تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بقو]:

صفحة 209 - الجزء 19

  والبِغْيَةُ في الولدِ؛ نَقِيضُ الرَّشْدَةِ.

  يقالُ: هو ابنُ بِغْيَةٍ؛ وأَنْشَدَ اللّيْثُ:

  لذي رِشْدَةٍ من أُمِّه أَو لبَغِيَّةٍ ... فيَغْلِبُها فَحْلٌ على النَّسْل مُنْجِب⁣(⁣١)

  قالَ الأَزْهرِيُّ: وكَلامُ العَرَبِ هو ابنُ غَيَّة وابنُ زَنَية وابنُ رَشْدَةٍ؛ وقد قيلَ: زِنْيةٍ ورِشْدةٍ، والفتْحُ أَفْصَحُ اللُّغَتَيْن، وأَمَّا غَيَّة فلا يَجوزُ فيه إلَّا الفتْح.

  قالَ: وأَمَّا ابنُ بِغْيَةٍ فلم أَجِدْه لغَيْرِ اللّيْثِ ولا أُبْعِدُه مِن الصَّوابِ.

  وبَغَى يَبْغِي: تَكَبَّرَ وذلِكَ لتَجاوُزِهِ مَنْزِلَتَهُ إلى ما ليسَ له.

  وحَكَى اللَّحْيانيُّ عن الكِسائي: ما لي وللبَغِ بعضُكُم على بعضٍ؛ أَرادَ وللبَغْي ولم يُعَلِّله.

  قالَ ابنُ سِيدَه: وعنْدِي أنَّه اسْتَثْقَل كَسْرةَ الإِعْرابِ على الياءِ فحذَفَها وأَلْقَى حَرَكَتَها على الساكِنِ قَبْلَها.

  وقومٌ بُغاءُ، بالضمِّ مَمْدود، وتَباغَوْا: بَغَى بعضُهم على بعضٍ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ؛ وهو قَوْلُ ثَعْلَب.

  وقالَ اللَّحْيانيُّ: بَغَى على أَخيهِ بَغْياً: حَسَدَهُ.

  قالَ: والبَغْيُ أَصْلُه الحَسَد، ثم سُمِّي الظُّلْم بَغْياً لأنَّ الحاسِدَ يَظْلمُ المَحْسودَ جُهْدَه إراغَةَ زَوالِ نعْمةِ اللهِ عليه منه.

  ومِن أَمْثَالِهم: البَغْيُ عقالُ النَّصْر.

  وبَغَى الجُرحُ يَبْغِي بَغْياً: فَسَدَ وأَمَدَّ ووَرِمَ وتَرامَى إلى فَسَادٍ.

  وبرأ جُرْحُهُ على بَغْيٍ: وهو أَنْ يَبْرأَ وفيه شيءٌ من نَغَلٍ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.

  ومنه حدِيثُ أَبي سَلَمَة: «أَقامَ شَهْراً يُداوِي جُرْحَه فَدَمَلَ على بَغْيٍ ولا يَدْرِي به» أَي على فَسَادٍ.

  وبَغَى الوادِي: ظَلَمَ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ. وحَكَى اللَّحْيانيُّ: يقالُ للمَرْأَةِ الجَمِيلةِ: إنَّك لجميلَةٌ ولا تُباغَيْ، أَي لا تُصَابي بالعَيْن؛ وقد مَرَّ ذلِكَ في بوغ مُفْصّلاً.

  وما بُغِيَ له، كعُنِيَ: أَي ما خِيرَ له.

  وبَغْيَان: مَوْلى أَبي خرقاء السّلَميّ، من ولدِه أَبو زَكريَّا يَحْيَى بن محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ العَنْبِر بنَ عطاء بنِ صالِح ابنِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بن بغيان النَّيْسابُورِيُّ، ويقالُ له العَنْبريُّ والبغيانيُّ، مِن شيوخِ الحاكِمِ أَبي عبدِ اللهِ، تُوفِي سَنَةَ ٣٤٤.

  [بقو]: وبَقاهُ بعَيْنِه بَقاوَةً: نَظَرَ إليه؛ عن اللَّحْيانيِّ نَقَلَهُ ابنُ سِيدَه.

  وبَقَوْتُه: انْتَظَرْتُه، لُغَةٌ في بَقَيْته، والياءُ أَعْلَى.

  وقالوا: ابْقُهْ بَقْوَتَكَ ما لَكَ وبَقاوَتَكَ ما لَكَ أَي: احْفَظْهُ حِفْظَكَ ما لَكَ؛ كذا في المُحْكَمِ والتّكْمِلَةِ.

  [بقي]: ي بَقِيَ يَبْقَى بَقاءً، كرَضِيَ يَرْضَى.

  قالَ شيْخُنا: قضيته أنَّه كضَرِبَ، ولا قائِلَ به، بل المَعْروفُ أنَّه كرَضِيَ.

  وبَقَى بَقْياً، وهذه لُغَةُ بلحارِثِ بنِ كَعْبٍ.

  وقالَ شَيْخُنا: هي لُغَةُ طيِّيءٍ.

  وفي الصِّحاحِ: وطيِّئُ تقولُ بَقَا وبَقَتْ مَكَان بَقِيَ وبَقِيَتْ، وكَذلِكَ أَخَواتها مِنَ المُعْتَلِّ.

  ضِدُّ فَنِيَ.

  قالَ الرَّاغبُ: البَقاءُ ثَباتُ الشَّيءِ على حالِةِ الأُولَى، وهو يُضادُّ الفَنَاء، والباقِي ضَرْبان: باقٍ بنَفْسِه لا إلى مدَّةٍ وهو البَارِي تعالى ولا يصحُّ عليه الفَنَاءُ؛ وباقٍ بغيرِهِ وهو ما عَداهُ ويصحُّ عليه الفنَاءُ؛ والباقِي باللهِ ضَرْبان: باقٍ بشَخْصِه وجزْئِهِ⁣(⁣٢) إلى أنْ يَشاءَ اللهُ أَن يَفْنيه كبَقاءِ الأَجْرامِ السَّماوِيَّةِ، وباقٍ بنَوْعهِ وجنْسِهِ دُونَ شَخْصِه وجزْئِه كالإنْسانِ والحَيَواناتِ، وكذا في الآخِرَةِ باقٍ بشخْصِه كأَهْلِ الجنَّةِ فإنَّهم يَبْقونَ على التَّأْبِيدِ لا إلى مُدَّةٍ، والآخَرُ بنَوْعِه وجِنْسِه كثِمارِ أَهْلِ الجنَّةِ، انتَهَى.


(١) اللسان والتهذيب وفيهما: «لذي رشدة».

(٢) قوله: «وجزئه» ليست في المفردات.