تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قيس]:

صفحة 434 - الجزء 8

  يَذكُر اسمَ وَلَدِه هذا، وإِنَّمَا قال: قالَتْه لابن قَهْوَسٍ، رجُلٍ من بَني تَيْمٍ⁣(⁣١).

  وقال الفَرّاءُ: القَهْوَسُ: كجَرْوَلٍ: الرَّجُلُ الطَّوِيلُ، كالسّهْوَق والسَّوْهَق. قال شَمِرٌ: الأَلْفَاظُ الثَّلاثَةُ بمَعْنًى وَاحدٍ في الطُّول والضِّخَم، والكَلمَةُ وَاحدَةٌ، إِلا أَنّهَا قُدِّمتْ وأُخِّرَتْ، كما قَالُوا: عُقَابٌ عَقَنْبَاةٌ، وعَبَنْقَاةٌ⁣(⁣٢).

  وقال ابنُ عَبّادٍ: القَهْوَسُ: هو التَّيْسُ الرَّمْليُّ الطَّويلُ والضّخْمُ القَرْنَيْن، هكذا بواو العطْف في سائر النُّسَخ، وفي التَّكْملَة إِسقاطُهَا.

  والقَهْوَسُ الرَّجُلُ الطَّويلُ، لأَنَّه ينْحَنِي ويحْدَوْدِبُ، وقيلَ: لأَنَّه يَتَقَهْوَسُ إِذَا جَاءَ مُنْحَنِياً يَضْطَرِبُ، قالهُ ابنُ عَبّادٍ. وهو قولُ الفَرّاءِ بعَيْنه، وذِكْرُه ثانياً تَكْرَارٌ لا يَخْفَى.

  والتَّقَهْوُسُ: السُّرْعَةُ في العَدْوِ، كالقَهْوَسَة، وقالَ ابنُ فارسٍ: هذا مُمْكنٌ أَنْ تَكُونَ هاؤُه زائدَةً، كأَنَّه يَتَقَوَّسُ.

  وهو أَيْضاً: أَنْ يَمْشِيَ مُنْحَنِياً مُضْطَرِباً، يقال: جاءَ يَتَقَهْوَسُ.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

  القَهْوَسَةُ: عَدْوٌ من فَزَعٍ، وبه سُمِّيَ الرجُلُ، قالَهُ ابنُ دُريْدٍ.

  وتَقَهْوَسَ الرَّجُلُ: احْدَوْدَبَ.

  [قيس]: قَاسَه بغَيرِه وعليه، أَي على غيرِه، يَقِيسُه قَيْساً وقِيَاساً، الأَخير بالكَسْر، واقْتاسَه، وكذا قَيَّسَه، إِذا قَدَّرَه علَى مِثَالِه، ويَقُوسُه قَوْساً وقِيَاساً: لغَةٌ في يَقِيسه، وقد تَقَدَّم، فانْقَاسَ، وقال شَيْخُنَا: ذَكرَ الأَبْهَريُّ - كما في حَوَاشِي العَضُد - أَنه عُدِّيَ بعَلَى لتَضَمُّنه مَعْنَى البنَاءِ، وكلامُ المصَنِّفِ ظاهرٌ من خِلافهِ، وأَنَّ تَعْدِيَتَه بعلَى أَصْلٌ، كغَيْره من الأَفْعَال الَّتي تَتَعدَّى بها، على أَنَّ تَعْدِيةَ البنَاءِ بعَلى كلامٌ لأَهْل العَرَبيَّة، وأَمَّا تَعْديتُه بإِلَى في قَوْل المتَنَبِّي:

  بمَنْ أَضْرِب الأَمْثَالَ أَمْ مَنْ أَقِيسه ... إِلَيْكَ وأَهْلُ الدَّهْرِ دُونَكَ والدَّهْرُ

  فلتَضَمُّنه مَعْنَى الضَّمِّ والجَمْع، كما قالَه الوَاحِديُّ وغيرُه من شُرّاح دِيوانه.

