تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غدو]:

صفحة 7 - الجزء 20

  وغَثَتِ السَّماءُ بالسَّحابِ تَغْثِي: غَيَّمَتْ، أَو بَدَأَتْ تغيَّمُ.

  وغَثِيَتِ الأرْضُ بالنَّباتِ، كرَضِيَ: إذا كَثُرَ فيها، أَو بَدَأَتْ به.

  والأَغْثَى: الأسَدُ.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  غَثِيَتِ النَّفْسُ، كرَضِيَ، تَغْثَى غَثَى: لُغَةٌ في غَثَتْ تَغْثِي، عن الليْثِ.

  قال الأزْهري: هذه مولَّدةٌ، وكلامُ العَرَبِ غَثَتْ نَفْسُه تَغْثِي.

  وغَثِيَ شَعرُه غَثَى: تلبَّدَ، هكذا ذَكَرَه ابنُ القطَّاع، وقد مَرَّ هذا في عَثَى بالعَيْن المُهْمَلةِ فلعلَّهما لُغتانِ.

  وغُثَاءُ الناسِ: أَرْذالُهم وسقطُهم.

  [غدو]: والغُدْوَةُ، بالضَّمِّ: البُكْرةُ. وغُدْوَةٌ، من يَوْم بعَيْنِهِ، غَيْرُ مُجْراة: عَلَمٌ للوَقْتِ.

  وقالَ الجَوْهرِي: يقال: أَتَيْته غُدْوَةَ يا هذا، غَيْرُ مَصْروفَةٍ لأَنَّها مَعْرفةٌ، مثْلُ سَحَر إِلَّا أَنَّها من الظّروفِ المُتَمكِّنَةِ، تقولُ: سِرْ على فَرَسِكَ غُدْوَةَ وغُدْوَةً وغُدْوَةُ، وغُدْوَةٌ فما نُوِّنَ مِن هذا فهو نَكِرَةٌ، وما لم يُنوَّنْ فهو مَعْرفةٌ.

  وقال أَبو حيَّان في الارْتِشافِ: والمَشْهورُ أَنَّ مَنْعَ صَرْف غُدْوَة وبُكْرَة للعِلْميةِ الجِنْسِيَّة كأُسامَة فيَسْتَوِيان في كوْنِهما أُرِيدَ بهما أنَّهما مِن يَوْم مُعَيَّن، أَو لم يُرَد بهما التَّعْيِينِ فتقولُ: إِذا قَصَدْت التَّعْمِيم: غُدْوَة وَقْت نَشَاطِ، وإذا قَصدْتَ التَّعْيِين: لأَسِيرَنَّ الليْلَةَ إلى غُدْوة، وبُكْرَة في ذلك، كغُدْوَة.

  وقال الزجَّاج: إذا أَردْتُ بُكْرَة يَوْمِك وغُدْوَة يَوْمِك لم تَصْرِفْهما، وإذا كانَا نَكِرَتَيْن صَرَفْتهما، وإذا مُنِعا الصَّرْف فهل ذلكَ لِعِلْمِيَّتِه بالجِنْس كأُسامَة، أَو لِعِلْمِيَّة أَنَّه يُرادُ بهما الوَقْتُ المُعَيَّن مِن يَوْم مُعَيَّن؟.

  وقد وسَّعَ الكَلامَ فيه عبدُ القادِرِ البَغْدادِي في حاشِيَةِ الكَعْبِيةِ.

  أَو الغُدْوَةُ: ما بينَ صَلاةِ الفَجْرِ، وفي الصِّحاح: صَلاة الغَدَاةِ، وفي المِصْباح: صَلاةِ الصُّبْح، وطُلوعِ الشَّمسِ، والجَمْعُ غُدًى كمُدْيَةٍ ومُدًى.

  كالغَداةِ، يقالُ: آتِيكَ غَداةَ غَدٍ.

  وفي المِصْباح: الغَداةُ الضّحْوَةُ، وهي مُؤنَّثَة.

  قالَ ابنُ الأنْبارِي: ولم يُسْمَع تَذْكِيرها، ولو حَمَلَها حامِلٌ على مَعْنى أَوَّل النَّهارِ جازَ له التَّذْكِير، وقولُه تعالى: {بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ}⁣(⁣١)، أي بَعْدَ صلاةِ الفَجْرِ وصَلاةِ العَصْر، وقيلَ: يَعْني بهما دَوامَ عِبادَتِهم.

  قالَ ابنُ هِشام في شَرْح الكَعْبيةِ: أَصْلُ الغُداةِ غَدَوَة بالتحْريك لقَوْلهم في جمعِها غَدَوَاتٌ، أَي فقُلِبَتِ الواوُ ألِفاً لتَحَركِها وانْفِتاح ما قَبْلها. وقَرَأَ ابنُ عامِرٍ وأَبو عبدِ الرحمنِ السّلمِيِ بالغَدَوةِ والعَشيِّ، وقراءَةُ العامَّةِ {بِالْغَداةِ}، قالَ أَبو عبيدٍ: نَراهُما قَرآ كذلكَ إتباعاً للخطِّ لأنَّها رُسِمَتْ في جميعِ المَصاحِف بالواوِ كالصَّلاةِ والزَّكاةِ وليسَ في إثباتِهم الواو في الكِتابَةِ دَليلٌ على أَنَّها القِراءَةُ، لأنَّهم قد كَتَبُوا الصَّلاةَ والزَّكاةَ بالواوِ ولَفْظَهما على تَرْكِها، فكَذلكَ الغَدَاةَ على هذا وَجَدْنا أَلْفاظَ العَرَبِ.

  وقالَ ابنُ النحَّاس: وحقُّ باب غُدْوَة أَنْ يكونَ مَعْرفةً إِلَّا أَنَّه يجوزُ أَن تُنَكَّر كما ننكَّرُ الأسْماءُ والأعْلامُ.

  والغَدِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ، عن ابنِ الأعرابي قالَ: هي لُغَةٌ في الغَدْوَةِ كضَحِيَّة لُغَة في ضَحْوة، ج غَدَواتٌ، محرَّكةً، هو جَمْعُ غَدَاةٍ كقَطاةٍ وقَطَواتٍ، نقلَهُ الجَوْهرِي، وغَدِيَّاتٌ هو جَمْعُ غَدِيَّةٍ، وأَنْشَدَ ابنُ الأعْرابي في نوادِرِه:

  أَلا لَيْتَ حَظِّي من زِيارَة أُمَّيَهْ ... غَدِيَّاتُ قَيْظٍ أَو عَشِيَّاتُ أَشْتِيَهْ⁣(⁣٢)

  قال: كأنَّ قائِلَ هذا مُشْتاقاً إلى زِيارَةِ أُمِّه فتمَنَّى أَن يَجْعَل اللهُ زِيارَتَها نَهار الصَّيْف أَو لَيالِي الشِّتاءِ لطُولِ كلِّ منهما حتى يَتَملَّى برُؤْيتِها، والهاءُ في أُمِّيَه للسَّكْت.

  وغَدايا: هو أَيْضاً جَمْعُ غَدِيَّة على قوْلِ ابنِ الأعْرابي،


(١) الأنعام الآية. ٥٢

(٢) اللسان.