تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قدحس]:

صفحة 407 - الجزء 8

  وتقول⁣(⁣١): ما أَنا إِلاّ قَبْسَةٌ من نَاركَ.

  وقَبَسْتُه عِلْماً وخَيْراً، وأَقْبَسْتُهُ، وقيل: أَقْبَسْتُه فقط، قالَه الزَّمَخْشريّ.

  ويقالُ: هذه حُمَّى قَبَس، فَسَّرَه الصاغانيّ فقال: حُمَّى عَرَضٍ، وخالفه الزَمَخشريّ فقال: أَي لا حُمَّى عَرَضٍ، أَي اقْتبَسَها من غيْرِه ولم تَعْرِضْ له من نَفْسِه، وهو مَجَازٌ.

  وقَبَسَ النّارَ: أَوْقدَهَا، نقله ابنُ القطَّاع.

  وقَبِسَّةٌ، بفتح القاف وكسْر المُوَحَّدَة وتشديد السِّين المَفْتُوحَة: من أَعْمَال بَلَنْسِيَة، منها أَحْمَد بنُ عبد العَزيز بن الفَضْل البَلنْسيُّ القَبِسِّيُّ، قال الحافظُ: ذَكرَه ابنُ⁣(⁣٢) عبد المَلك في التَّكْملة، وضبَطه، وأَرَّخَ مَوْتَه سنة ٥٧٣.

  ومِقْبَاسٌ، كمِحْرَابٍ: في نَسَبِ بُدَيْلِ بنِ سَلَمَة الخُزَاعيِّ الصَّحابيِّ، وهو بُدَيْلُ بنُ سَلَمَة بن خَلَفِ بن عَمْرِو بن مِقْبَاسٍ.

  وقَابوسُ: من قُرَى نَهْرِ مَلِكِ⁣(⁣٣).

  [قدحس]: القُدَاحِس، كعُلَابِطٍ: الشُّجَاعُ الجَرِيءُ.

  وقيل: السَّيِّيءٌ الخُلُقِ، وهذه عن ابن دُرَيْدٍ.

  وقيل: الأَسَد، وهذه عن الصّاغانيِّ.

  وقال أَبو عَمْرٍو: الحُمَارِسُ والرُّمَاحِسُ والقُدَاحِسُ: كُلُّ ذلك منْ نَعْت الجَرِيءِ الشُّجَاعِ، قال: وهي كُلُّها صَحيحَةٌ.

  [قدس]: القُدْسُ بالضّمّ وبضَمتيْن: الطُّهْر، اسمٌ ومَصْدَرٌ، ومنه قيل للْجَنَّة: حَظِيرَةُ القُدُسُ.

  وقُدْسٌ، بالضمّ: جَبَلٌ عَظِيمٌ بنجدٍ قال أَبو ذُؤيبٍ:

  فإِنّك حَقًّا أَيَّ نظْرَةِ عَاشِقٍ ... نَظَرْتَ وقُدْسٌ دُونَها ووَقِيرُ

  ويُرْوَى «وقُفٌّ دوُنهَا» قاله السُّكَّريّ، وبه فُسِّرَ حَديثُ بِلَالِ بن الحَارثِ: «أَنَّه أَقْطعَه حَيْثُ يَصْلُحُ للزَّرْع منْ قُدْس، ولم يُعْطِه حَقَّ مُسْلِمٍ». قلتُ: هكذا ذَكرَوه، والذي في حَديث بِلالٍ هذا: «أَنَّه أَقْطعَهُ مَعَادِنَ القَبَليَّة غَوْرِيَّهَا وجَلْسِيَّهَا وحَيْثُ يَصْلُحُ للزَّرْع من قَرِيسٍ» بالرّاءِ⁣(⁣٤)، كما سَيَأْتِي.

  والقُدْسُ: البَيْتُ المُقَدَّسَ، لأَنَّه يُتَطَهَّر فيه من الذُّنُوب، أَو للبَرَكَةِ الَّتي فيه، قال الشّاعر:

  لا نَوْمَ حَتَّى تَهْبِطِي أَرْضَ العُدُسْ ... وتَشْرَبِي منْ خَيْرِ ماءٍ بقُدُسْ

  أَرادَ الأَرْضَ المُقَدَّسَة.

  والقُدْسُ: سَيِّدنا جِبْريلُ #، كرُوحِ القُدْسُ، وفي الحَديث: «إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي» يَعنيِ جِبْريلَ #؛ لأَنَّهُ خُلِقَ من طَهَارَةٍ، وفي صِفَةِ عِيسَى #: {وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ} الْقُدُسِ⁣(⁣٥) مَعنَاه: رُوحُ الطَّهَارَةِ، وهو جِبْرِيلُ #.

  وقُدْسٌ الأَسوَدُ، وقُدْسٌ الأَبيَضُ جَبَلانِ بالحجاز عِنْد العَرج البَيضاءُ، في دِيَارِ مُزَينة، وقُرْبَ الأَبْيَضِ ثَنِيَّةُ رَكُوبةَ، ويُقابِلُ الأَسْوَدَ جَبَلُ آرَةَ، ويُعْرَفانِ أَيضاً بقُدْسِ آرَةَ⁣(⁣٦)، وقال ابنُ دُرَيْدٍ: قُدْسُ أُوَارَة، بتقديمِ الهَمَزة على الواو.

  والقُدَاس، كغُرَابٍ: شيْءٌ يُعْمَلُ كالجُمَانِ من الفِضَّة، قال الشّاعرُ يَصِفُ الدُّموع:

  تَحَدَّرَ دَمْعُ العَيْنِ منْها فخِلْتُه ... كنَظْمِ قُدَاسٍ سِلْكُه مُتَقَطِّعُ

  شَبَّهَ تَحَدُّرَ دَمْعِه بنَظْمِ القُدَاسِ إِذا انْقَطَع سِلْكُهُ.

  والقُدَاسُ: الحَجَرُ يُنْصَبُ على مَصَبِّ الماءِ في الحَوْض وغيرِه، وقيل: يُنْصَبُ في وَسَطِ الحَوْضِ، إِذا غَمَرَه الماءُ رَوِيَت الإِبلُ، وقد يُفْتَحُ مُشَدَّداً، أَي ككَتَّانٍ، عن ابن دُرَيْد⁣(⁣٧)، ولو قال: كغُرَاب وكَتَّانٍ، سَلِمَ من هذا التَّطْويل، أَنْشَدَ أَبو عَمْرٍو:

  لارِيَّ حَتَّى يَتَوَارَى قَدَّاسْ ... ذاكَ الحُجَيْرُ بالإِزاءِ الخَنّاسْ


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وتقول الخ عبارة الأساس وتقول: ما أنا إلا قبسة من نارك وقبصة من آثارك، وهي من سجعاته».

(٢) بالأصل «أبو» وما أثبت عن المطبوعة الكويتية، انظر ما ذكره محققها بالحاشية.

(٣) في معجم البلدان: نهر الملك بألف ولام.

(٤) قال ابن الأثير: والمشهور المرويّ في الحديث الأول.

(٥) سورة البقرة الآية ٨٧.

(٦) انظر معجم البلدان «قُدْس».

(٧) الجمهرة ٢/ ٢٦٣ واقتصر في التهذيب على الفتح والتشديد.