تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نذر]:

صفحة 517 - الجزء 7

  ونَدرَ الكَلامُ نَدَارةً: غَرُبَ⁣(⁣١).

  والنادِرَة: قَرية باليمَن سُكْنَةُ بني عِيسَى من قَبائلِ عكّ.

  [نذر]: النَّذْرُ النَّحْبُ، وهو ما يَنْذُرُهُ الإِنْسَانُ فيَجعلُه على نَفْسه نَحْباً وَاجِباً، والشافعيُّ ¥ سَمَّى في كتابِ جِرَاحِ العمْدِ ما يَجِب في الجِرَاحات من الدِّيَات نَذْراً. قال: ولُغَة أَهلِ الحجاز كذلك، وأَهلُ العراقِ يُسمُّونه: الأَرْش، كذا في اللسان. وفي التكملة: وهي لغة أَهلِ الحجاز، ج نُذُورٌ، أَو النُّذُورُ: لا تَكون إِلّا في الجِرَاح صِغَارِهَا وكِبَارِهَا، وهي مَعَاقِلُ تلك الجُرُوحِ⁣(⁣٢) يقَال: لي عِنْدَ فُلان، وفي اللّسَان والتّكملةِ: قِبَلَ فُلانٍ نَذْرٌ، إِذا كَان جُرْحاً وَاحِداً له عَقْلٌ، قاله أَبو نَهْشَل، وقال أَبو سَعيد الضَّرِير: إِنما قِيل له نَذْر لأَنّه نُذِرَ فيه، أَي أُوجِبَ، من قَوْلك: نَذَرْت على نفْسي، أَي أَوْجَبتْ. وفي حديث ابن المُسَيِّب أَن عُمَرَ وعُثْمَانَ ® قَضَيَا في المِلْطاة بنِصف نَذْرِ المُوضِحَة.

  أَي بنِصْف ما يَجِب فيها من الأَرْشِ والقِيمَة.

  والنُّذْر، بالضمّ: جِلْدُ المُقْلِ، نقله الصاغَانيّ.

  وقد نَذَرَ على نَفْسِه يَنْذِرُ، بالكَسْر ويَنْذُرُ، بالضّمّ، نَذْراً، بالفَتْح، ونُذُوراً، بالضَّمّ: أَوْجَب*: ونَذَرَ لله سُبْحَانَه وتعالَى كَذا: أَوجَبَه على نَفْسه تَبرُّعاً، من عِبَادَةٍ أَو صَدَقَة أَو غيرِ ذلِك. وفي الكِتَاب العزيز: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً}⁣(⁣٣) قالتْه امرأَةُ عِمْرَانَ أُمّ مَريَم. قال الأَخْفَش: تقول العرب: نَذَر على نَفْسه نَذْراً، أَو نَذَرْت مالِي فأَنَا أَنْذُرُهُ نَذْراً، رَواه عن يُونس عن العَرَب. أَو النَّذْرُ: ما كان وَعْداً على شَرْطٍ، فعَلَيَّ إِنْ شَفَى الله مَرِيضِي كذا نَذْرٌ، وعليَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بدِينَارٍ ليس بنَذْر وقال ابنُ الأَثِير: وقد تكرّر في أَحاديثِ النذر ذِكْرُ النَّهْيِ عنه، وهو تَأْكيدٌ لأَمْرِه وتَحذيرٌ عن التَّهَاوُن به بعدَ إِيجابِه. قال: ولو كان معناه الزَّجْرَ عنه حتى لا يُفْعَلَ لكان في ذلك إِبطالُ حُكْمِه وإِسْقَاطُ لُزُومِ الوفَاءِ به، إِذْ كان بالنَّهْي يَصِيرُ مَعْصِيَةً فلا يَلزَمُ. وإِنّمَا وَجْهُ الحَدِيثِ أَنَّه قد أَعلَمَهم أَنَّ ذلك أَمرٌ لا يَجُرُّ لهم في العاجل نَفْعاً ولا يَصْرِفُ عنهم ضَرراً⁣(⁣٤) ولا يَردُّ قَضاءً. فقال: لا تَنْذُرُوا على أَنّكُم تُدْرِكُون بالنَّذْر شيئاً لم يُقَدِّرْه الله لكم، أَو تَصْرِفون به عنكم ما جَرَى به القَضَاءُ عليكُم، فإِذا نَذَرْتم ولم تَعْتَقِدُوا هذا فاخرُوجوا عنه بالوَفاءِ، فإِنّ الذي نذَرْتُمُوه لازِمٌ لكم.