  والمِقْدَار مِقْيَاسٌ، لأَنَّهُ يُقَدَّر به الشَّيْءُ ويُقَاس، ومنه مِقْيَاسُ النِّيلِ، وقد نُسِب إِليه أَبو الرَّدَّاد عبدُ الله بنُ عبد السَّلام المِقْيَاسيُّ، وبَنُوه.

  ومن المَجَاز: يقَال: بَيْنَهُمَا قِيسُ رُمْحٍ، بالكسْر، وقَاسُه، أَي قَدْرُه، كما يُقَالُ: قِيدُ رُمْحٍ، ويُقَال: هذه الخَشَبَةُ قِيسُ أُصْبُعٍ، أَي قَدْرُ أُصْبُعٍ.

  وقَيْسُ عَيْلانَ، بالفَتْح، هكذا بالإِضافَة: أَبو قَبيلَةٍ، واسمُه النَّاسُ بنُ مُضَرَ أَخو الْيَاسِ، وكانَ الوَزيرُ المَغْرِبيّ يقول: النّاسُّ مُشَدَّدُ السِّينِ المُهْمَلَة، وكَوْنُ قَيْسٍ مُضَافاً إِلى عَيْلانَ هو أَحدُ أَقوالِ النَّساّبينَ، واخْتُلِف فيه، فيُقَال: إِنَّ عَيْلانَ حاضِنٌ حَضَنَ قَيْساً، وإِنّه غُلامٌ لأَبيه، وقيلَ: عَيْلانُ: فَرَسٌ لقَيْسٍ مشهورٌ في خَيْل العَرَب، وكان قَيْسٌ سابَقَ عليه، وكانَ رَجلٌ من بَجيلَةَ يُقَالُ له: قَيْسُ كُبَّةَ، لفَرَسٍ، يقال له: كُبَّةُ، مشهورٌ، وكانَا مُتَجَاوِرَيْن في دَارٍ وَاحدَةٍ قَبْلَ أَن تَلْحَقَ بَجِيلَةُ بأَرْضِ اليَمَن، فكَانَ الرَّجُلُ إِذَا سأَلَ عن قَيْسٍ، قيل له: أَقَيْسَ عَيْلانَ تُريدُ أَم قَيْسَ كُبَّةَ؟ وقيلَ: إِنَّه سُمِّيَ بكَلْبٍ كانَ له يُقَالُ له: عَيْلانُ. وقالَ آخَرُونَ: باسم قَوْسٍ له، ويكونُ قَيْسٌ على هذا وَلَداً لمُضَرَ، والذي اتَّفَقَ عليه مَشايخُنَا من النَّساّبينَ أَنَّ قَيْساً وَلَدٌ لعَيْلَانَ، وأَنَّ عَيْلانَ اسْمُه النّاس، وهو أَخو الياس الَّذي هو خِنْدِفٌ، وكِلاهما وَلَدُ مُضَرَ لصُلْبه، وهذا الَّذي صَرَّحَ به ذَوو الإِتْقَان⁣(⁣٣)، واعْتَمَدُوا عليه، ويَدُلُّ لذلك قولُ زُهَيْر بن أَبي سُلْمَى:

  إِذا ابْتَدَرَتْ قَيْسُ بنُ عَيْلَانَ غَايَةً ... منِ المَجْدِ منْ يَسْبِقْ إِلَيْهَا يُسَوَّدِ⁣(⁣٤)

  وأُمُّ عَيْلَانَ وأَخيه هي الخَنْفَاءُ ابنة إِيادٍ المَعَدّيَّةُ، كما حقَّقه ابنُ الجوّانيِّ النَّسَّابَةُ في المُقَدِّمَة الفاضِليّة.

  وتَقَيَّس الرَّجُلُ، إِذا تَشَبَّهَ بهم أَو تَمَسَّك منهم بسَبَبٍ، كحِلْفٍ أَو جِوارٍ أَو وَلَاءٍ، قال جَريرُ:


(١) عن التكملة وبالأصل «تميم».

(٢) زيد في التكملة: وبعنقاة.

(٣) انظر جمهرة ابن حزم ص ٢٤٥.

(٤) عن الديوان فالقصيدة دالية وبالأصل «يسبق».