تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صوغ]:

صفحة 45 - الجزء 12

  مِنَ التَّصْحِيفِ لَفُسِّرَ، قال: ولَم يَخْطُرْ بِبالِي الفَحْصُ عَنْ هذا اللَّفْظِ إِبّانَ إِلْبَابِي ببِلادِ الهِنْدِ، وأَوانَ تَرَدُّدِي إِلَيْهَا، فإِنَّ بِهَا نُسَخاً مُتْقَنَةً بِهذا الدِّيوَانِ، وبِسائِر دَوَاوِينِ العَرَبِ، فأَمَّا الآنَ «فقَدْ حِيلَ بَيْنَ العَيْرِ والنَّزَوانِ» ولاتَ حِينَ أَوان، واللهُ المُسْتَعَان:

  حَنَّتْ نَوَارُ ولاتَ هَنّا حَنَّتِ ... وَبَدَا الَّذِي كانَتْ نَوَارُ أَجَنَّتِ

  وقِيلَ: الصَّوابُ الصَّيِّغُ، فَيْعِلٌ مِنْ صاغَ يَصُوغُ، وهُوَ الكَذّابُ الَّذِي يَصُوغُ الكذِبَ ويُزَخْرُفُه، ويُقَرِّظُ الزُّورَ وَيُشَنِّفُه، أَصْلُه صَيْوغٌ، كسَيِّدٍ وصَيِّبٍ، أَصْلُه سَيْوِدٌ وَصَيْوِبٌ، وأَمْثَالُهُما، وهذا الوَجْهُ هُو الَّذِي صَوَّبَهُ الصّاغَانِيُّ وَأَيَّدَهُ.

  [صوغ]: صاغَ الماءُ يَصُوغُ صَوْغًا: رَسَبَ في الأَرْضِ، وَكَذَلِكَ صاغَ الأُدْمُ في الطَّعَامِ: إذا رَسَبَ فِيه، قالَهُ ابنُ شُمَيْلٍ.

  ومِنَ المَجَازِ: صاغَ اللهُ تَعالَى فُلانًا صِيغَةً حَسَنَةً، أي: خَلَقَهُ خِلْقَةً حَسَنَةً، وهُوَ حَسَنُ الصِّيغَةِ أي حَسَنُ العَمَلِ وَقِيلَ حَسَنُ الخِلْقَةِ والقَدِّ، وصِيغَ عَلَى صِيغَتهِ، أيْ: خُلِقَ خِلْقَتَه.

  وصاغَ الشَّيْءَ يَصُوغُه صَوْغًا: هَيَّأَهُ عَلَى مِثَالٍ مُسْتَقِيمٍ وَسَبَكَه عَلَيْهِ فانْصاغَ.

  وهُوَ صَوّاغٌ، وصَائِغٌ، وصَيّاغٌ مُعاقَبَةٌ في لُغَةِ أَهْلِ الحِجَازِ، وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ ¥: «واعَدْتُ صَوّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ» وهُوَ صَوّاغُ الحَلْيِ، قال ابنُ جنِّي: إِنَّمَا قال بَعْضُهُمْ: صَيّاغٌ؛ لأَنَّهُمْ كَرِهُوا الْتِقاءَ الوَاوَيْنِ، لا سِيَّمَا فِيمَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُه، فأَبْدَلُوا الأولى مِن العَيْنَيْنِ ياءً، كما قالُوا في أَمّا أَيْمَا، ونَحْوُ ذلِكَ، فصارَ تَقْدِيرُه: الصَّيْوَاغُ، فلَمَّا التَقَتِ الواوُ والياءُ عَلَى هذا أَبْدَلُوا الوَاوَ لِليَاءِ قَبْلهَا، فقَالُوا: الصَّيّاغ، فإِبْدالُهم العَيْنَ الأولى مِنَ الصَّوّاغِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّها هِي الزَّائِدَةُ؛ لأَنَّ الإِعْلالَ بالزَّائِدِ أَوْلَى مِنْهُ بالأَصْلِ.