  والنَّذيرَةُ: ما تُعْطِيهِ، فَعِيلَة بمعنَى مَفْعُولَة. والنَّذِيرَة: اسمُ الوَلَد الذي يَجْعَلُه أَبُوه قَيِّماً أَو خَادِماً لِلْكَنِيسة أَو المُتَعَبَّد، ذَكَراً كان أَو أُنْثَى، وقد نَذَرَهُ أَبُوه أَوْ أُمُّه، والجمْع: النَّذَائِرُ. والنَّذِيرَة من الجَيْشِ: طَلِيعَتُهُم الذي يُنْذِرُهم أَمْرَ عَدُوِّهم، وقد نَذِرَهُ، هكذا في سائر النُّسَخ، والذي في التكملة: يُنذِرهم من الإِنْذَار، فحَقُّه أَن يقول: وقد أَنْذَرَه. وفي اللِّسَان: نَذِيرَةُ الجَيْش: طَلِيعَتُهُم الذي يُنْذِرهم أَمْرَ عَدُوِّهم، أَي يُعْلِمُهُم.

  ونَذِرَ بالشَّيْءِ وكذلك بالعَدُوّ كفَرِح، نَذْراً⁣(⁣٥) عَلِمَهُ فحَذِرَهُ، ومنه الحديثُ «انْذَرِ القَوْمَ» أَي احْذَرْ منهم [واسْتَعِدّ لهم]⁣(⁣٦) وكن منهم على عِلْمٍ وحَذَرٍ. ونقلَ شيخُنا أَنّهُم صَرَّحوا بأَنّه ليس له مَصدرٌ صَريحٌ، ولذلك قالوا: إِنّه مثْلُ عَسَى من الأَفْعَال التي لا مَصَادِرَ لها. وقيل: إِنّهُمْ استغْنَوْا بأَنْ والفِعْلِ عن صَريح الفِعْل، كما في العناية أَثْنَاءَ سُورَة إِبراهيم. قُلتُ: وقد ذَكَر ابنُ القَطّاع له ثَلاثةَ مصادرَ، حَيْثُ قال: نَذَرْتُ بالشيءِ نَذَارَةً ونِذَارَةً ونَذَراً: عَلمْتُه.

  وأَنْذَرَه بالأَمْر إِنْذَاراً ونَذْراً، بالفَتْح عن كُرَاع واللِّحْيَانيّ ويُضَمُّ. وبضمَّتَيْنِ، ونَذِيراً، الأَخير حكاه الزَّجَّاجيّ، أَي أَعْلَمُه، وقيل: حَذَّرَه وخَوَّفَه في إِبْلاغه، وبه فُسِّر قوْلُه تَعالَى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ}⁣(⁣٧) والاسْمُ، أَي من الإِنذار بمعنى التَّخْويف في الإِبلاغ النُّذْرَى، بالضمّ، كبُشْرَى، والنُّذُرُ، بضمَّتَيْن، ومنه قَوْلُه تعَالَى: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ {نُذُرِ}⁣(⁣٨) أَي إِنْذَارِي وقيل: إِنّ النُّذْر اسْمٌ والإِنذار مَصْدرٌ على الصحيح، وقال الزّجّاجيُّ: الجَيِّد أَنّ الإِنْذَارَ المَصْدر والنَّذير الاسْمُ. وقال الزَّجَّاجُ في قَوْله ø: {عُذْراً أَوْ نُذْراً}⁣(⁣٩) قال: معناهما المصْدر، وانْتصابُهما على المفعُول


(١) يعني خروجه عن المعتاد، كما يفهم من الأساس.

(٢) في التهذيب واللسان والتكملة: «الجراح».

(*) في القاموس: أوجبه، كانتذر، ونذر ماله.

(٣) سورة آل عمران الآية ٣٥.

(٤) في النهاية: ضرّاً.

(٥) ضبطت عن اللسان.

(٦) زيادة عن النهاية.

(٧) سورة غافر الآية ١٨.

(٨) سورة القمر الآية ١٨.

(٩) سورة المرسلات الآية ٦.