تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سدف]:

صفحة 266 - الجزء 12

  وبَلِيَ، وقَدْ مَرَّ قَرِيباً من قَوْلِ اللَّيْثِ: إنَّ السُّخْفَ مَخْصُوصٌ في العقَلِ، والسّخافَةَ عامٌّ في كُلِّ شَيْءٍ، فالمُناسِبُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرُ سَخُفَ السِّقاءُ سَخافَةً، كَكَرامةٍ، فتَأَمَّلْ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  أَسْخَفَ الرَّجُلُ: قَلَّ مَالُه ورَقَّ، قال رُؤْبَةُ:

  وإِنْ تَشَكَّيْتُ مِنَ الْإِسْخَافِ

  وَقالوا: ما أَسْخَفَهُ! قال سِيبَوَيْه: وَقَعَ التَّعَجُّبُ فيه ما أَفْعَلَهُ، وإن كانَ كالخُلُقِ، لأَنَّه ليس بلَوْنٍ ولا بِخِلْقَةٍ فيه، وَإِنَّمَا هو من نُقْصَانِ العَقْلِ وقد ذُكِرَ ذلك في بَابِ الحُمْقِ.

  وَسَحابٌ سَخِيفٌ: رَقِيقٌ، وعُشْبٌ سَخِيفٌ، كذلك.

  وَنَصْلٌ سَخِيفٌ: طَوِيلٌ عَرِيضٌ، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.

  وَسَخَّفَهُ الجُوعُ، تَسْخِيفاً، كما في الأَسَاسِ.

  [سدف]: السَّدْفَةُ، بالفَتْحِ، ويُضَمُّ: الظُّلْمَةُ، تَمِيمَّيةٌ، وَفي الصَّحاحِ: قال الْأَصْمِعيُّ: هي لُغَةُ نَجْدٍ.

  والسَّدْفَةُ أَيضاً، بلُغَتَيْه: الضَّوْءُ، قَيْسِيَّةٌ، وَفي الصِّحاحِ: وفي لُغَةِ غيرِهِم: الضَّوْءُ، والذي نَقَلَهُ المُصَنِّفُ هو قَوْلُ أَبي زَيْدٍ في نَوَادِرِه⁣(⁣١)، ضِدُّ، صَرَّح به الجَوْهرِيُّ وَغَيْرُه وفي شَرْحِ شَيْخِنَا، قلتُ: لا تَضَادَّ مع اخْتِلافِ اللُّغَتَيْن، كما قالَهُ جَمَاعَةٌ، وأُجِيبَ بإِنَّ التَّضَادَّ باعْتِبَارِ اسْتِعْمَالِنَا، إِذْ لا حَجْرَ علينا، على أنَّ العَرَبِيَّ يَتَكَلَّمُ بلُغَةِ غيرِه، إذا لَم تَكُنْ خَطَأً، فتَأَمَّلْ، أَو سُمِّيَا بِاسْمٍ، لأَنَّ كُلًّا يَأْتِي علَى الْآخَرِ، كَالسَّدَفِ، مُحَرَّكَةً، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وهو أَيضاً مِن الأَضْدادِ، والجَمْعُ: أَسْدَافٌ، قال أَبو كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ:

  يَرْتَدْنَ سَاهِرَةً كَأَنَّ جَمِيمهَا ... وَعَمِيمَهَا أَسْدَافُ لَيْلٍ مُظْلِمِ⁣(⁣٢)

  [السَّدْفَةُ]: اخْتِلَاطُ الضَّوْءِ والظُّلْمَةِ مَعاً، كوَقْتِ ما بَيْنَ طُلُوع الفجِر إِلَى أَوَّلِ الإِسْفَارِ، حَكاهُ أَبو عُبَيْدٍ، عن بعضِ اللُّغَوِيِّين، ونَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ، وقالَ عُمَارَة: السَّدْفَةُ: ظُلْمَةٌ فيها ضَوْءٌ مِن أَوَّلِ اللَّيْلِ وآخِرِه: ما بَيْنَ الظُّلْمَةِ إِلَى الشَّفَقِ، وما بَيْنَ الفَجْرِ إلى الصَّلاةِ، قال الأَزْهَرِيُّ: وَالصحيحُ ما قَالَهُ عُمَارَة.

