تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مأن]:

صفحة 520 - الجزء 18

فصل الميم مع النون

  [مأن]: المَأْنَةُ: السُّرَّةُ وما⁣(⁣١) حَوْلَها، ومنهم مَنْ خَصَّها بالفَرَسِ؛ ومن البَقَرِ: الطَّفْطَفَةُ أَو شَحْمَةُ⁣(⁣٢) قَصِّ الصَّدْرِ لاصِقَةٌ بالصِّفاقِ من باطِنِهِ مُطِيفَتُه كُلَّه، أَو لَحمةٌ تحْتَ السُّرَّةِ إلى العانَةِ.

  وقالَ سِيْبَوَيْه: هي تحتَ الكِرْكِرَةِ؛ وأَنْشَدَ:

  يُشَبَّهْنَ السَّفِينَ وهُنَّ بُخْتٌ ... عِراضاتُ الأباهِرِ والمُؤُونِ⁣(⁣٣)

  وقالَ غيرُهُ: باطِنُ الكِرْكِرَةِ؛ كالمَأْنِ، ج مَأْناتٌ؛ وأَنْشَدَ أَبو زيْدٍ:

  إذا ما كنتِ مُهْدِيةً فأَهْدِي ... من المَأْناتِ أَو قِطَع السَّنامِ⁣(⁣٤)

  ومُؤُونٌ على غيرِ قِياسٍ كبَدْرَةٍ وبُدُورٍ؛ وأَنْشَدَ سِيْبَوَيْه:

  يُشَبَّهْنَ السَّفِينَ وهُنَّ بُخْتٌ ... عِراضاتُ الأَباهِرِ والمُؤُونِ

  ومَأَنَهُ، كَمَنَعَهُ، مَأْناً: أَصابَ مَأْنَتَهُ وهي ما بينَ سُرَّتِه وعانَتِه وشُرْسُوفِه.

  ومَأَنَهُ مَأْناً: اتَّقاهُ وحَذِرَهُ.

  ومَأَنَ القَوْمَ: احْتَمَلَ مَؤُونَتَهُمْ، أَي قُوتَهُمْ وقامَ عليهم، والاسمُ المَائِنَةُ؛ وقد لا تُهْمَزُ⁣(⁣٥) المَؤُونَةُ، وهي فَعُولَةٌ، فالفِعْلُ على هذا مانَهُمْ، كما سيَأْتي، أَشارَ إليه الجوْهرِيُّ.

  قالَ الفرَّاءُ: أَتانِي وما مَأنْتُ مَأْنَهُ، أَي لم أَكْتَرِثْ له أَو لم أشْعُرْ به؛ عن أَبي زيْدٍ وابنِ الأعْرابيِّ؛ أَو ما تَهَيَّأْتُ له، وما⁣(⁣٦) أَخَذْتُ عُدَّتَهُ وأُهْبَتَهُ ولا عَمِلْتُ فيه، عن الفرَّاء.

  قالَ الأَزْهرِيُّ، ¦: وهذا يدلُّ على أنَّ المَؤُونةَ مَهْموزَةٌ.

  وقالَ بعضُهم: ما انْتَبَهْتُ له ولا احْتَفَلْتُ به. ومن ذلك أَيْضاً: ولا هُؤْتُ هَوْأَهُ ولا رَبَأْتُ رَبْأْهُ.

  وقالَ بعضُهم: جاءَ الأَمْرُ وما مَأَنْتُ فيه مَأْنَةً، أَي ما طَلَبْتُهُ ولا أَطَلْتُ⁣(⁣٧) التَّعَبَ فيه.

  والمَئِنَّةُ في الحَدِيثِ الذي رَوَاهُ مُسْلِم عن ابنِ مَسْعودٍ، رضِيَ اللهُ تعالى عنه، كمَظِنَّةٍ: العَلامَةُ. ونَصُّ الحدِيثِ: «إنَّ طُولَ الصَّلاةِ وقِصَرَ الخُطْبةِ مَئِنَّة من فِقْه الرَّجُل»، أَي ذلِكَ ممَّا يعْرفُ به فِقْه الرَّجُلِ.

  قالَ ابنُ الأثيرِ: وكلُّ شيءٍ دلَّ على شيءٍ فهو مَئِنَّةٌ له؛ أَو هي مَفْعِلَةٌ من إنَّ كمَعْساة من عَسَى، فالميمُ حينَئِذٍ زائِدَةٌ، أي مَخْلَقَةٌ ومَجْدَرَةٌ أنْ يقالَ فيه: إنَّه كذا وكذا.

  قالَ ابنُ الأثيرِ: حَقِيقَتُها أنَّها مَفْعِلَةٌ من معْنَى إنَّ التي للتَّحْقِيقِ والتّأْكيدِ غَيْر مُشْتَقَّة مِن لفْظِها، لأنَّ الحُروفَ لا يُشْتَقُّ منها، وإنّما ضُمِّنَتْ حُروفها دلالةً على أنَّ مَعْناها فيها، ولو قيلَ: إنَّها اشتُقَّتْ من لَفْظِها بعْدَ ما جُعِلَت اسْماً لكَان قولاً، قالَ: ومن أَغْرَب ما قيلَ فيها أنَّ الهَمْزَةَ بدلٌ من ظاءِ المَظِنَّةِ، والميمُ في ذلك كلِّه زائِدَةٌ.

  وقالَ الأصْمعيُّ: سَأَلَني شعْبَة عن هذا فقلْتُ: مئِنَّة أَي عَلامَةٌ لذلِكَ وخَلِيقٌ لذلِكَ؛ قالَ الراجزُ:

  إنَّ اكْتِحالاً بالنَّقِيِّ الأبْلَجِ ... ونَظَراً في الحاجِبِ المُزَجَّجِ

  مَئِنَّةٌ من الفَعالِ الأَعْوجِ⁣(⁣٨)

  قالَ: وهذا الحَرْفُ هكذا يُرْوَى في الحدِيثِ والشِّعْرِ


(١) في القاموس: أو ما حولها.

(٢) في القاموس بالرفع منونة، وأضافها الشارح فخففها.

(٣) اللسان والتهذيب.

(٤) اللسان والتهذيب والمقاييس ٥/ ٢٩٢.

(٥) في القاموس: لا يُهْمَزُ.

(٦) في القاموس: «ولا».

(٧) على هامش القاموس عن نسخة: أطْلُبُ.

(٨) اللسان والصحاح.