تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مثج]:

صفحة 479 - الجزء 3

  [مثج]: مَثَجَ الشْيءَ، بالمثلَّثة: إِذا خَلَطَ. ومَثَجَ: إِذا أَطْعَم. ومَثَجَ البِئْرَ: نَزَحَها⁣(⁣١) وهذا في التهذيب. والذي في اللسان: مُثِجَ بالشيْءِ، إِذا غُذِّيَ به. وبذلك فَسَّرَ السُّكَّرِيّ قولَ الأَعْلَم:

  والحِنْطِيءُ الحِنْطِيُّ يُمْ ... ثَجُ بالعَظيمةِ والرَّغائِبْ

  وقيل: يُمْثَج: يُخْلَط قلتُ: وقرأْتُ في شِعر الأَعلَم هذا البيتَ، ونَصُّه:

  الحِنْطِيءُ المِرّيحُ يُمْ ... نَحُ بالعَظيمةِ والرَّغائبْ

  وأَوّلُه:

  دَلَجِي إِذا ما اللَّيْلُ جَنَّ ... عَلَى المُقَرَّنَةِ الحَباحِبْ

  وفي شرح السُّكَّريّ: الحِنْطِيءُ: المنتفِخُ. ولم يَعرف الأَصمعيُّ هذا البيْتَ، فليُنظَرْ.

  [مجج]: مَجَّ الرَّجُلُ الشَّرابَ والشيءَ مِن فِيهِ يَمُجُّه مَجًّا، بضمّ العين في المضارع كما اقتضتْه قاعدته، ونقل شيخُنا عن شرْح الشِّهاب على الشِّفاءِ: أَن بعضَهم جَوَّزَ فيه الفَتحَ، قال: قلْت وهو غيرُ معروف، فإِن كانَ مع كسرِ الماضي سَهُلَ، وإِلَّا فهو مَردودٌ دِرايةً وروايةً.

  ومَجَّ به: رَمَاه، قال رَبيعةُ بن الحَجْدَر الهُذَلّي:

  وطَعْنةِ خَلْسٍ قد طَعَنْتُ مُرِشَّةٍ ... يَمُجُّ بها عِرْقٌ مِن الجَوْفِ قالِسُ

  أَراد: يَمُجُّ بدَمِها. قلتُ: هكذا قرأْتُ في شِعرِه في مَرْثِيَةِ أُثَيْلَةَ بنِ المُتنخِّل.

  وفي اللسان: وخَصّ بعضُهم به الماءَ. قال الشاعر:

  ويَدعُو ببَرْدِ الماءِ وهو بَلاؤُه ... وإِنْ ما سَقَوْه الماءَ مَجَّ وغَرْغَرَا

  هذا يَصِف رجُلاً به الكَلَبُ. والكَلِبُ إِذا نَظَر إِلى الماءِ تَخيَّلَ له فيه ما يَكرَهه فلم يَشْرَبْه.

  ومَجَّ بريقه يَمُجُّه: إِذا لَفَظَه.

  وقال شيخنا حقيقةُ المَجِّ هو طَرْحُ المائعِ من الفَمِ. فإِذا لم يكن ما في الفَمِ مائعاً قيل: لَفَظَ. وكثيراً ما يَقَعُ في عِبارات المصنِّفين والأُدباءِ: هذا كَلامٌ تَمُجُّه الأَسماعُ.

  فقالوا: هو من قبيل الاستعارة، فإِنه تَشبيهُ اللّفظِ بالماءِ لرِقّته، والأُذنِ بالفَمِ، لِأَنّ كُلًّا منهما حاسَّةٌ، والمعنى: تَتْرُكُه. وجَوّزوا في الاستعارة أَنّها تَبَعيّة أَو مَكْنِيّة أَو تَخْييليّة ... وقال جماعة: يُستعمل المَجّ بمعنى الإِلقاءِ في جميع المُدْرَكاتِ مَجازاً مُرْسلاً. ومنه حديث: «وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَ هذه الآيةَ فمَجَّ بها»، أَي لم يَتَفكَّر فيها، كما نقله البَيْضاوِيّ والزَّمخشريّ، وعَدَّوْه بالباءِ لما فيه من معنى الرَّمْيِ. انتهى.

  وانْمَجَّت نُقْطَةٌ من القَلَم: تَرَشَّشَتْ.

  وفي الحديث «أَنّ النّبيّ أَخذَ من الدَّلْوِ حُسْوةَ ماءٍ، فمَجَّها في بِئْرٍ ففاضَت بالماءِ الرَّوَاءِ».

  وقال شَمِرٌ: مَجّ الماءَ من الفَمِ: صَبَّه من فَمِه قَريباً أَو بعيداً، وقد مَجَّه. وكذلك إِذا مَجَّ لُعابَه. وقيل: لا يكون مَجًّا حتى يُباعِدَ بِه.

  وفي حديثِ عُمَرَ ¥ قال في المَضْمَضَةِ للصَّائم: «لا يَمُجُّه ولكنْ يَشْرَبُه [فإِنّ أَوَّلَه خَيْرُه]⁣(⁣٢)» أَراد المَضمضةَ عِند الإِفطارِ، أَي لا يُلْقِيه مِن فِيه فيَذْهب خُلُوفُه. ومنه حديث أَنَسٍ: «فمَجَّه [في]⁣(⁣٣) فيه».

  وفي حديث محمود بنِ الرَّبيع: «عَقَلْتُ مِن رسولِ الله مَجَّةً مَجَّها في بِئْرٍ لنا».

  وفي حديثِ الحَسنِ ¥: «الأُذُن مَجّاجَةٌ ولِلنَّفْس حَمْضةٌ» معناه أَنْ للنَّفْسِ شَهْوةً في استماعِ العِلْمِ، والأُذُنُ لا تَعِي ما تَسْمَعُ ولكنها تُلْقِيه نِسْياناً كما يُمَجّ الشَّيْءُ من الفَمِ.

  والمَاجُّ: مَنْ يَسِيلُ لُعَابُه كِبَراً وهَرَماً، كعَطْفِ التّفسير لما قَبْلَه. قال شيخنا ولو حذفَ كِبَراً لأَصابَ المَحَزّ.

  وفي الصّحاح: وشَيْخٌ مَاجٌّ: يَمُجّ رِيقَه ولا يَستطيع حَبْسَه من كِبَرِه.


(١) بهامش المطبوعة المصرية: في المتن المطبوع بعد قوله نزحها زيادة: «وبالعطيَّةِ سَمَحَ».

(٢) زيادة عن النهاية واللسان، وأشير إليها بهامش المطبوعة المصرية.

(٣) زيادة عن النهاية واللسان وأشير إليها بهامش المطبوعة المصرية.