تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غنظ]:

صفحة 479 - الجزء 10

  ويُقَالُ: طَعَنَهُ في مُسْتَغْلَظِ ذِراعِهِ، ونَكَى فِيهم نِكَايَاتٍ غَلِيظَةً، وهو مَجازٌ.

  والمُغالَظَةُ: شِبْهُ المُعَارَضَةِ.

  [غنظ]: غَنَظَه الأَمْرُ يَغْنِظُهُ غَنْظاً، من حَدِّ ضَرَبَ: جَهَدَهُ وشَقَّ عَلَيْه، فهو مَغْنُوظٌ، كما في الصّحاح، قال الشاعِرُ:

  إِذا غَنَظُونا ظَالِمِينَ أَعَانَنَا ... عَلَى غَنْظِهِم مَنٌّ مِنَ الله وَاسِعُ

  والغَنْظُ، بالفَتْحِ: الكَرْبُ الشَّدِيدُ والمَشَقَّةُ. وفي الصّحاح: أَشَدُّ الكَرْبِ. قُلْتُ: وهو قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ. وقالَ ابنُ فارِسٍ: هو الهَمُّ اللاَّزِمُ، يُقَالُ: غَنَظَهُ الهَمُّ، أَيْ لَزِمَهُ.

  ويُحَرَّكُ، عن ابنِ دُرَيْدٍ، وفي حَدِيثِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ، وقَدْ ذَكَرَ المَوْتَ فقال: «غَنْظٌ لا كالغَنْظِ، وكَظٌّ لَيْسَ كالكَظِّ».

  والغَنْظُ: هو أَنْ يُشْرِفَ علَى الهَلَكَةِ. وفي الصّحاح:

  وكانَ أَبو عُبَيْدة يقول: الغَنْظ: هو أَنْ يُشْرِفَ على المَوْتِ من الكَرْبِ، ثُمَّ يُفْلِتَ مِنْهُ، قال الشاعِرُ - وهو مَسْرُوحُ بْنُ أَدْهَمَ النَّعامِيّ ويُقَالُ الكَلْبِيّ، وقِيلَ هو لجَرِير:

  ولَقَدْ لَقِيتَ فَوَارِساً مِنْ رَهْطِنا ... غَنَظُوكَ غَنْظَ جَرادَةِ العَيّارِ

  ولَقَدْ رَأَيْتَ مَكانَهُمْ فَكَرِهْتَهُم ... ككَراهَةِ الخِنْزِيرِ للإِيغارِ⁣(⁣١)

  العَيّارُ: اسمُ رَجُلٍ. وجَرادَةُ: فَرَسُهُ. وقِيلَ: العَيّارُ: أَعْرَابِيٌّ صادَ جَرَاداً، وكانَ جائِعاً، فأَتَى بِهِنَّ إِلى رَمادٍ، فدَسَّهُنَّ فيه، وأَقْبَلَ يُخْرِجُهُنَّ مِنْهُ وَاحِدَةً وَاحِدَةٍ، فَيَأْكُلُهُنَّ أَحْيَاءً ولا يَشْعُرُ بِذلِكَ من شِدَّةِ الجُوعِ، فآخِرُ جَرَادَةٍ مِنْهُنَّ طارَتْ، فقالَ: والله إِنْ كُنْتُ لأُنْضِجُهُنَّ. فضُرِبَ ذلِكَ مَثَلاً لِكُلِّ من أَفْلَتَ من كَرْبٍ. وقِيلَ: جَرَادَةُ العَيَّارِ: جَرادَةٌ وُضِعَتْ بَيْنَ ضِرْسَيْهِ فأَفْلِتَتْ، أَرادَ أَنَّهُمْ لَازَمُوكَ وغَمُّوكَ بشِدَّةِ الخُصُومَةِ. وقِيلَ: العَيّارُ كَانَ رَجُلاً أَعلَمَ، أَخَذَ جَرَادَةً لِيَأْكُلَهَا فأُفْلِتَتْ من عَلَمِ شَفَتِهِ، أَي كُنْتَ تُفْلَتُ كَمَا أُفْلِتَت هذِه الجَرَادَةُ.