  والصِّيَاغَةُ، بالكَسْرِ: حِرْفَتُه وعَمَلُه.

  ويُقَالُ: سِهَامٌ صِيغَةٌ، بالكَسْرِ، أي: مُسْتَوِيَةٌ مِنْ عَمَلِ رَجُلٍ واحِدٍ، وأَصْلُهَا الواوُ، انْقَلَبَتْ ياءً لِكَسْرَةِ ما قَبْلَها، قال العَجّاجُ:

  وصِيغَةً قَدْ رَاشَهَا ورَكَّبَا ... وفارِجاً مِنْ قَضْبِ ما تَقَضَّبَا

  وَقال أَبُو حِزَامٍ العُكْلِيُّ:

  وَمَعِي صِغَةٌ وَخَشاءُ فِيها ... شِرْعَةٌ جَشْرُها حر أَنْ يُكِيسَا

  وَهُوَ مَجَازٌ.

  ويُقَال: هُوَ مِنْ صِيغَةٍ كَرِيمَةٍ أي: من أَصْلٍ كَرِيم وهُوَ مَجَازٌ، نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ وابْنُ عَبّادٍ.

  وهُمَا صَوْغانِ أي: سِيّانِ، أَو هُمَا عَلَى لِدَة واحِدَةٍ، عن ابْن دُرَيْدٍ.

  وقال ابْنُ بُزُرْجَ، وأَبُو عَمْرٍو: وهُوَ صَوْغُ أَخِيهِ، مِثْلُ: سَوْغهِ بالسِّينِ، أي: طَرِيدُهُ، وُلِدَ في أَثَرِه، قال الفَرّاءُ: بَنو سُلَيْمٍ، وهَوازِنُ، وأَهْلُ العالِيَةِ، وهُذيْلٌ، يَقولونَ: هُوَ أَخُوه صَوْغُهُ، بالصَّادِ، قال: وأَكْثَرُ الكَلامِ بالسِّينِ: سَوْغُه.

  ويُقَالُ أَيْضاً: هُوَ صَوْغَةُ أَخِيهِ مِثْلُ سَوْغَةِ أَخِيهِ، وقال ابنُ عَبّادٍ: هِي أُخْتُكَ صَوْغُكَ وصَوغَتُكَ وصاغَ لَهُ الشَّرَابُ: لُغَةٌ في ساغَ بالسِّينِ.

  والصَيِّغُ، كسَيِّدٍ: الكَذّابُ المُزَخْرِفُ حَدِيثَهُ وأَصْلُه صَيْوغٌ، وقد تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وبِه فَسَّرَ الصّاغَانِيُّ قَوْلَ رُؤْبَةَ السّابِقَ في «ص ن غ».

  والصَّيِّغَةُ بهاءٍ: الثَّرِيدَةُ، نَقَلَهُ الفَرّاءُ.

  والأَصْيَغُ: اسمُ وادٍ، ويُقال نَهْرٌ، قال الصّاغَانِيُّ في التَّكْمِلَةِ: وهُوَ غَيْرُ الأَصْبَغِ. قُلْتُ: وفِيهِ نَظَرٌ، والصَّحِيحُ أَنّه تَصْحِيفٌ عَنْهُ⁣(⁣١)، وبَعْضُهُم فَسَّرَ بِه قَوْلَ رُؤْبَةَ السابِقَ في «صبغ»:

  آذِيَّ دُفّاعٍ كسَيْلِ الأَصْيَغِ

  وصِيغٌ: ناحِيَةٌ بخُراسانَ، وقد ذَكَرَهَا المُصَنِّف في


(١) ذكر ياقوت اللفظتين في ترجمتين مختلفتين، وفيه: الأصبع بالباء، اسم وادِ من ناحية البحرين، أما الأصيغ هو وادٍ وقيل ماء، ولم يحدد موقعه.