً عليها، كما يسمَّى الشيءُ باسمِ غيرِه إِذا كان مُلابِساً له وكان القَوْلُ دَليلاً عليه، وقد يُسْتَعْمَل القَوْلُ في غيرِ الإِنْسانِ؛ قالَ أَبو النَّجْم:

  قالت له الطيرُ تقدَّم راشِدا

  إِنَّك لا ترجِعُ إِلَّا حامِدا⁣(⁣٤)

  وقالَ آخَرُ:

  قالت له العينانِ سَمعاً وطاعَةً

  وحدَّرتا كالدُّرِّ لمَّا يُثَقَّب⁣(⁣٥)

  وقالَ آخَرُ:

  بينما نحن مُرْتعُون بفَلْج

  قالت الدُّلَّح الرِّواءُ إِنِيهِ⁣(⁣٦)

  إِنِيهِ: صَوْت رَزَمة السَّحابِ وحَنِين الرَّعْد. وإِذا جَازَ أَن يسمَّى الرَّأْي والاعْتِقاد قَوْلاً، وإِن لم يكُنْ صَوْتاً، كان تَسْمِيتهم ما هو أَصْوات قَوْلاً أَجْدَر بالجَوازِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الطَّيرَ لها هَدِير، والحَوْض له غَطِيط، والسَّحابَ له دَوِيٌّ؛ فأَمَّا قولُه:

  قالت له العَيْنان سَمْعاً وطاعَةً

  فإِنَّه وإِن لم يكُنْ منهما صَوْت، فإِنَّ الحالَ آذَنَتْ بأَن لو كانَ لهما جارِحَةُ نُطْقٍ لقالَتَا سَمْعاً وطاعَةً.

  قالَ ابنُ جنيِّ: وقد حَرَّر هذا المَوْضع وأَوْضَحَه عَنْترةُ بقوْلِهِ:

  لو كان يَدْرِي ما المُحَاوَرة اشْتَكَى

  أَو كان يَدْرِي ما جوابُ تَكَلُّم⁣(⁣٧)


(١) وفي التكملة: الوطء.

(٢) المفردات بدون نسبة.

(٣) الكهف الآية ٨٦.

(٤) اللسان بدون نسبة.

(٥) اللسان بدون نسبة.

(٦) اللسان.

(٧) ديوانه ط بيروت ص ٣٠ برواية: