تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مرض]:

صفحة 153 - الجزء 10

  لَقَدْ تَمَخَّضَ في قَلْبِي مَوَدَّتُهَا ... كما تَمَخَّضَ في إِبْرِيجِهِ اللَّبَنُ

  والإِمْخَاضُ، بالكَسْرِ: الحَلِيبُ، ونصُّ اللَّيْثِ: ما دَامَ اللَّبَنُ المَخِيضُ في المِمْخَضَةِ فَهُوَ إِمْخَاضٌ، أَي مَخْضَةٌ وَاحِدَةٌ. قال: وقِيلَ: هُوَ ما اجْتَمعَ من اللَّبَنِ في المَرْعَى حَتَّى صارَ وِقْرَ بَعِيرٍ⁣(⁣١)، ويُجْمَعُ على الأَمَاخِيضِ. يُقَالُ: هذَا إِحْلَابٌ مِنْ لَبَنٍ، وإِمْخَاضٌ من لَبنٍ، وهِيَ الأَحَالِيبُ والْأَمَاخِيضُ.

  ومَخَاضٌ، كسَحَابٍ: نَهْرٌ قُرْبَ المعرَّةِ.

  * ومِمَّا يُسْتَدْرَك عليه:

  امْتَخَضَتِ النَّاقَةُ، مِثْلُ تَمخَّضَت، ومَخِضَتْ، عن ابنِ شُمَيلٍ.

  وتَمَخَّضَ الولَدُ وامْتَخَضَ: تَحَرَّكَ في بَطْنِ الحامِلِ.

  والماخِضُ: هي النَّاقَةُ الَّتِي أَخَذَهَا المَخَاضُ لِتَضعَ.

  ومِنْهُ الحدِيثُ «دَعِ المَاخِضَ والرُّبَّى»⁣(⁣٢).

  ومَخِضَتِ المَرْأَةُ: تَحَرَّكَ وَلَدُهَا في بَطْنِهَا لِلْوِلادَةِ، عن إِبْرَاهِيمَ الحرَبِيّ.

  والإِمْخَاضُ: السَّقَاءُ، مَثَّلَ به سِيبَويْه، وفَسَّرَهُ السِّيرَافي.

  ومَخَضَ السَّحَابُ بمَائِه، وتَمَخَّضَ.

  وتَمَخَّضَتِ السَّمَاءُ: تَهَيَّأَتْ للمَطَرِ، وهو مَجازٌ.

  وتَمَخَّضتِ اللَّيْلَةُ عَنْ يَوْمِ سَوْءٍ، إِذَا كَانَ صَبَاحُهَا صَبَاحَ سَوْءٍ، وهُو مَجَازٌ.

  وَمَخَضَ رَأْيَهُ حَتَّى ظَهَرَ لَهُ الصَّوابُ، وهو مَجَازٌ. وكَذَا قَوْلُهُم: مَخَضَ الله السِّنِينَ حتّى كانَ ذلِك زُبْدَتَها. وقال ابنُ بُزُرْجَ: تَقُولُ العَرَبُ في أُدْعِيَّةٍ يَتَدَاعَوَن بِهَا: صَبَّ الله عَلَيْك أُمُّ حُبَيْنٍ مَاخِضاً: يَعْنِي اللَّيْلَ.

  [مرض]: المَرَضُ، مُحَرَّكَةً، وإِنَّمَا لَمْ يَضْبُطْه لِشُهْرَتِهِ: إِظْلامُ الطَّبِيعَةِ واضْطرَابُهَا بَعْدَ صَفائِهَا واعْتِدَالِهَا، كما في العُبَابِ، وهُوَ قَوْلُ ابْنِ الأَعْرابِيّ. وقال ابنُ دُرَيْدٍ: المَرَضُ: السُّقْمُ وهُوَ نَقِيضُ الصِّحَّةِ، يكُونُ لِلإِنْسَانِ والبَعِيرِ، وهو اسْمٌ لِلْجِنْسِ. قال سِيبَوَيْه: المَرَضُ من المَصَادِر المَجْموعَةِ كالشَّغْلِ والعَقْلِ، قالوا أَمْرَاضٌ وأَشْغَالٌ وعُقُولٌ. مَرِضَ فُلانٌ كفَرِحَ، مَرَضاً، بالتَّحْرِيكِ، ومَرْضاً، بالسُّكُونِ، فهوَ مَرِضٌ، ككَتفٍ، ومَرِيضٌ، ومَارِضٌ، والأُنْثَى مَرِيضَةٌ. وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ، لِسَلامَةَ بنِ عُبَادَةَ الجَعْدِيِّ، شاهِداً عَلَى مَارِضٍ:

  يُرِينَنَا ذَا اليَسَرِ القَوَارِضِ ... لَيْسَ بمَهْزُولٍ⁣(⁣٣) ولا بمَارِضِ

  وقال اللِّحْيَانِيُّ: عُدْ فُلاناً فإِنَّه مَرِيضٌ، ولا تَأْكُلْ هذَا الطَّعَامَ فإِنَّكَ مَارِضٌ إِنْ أَكَلْتَهُ، أَيْ تَمْرَضُ.

  ج المَرِيضِ مِرَاضٌ، بالكَسْرِ. قال جَرِيرٌ:

  وفي المِرَاضِ لَنَا شَجْوٌ وتَعْذِيبُ⁣(⁣٤)

  قُلْتُ: ويجُوزُ أَنْ يَكُونَ هذَا جَمْعَ مَارِضٍ، كصَاحِبٍ وصِحَابٍ.

  وقال ابنُ دُرَيْد: يُجمَع المَرِيضُ عَلَى مَرْضَى ومَرَاضَى، مِثْلُ جَريحٍ وجَرْحَى وجَرَاحى.

  أَوْ المَرْضُ، بالفَتْحِ، لِلقَلْب خَاصَّةً. قال أَبو إِسْحَاقَ: يقال: المَرَضُ والسُّقْم في البَدَن والدِّينِ جَمِيعاً، كما يُقَالُ: الصِّحَّة في البَدَنِ والدِّينِ جَمِيعاً. والمَرَضُ في القَلْبِ يَصْلُحُ لِكُلِّ ما خَرَجَ به الإِنْسَان عَنِ الصِّحَّة في الدِّين. وبالتَّحْرِيك أَوْ كِلاهُمَا: الشَّكُّ والنِّفَاقُ وضَعْفُ اليَقِينِ، وبه فُسِّر قَوْلُه تَعَالَى: {فِي قُلُوبِهِمْ} مَرَضٌ⁣(⁣٥) أَيْ شَكٌّ ونِفَاقٌ. وقال أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ شَكٌّ. ويُقَالُ: قَلْب مَريضٌ مِنَ العَدَاوَةِ، وهُوَ النِّفَاقُ. قال ابنُ دُرَيْد: وحَدَّثَنَا أَبُو حاتِمٍ عن الأَصْمَعِيّ أَنَّهُ قال: قَرَأْتُ على أَبِي عَمْرِو بنِ العَلَاءِ {فِي قُلُوبِهِمْ} مَرَضٌ فقالَ لِي: مَرْضٌ يا غُلامٌ.

  والمَرَضُ: الفُتُورُ. قال ابنُ عَرَفَةَ: المرَضُ في القَلْبِ: فُتُورٌ عن الحَقِّ، وفي الأَبْدَانِ: فُتُورُ الأَعْضاءِ. وفي العَيْنِ: فُتُورُ النَّظَرِ.


(١) في التهذيب: وقر بعير في الغريب.

(٢) الربى هي التي أخذها المخاض لتضع، اللسان.

(٣) في الجمهرة ٢/ ٣٦٧ ليس بمنهوكٍ.

(٤) ديوانه وصدره فيه:

قتلننا بعيونٍ زانها مرضٌ

(٥) سورة البقرة الآية ١٠.