تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عرص]:

صفحة 304 - الجزء 9

  فأَصْبَحَتِ الثِّيرَانُ غَرْقَى وأَصْبَحَتْ ... نسَاءُ تَميمٍ يَلْتَقِطْنَ الصَّياصِيَا

  أَي يَلْتَقطْن القُرُونَ ليَنْسِجْنَ بها، يُريد: لكَثْرَة المَطَر غَرِقَ الوَحْشُ.

  و في الحَديث⁣(⁣١)، وذَكَرَ فتْنَةً تكونُ في أَقْطَار الأَرْض: «كَأَنَّهَا صَيَاصِي بَقَرِ»، أَي قُرُونُهَا. يقال وَاحدُها صِيصَةٌ، بالتَّخْفيف، شَبَّه الفِتْنَةَ بها لِشِدَّتِهَا وصُعُوبَةِ الأَمْرِ فيها.

  والصِّيصِيَةُ: الحِصْنُ والجَمْع الصَّياصِي، ومنه قولُه تَعَالَى: {مِنْ} صَياصِيهِمْ⁣(⁣٢)، أَي من حُصُونِهم التي تَحَصَّنُوا بها. وكُلُّ ما امْتُنِعَ به فهو صِيصِيَةٌ، ج صَيَاصٍ، بحذف الياء على التَّخْفيف.

  وقال أَبو عَمْرو: الصِّيصِيَةُ من الرِّعاءِ: الرَّاعي الحَسَنُ القيَامِ على مالِه. وقال غيرُه: الصِّيصِيَةُ: الوَدُّ، أَي الوَتِدُ الذي يُقْلَع به التَّمْرُ، شُبِّه بقَرْن البَقَر، قال:

  خالِي عُوَيْفٌ وأَبُو عَلجِّ ... المُطْعِمانِ اللَّحْمَ بالعَشِجِّ

  وبالغَداةِ فِلَقَ البَرْنِجِّ ... يُقْلَعُ بالوَدِّ وبالصِّيصِجِّ⁣(⁣٣)

  أَرادَ أَبُو عَليّ، وبالعَشيّ، والبَرْنِيّ، وبالصِيصِيّ⁣(⁣٤).

فصل العين المهملة مع الصاد

  [عبقص]: العَبْقَصُ، كجَعْفَرٍ، وعُصْفُورٍ، أَهمله الجَوْهَريّ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ: دُوَيْبَّةٌ. وأَنْكَر ذلك الأَزْهَريّ.

  [عتص]: العَتْصُ، أَهمَلَه الجَوْهَرِيّ وصاحبُ اللّسَان.

  وقال ابنُ دُرَيد: هو فِعْلٌ مُمَاتٌ، وهو فيمَا زَعَمُوا مثْل الاعْتِياصِ، وليس بِثَبتٍ؛ لأَنَّ بِنَاءَه بِناءٌ لا يُوَافِقُ أَبْنيَةَ العَرَبِ.

  قُلْتُ: فمثْلُ هذا لا يُسْتَدْركُ به على الجَوْهَريّ، فتَأَمَّلْ.

  [عرص]: العَرْصُ، بالفَتْح: خَشَبَةٌ تُوضَعُ على البَيْت عَرْضاً إِذَا أَرَادُوا تَسْقيفَهُ، ثمّ يُلْقَى عَلَيْه أَطْرَافُ الخَشَبِ القِصَارِ، قاله أَبُو عُبَيْد، قال: ومنه حَديثُ عائشَةَ رَضيَ الله تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا قالت: «نَصَبْتُ على بابِ حُجْرَتي عَبَاءَةً، وعَلَى مَجَرِّ⁣(⁣٥) بَيْتِي سِتْراً، مَقْدَمَهُ من غَزْوَة خَيْبَر، أَو تَبُوكَ، فدَخَلَ البَيْت وهَتَكَ العَرْصَ حَتَّى وَقَعَ إِلى الأَرْض⁣(⁣٦)». ويُقَال فيه: العَرْسُ، بالسّين. وقيل: هو الحائطُ يُجْعَلُ بَيْنَ حائطَي البَيْتِ لا يُبْلَغُ به أَقْصَاه، ثمّ يُوضَعُ الجَائزُ من طَرَف الحَائطِ الداخِلِ إِلَى أَقْصَى البَيْت ويُسَقَّفُ البَيْتُ كُلّه، فما كانَ بَيْنَ الحَائطَيْنِ فهو سَهْوَةٌ، وما كَانَ تَحْتَ الجائزِ فهو مُخْدَعٌ. قال الأَزْهَريّ: رَوَاه اللَّيْثُ بالصَّاد، ورَوَاه أَبُو عُبَيْدٍ بالسِّين، وهُمَا لُغَتَان. قال الهَرَويّ: والمُحَدِّثُون يَلْحَنُون فيُعْجِمُون الصَّادَ، ولَيْسَ في نَصّ الهَرَويّ نسْبَةُ اللَّحْنِ لَهُم، وإِنّمَا قال: والمُحَدِّثُون يَرْوُونَه بالضّاد المعجمة، وهو بالصّاد والسّين. والحَديثُ جاءَ في سُنَن أَبي دَاوُودَ بالضّاد المُعْجَمَة، وشَرَحَهُ الخَطَّابيُّ في المَعَالم، وفي غَريب الحَديثِ بالصَّادِ المُهْمَلَة، وقال: قال الراوِي: العَرْضُ، وهُوَ غَلَطٌ. وقال الزَّمَخْشَريّ: هو بالصَّاد المُهْمَلَة⁣(⁣٧).

  والعَرْصَةُ: كُلُّ بُقعَةٍ بَيْنَ الدُّورِ وَاسِعَةٍ، لَيْسَ فيها بِنَاءٌ، سُمِّيَتْ بذلكَ لاعْترَاصِ الصِّبْيَان فيها. وقال الأَصْمَعيُّ: كُلُّ جَوْبَةٍ مُنْفتِقَةٍ⁣(⁣٨) ليس فيها بنَاءٌ فهي عَرْصَةٌ. قال مالكُ بنُ الرَّيْب:

  تَحَمَّلَ أَصْحَابِي عِشَاءً وغادَرُوا ... أَخاثِقَة في عَرْصَةِ الدّارِ ثاوِيَا

  ج عِرَاصٌ، وعَرَصاتٌ، وأَعْرَاصٌ.

  قال أَبُو النَّجْم:

  فَرُبَّمَا عُجْتُ من القِلاصِ ... على أَثَافِي الحَيِّ والعِرَاصِ


(١) في اللسان: «وفي التهذيب» والحديث في النهاية.

(٢) سورة الأحزاب الآية ٢٦.

(٣) الأرجاز باختلاف بعض الألفاظ.

(٤) عن اللسان «عجج» وبالأصل «بالصيصية».

(٥) عن التكملة وبالأصل «حجر بيتي».

(٦) النهاية واللسان: وقع بالأرض.

(٧) زيد في النهاية عنه: قال: وقد روي بالضاد المعجمة، لأنه يوضع على البيت عرضاً.

(٨) في معجم البلدان «عرصة»: متسعة.