  والغنِيظُ، كَأَمِيرٍ: البُسْرُ يُقْطَع من النَّخْلِ بَعْدَ ما يَصْفَرُّ أَو يَحْمَرُّ فيُتْرَكُ حَتّى يَنْضَجَ في عُذُوقهِ إِذا قُطِعَتِ النَّخْلَةُ، نَقَلَه الصّاغَانِيّ⁣(⁣٢) عن أَبِي عَمْرٍو.

  ورَجُلٌ غِنْظِيَانٌ، بالكَسْرِ: فَاحِشٌ بَذِيٌّ، عن الأَصْمَعِيّ، لُغَةٌ في العَيْنِ المُهْمَلَةِ: وكَذلِكَ غَنْظَى بِهِ، مِثْلُ عَنْظَى، بالعَيْنِ، إِذا نَدَّدَ بِهِ، وأَسْمَعَهُ ما يَكْرَهُ.

  وفَعَل ذلِكَ غَنَاظَيْكَ بالفَتْح، ويُكْسَر، هكَذَا مُقْتضَى سِيَاقِهِ وهو خَطَأٌ، فإِنَّ المَرْوِيَّ عن اللِّحْيَانيّ غَنَاظَيْكَ وعَنَاظَيْكَ، أَي «بالغَيْنِ والعَيْنِ»، أَيْ لِيَشُقَّ عَلَيْكَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، هكَذَا في اللِّسَان، وقَدْ أَهْمَلَهُ في «عنظ» واسْتَدْرَكْنَاه عَليه.

  * وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

  الغِنَاظُ، ككِتَابٍ: الجَهْدُ والكَرْبُ. قال الفَقْعَسِيّ:

  تَنْتِحُ ذِفْراهُ من الغِنَاظِ

  ويَغْنُظُ، كيَنْصُرُ: لُغَةٌ فِي يَغْنِظُ، كيُضْرِبُ.

  وأَغْنَظَهُ الهَمُّ: لَزِمَهُ، لُغَةٌ في غَنَظَهُ، نَقَلَهُ اللَّيْثُ. وغَنَظَهُ غَنْظاً: مَلَأهُ غَيْظاً: ويُقَالُ أَيْضاً: غَانَظَهُ غِنَاظاً: شاقَّةُ، وَرَجُلٌ مُغانِظٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وأَنْشَدَ للرّاجِز:

  جافٍ دَلَنْظَى عَرِكٌ مُغانِظُ ... أَهْوَجُ إِلاّ أَنَّهُ مُمَاظِظُ

  وقال رُؤُبَةُ، ويُرْوَى لِلْعَجّاج:

  تَواكَلُوا بالمِرْبَدِ الغِنَاظا

  ويُرْوَى: الخِنَاظَا، وقَدْ تَقَدَّمَ.

  وهُوَ أَغْنَظُهُمْ: أَشَدُّهُمْ كَرْباً، وقالَ رُؤْبَةُ، ويُرْوَى لِلْعَجَّاجِ:

  وسَيْف غَيَّاظٍ لَهُمْ غِنَاظا ... نَعْلُو بِهِ ذَا العَضَلِ الجَوّاظا

  الأَوَّلُ بالياءِ، والثَّانِي بالنُّونِ، ويُرْوَى «يَعْلُو بِهِ» وقد تَقَدَّم، وسَيَأْتي أَيْضاً.


(١) نسب البيتان في اللسان لجرير، وليسا في ديوانه، ونسبا في التاج «جرد» لأدهم النعامي الكلبي.

(٢) لم ترد العبارة في التكملة، ونبه بهامشها إلى أنها عن العباب.