  والسَّدْفَةُ، والسُّدْفَةُ: الطَّائِفَةُ من اللَّيْلِ، وَقال اللِّحْيَانِيُّ: أَتَيْتُه بسُدْفَةٍ، أي: في بَقِيَّةٍ من اللَّيْلِ.

  والسُّدْفَةُ، بِالضَّمِّ: البَابُ، وَمنه قَوْلُ امْرَأَةٍ مِن قَيسٍ تَهْجُو زَوجَها.

  لَا يَرْتَدِي مَرَادِيَ الْحَرِيرِ ... ولَا يَرَى بِسُدْفَةِ الْأَمِيرِ⁣(⁣٣)

  أَو سُدَّتُهُ.

  وقيل: هي سُتْرَةٌ أَو شَبِيهَةٌ بالسُّتْرَةِ، تَكُونُ بالْبَابِ، أي: عليه، تَقِيهِ مِن الْمَطَرِ ولو قال: تَقِيهِ المَطَرَ، لكَانَ أخْصَرَ.

  والسَّدَفُ، مُحَرَّكَةً: الصُّبْحُ، وبه فَسَّرَ أَبو عمرٍو قَوْلَ ابنِ مُقْبِلٍ:

  وَلَيْلَةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِدَهَا ... بصُدْرَةِ العَنْسِ حتى تَعْرِفَ السَّدَفَا

  قال: أي أَسِيرُ حتى الصُّبْحِ، وقال الفَرَّاءُ، السَّدَفُ: إِقْبَالُهُ، أي: الصُّبْح، وأَنْشَدَ لسَعْدٍ القَرْقَرَةِ:

  نَحْنُ بِغَرْسِ الْوَدِيِّ أَعْلَمُنَا ... مِنَّا بِرَكْضِ الْجِيَادِ في السَّدَفِ

  قال المُفضِّلُ: سَعْدٌ القَرْقَرَةُ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَجَرَ، وكان النُّعْمَانُ يَضْحَكُ منه، فدَعَا النُّعْمَانُ بفَرَسِهِ «اليَحْمُومِ» وقال له: ارْكَبْهُ، واطْلُبِ الوَحْشَ، فقَالَ سعدٌ: إِذَنْ والله أُصْرَعُ، فَأَبَى النُّعْمَانُ إِلَّا أَنْ يَرْكَبه، فلمَّا رَكِبَه سَعْدٌ نَظَرَ إلى بَعْضِ وَلَدِهِ، وقال: «وَا بِأَبِي وُجُوهُ اليَتَامَى»، ثم قال البيتَ، وَالوَدِيُّ: صِغَارُ النَّخْلِ، ومنا: أي فِينَا.

  وَفي حديثِ أَبي هُرَيْرَةَ ¥: «فَصَلِّ الْفَجْرَ إِلَى السَّدَفِ»، أي: إِلَى بَيَاضِ النَّهَارِ.

  والسَّدَفُ أَيضاً: سَوَادُ اللَّيْلِ، كَالسُّدْفَةِ، بالضَّمِّ، وهذا تقدَّم، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لحُمَيْدٍ الأَرْقَطِ:

  وسَدَفُ الْخَيْطِ الْبَهِيمِ سَاتِرُهْ


(١) نقله الأزهري في التهذيب عن أبي زيد وعن أبي محمد اليزيدي.

(٢) ديوان الهذليين ٢/ ١١١ وفسر الساهرة بالأرض والعميم: المكتهل التام من النبت. والجميم: النبت الذي قد نبت وارتفع قليلاً ولم يتم كل التمام.

(٣) التهذيب برواية: «برادي» بدل «مرادي».