تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جرح]:

صفحة 23 - الجزء 4

  الأَثير: وهو عند العرب من الأَنواءِ الدّالَّة على المَطَرِ.

  والمِجْدَحُ: سِمَةٌ للإِبلِ على أَفخاذِها⁣(⁣١) وأَجْدَحَها: وَسَمَها بها⁣(⁣٢). وفي نسخة: به.

  ومَجادِيحُ السَّماءِ: أَنْواؤُها. ويقال: أَرْسَلتِ السّماءُ مَجادِيحَ الغَيْثِ. قال الأَزهريّ: المِجْدَحُ في أَمرِ السّماءِ يقال: تَرَدُّدُ رَيِّقِ الماءِ في السَّحابِ، ورواه عن اللَّيث.

  وقال: أَمَّا ما قاله اللّيث في تفسير المَجاديحِ أَنها تَردُّدُ رَيِّقِ المَاءِ في السَّحاب فباطِلٌ، والعَرب لا تَعرفُه.

  ورُوِيَ عن عُمرَ ¥ أَنه خرجَ إِلى الاستسقاءِ، فصَعِدَ المِنْبَرَ فلم يَزِدْ على الاستغفارِ حتّى نَزَلَ. فقِيل له: إِنّك لم تَسْتَسْقِ، فقال: لقد اسْتَسْقَيْت بمَجادِيحِ السَّماءِ.

  قال ابنُ الأَثير: الياءُ زائدةٌ للإِشباعِ. قال: والقِياس أَن يَكون واحِدُها مِجْدَاحاً، فأَمّا مِجْدَحٌ فَجمْعُه مَجادِحُ. والذي يُرادُ من الحَديث أَنّه جَعلَ الاستغفارَ استسقاءً⁣(⁣٣)، وأَراد إِبْطالَ الأَنْواءِ والتَّكذيبَ بها، وإِنّما جعلَ الاستغفارَ مُشْبِهاً للأَنواءِ مخاطَبةً لهم بما يَعرفونه لا قَوْلاً بالأَنواءِ. وجاءَ بلفْظِ الجمْعِ لأَنه أَراد الأَنواءَ جَميعاً الّتي يَزعُمون أَنّ مِن شأَنها المَطَرَ.

  والمَجْدوحُ: دَمٌ كان يُخْلَطُ مع غيرِه فيُؤْكَل في الجَدْبِ.

  وقيل: هو دَمُ الفَصيِد⁣(⁣٤)، كانوا يَستعمِلونه في الجَدْب في الجاهِليَّة. قال الأَزهريّ: المَجدوحُ: من أَطْعِمِة [أَهل]⁣(⁣٥) الجاهليّة، كان أَحدُهم يَعْمِدُ إِلى النَّاقة فَيْفْصِدُها ويَأْخُذ دَمَها في إِناءٍ فيَشْرَبُه.

  وجَدَحَ، السَّويقَ وغيرَه كمَنَع: لَتَّه، كأَجْدَحَه.

  واجْتَدَحَه: شَرِبَه بالمِجْدَحِ. وعن اللّيث: جَدَحَ السَّويقَ في اللَّبنِ ونَحْوِه: إِذا خَاضه بالمِجْدَحِ حتَّى يَختلِط.

  واجْتَدَحه أَيضاً: إِذا شَرِبَه بالمِجْدَحِ. وجَدَّحَه تَجْديحاً: إِذا لَطَخَه، هكذا في سائر النُّسخ. والصواب: خَلَطَه، كما في اللّسان وغيرِه من الأُمّهات. وعبارُة اللّسان: والتَّجْدِيحُ الَخْوضُ بالمِجْدحِ يكون ذلك في السَّوِيق ونَحوِه. وكلُّ ما خُلِطَ فقد جُدِح ... وجَدَّحَ الشَّيْءَ: إِذا خَلَطَه.

  وشَرَابٌ مُجَدَّحٌ، أَي مُخَوَّضٌ. وفي قول أَبي ذُؤيب:

  فَنَحَا لها بمُذلَّقَيْنِ كأَنَّما

  بِهما مِن النَّضْحِ المُجدَّحِ أَيْدَعُ

  عَنَى بالمُجَدَّحِ الدَّمَ المُحرَّكَ، يقول: لمّا نَطَحَها حَرَّك قَرْنَه في أَجوافِها.

  وجِدِحْ، بكسرتين كجِطِحْ: زَجْرٌ للمَعَزِ، وسيأتي.

  والمِجْداحُ: ساحِلُ البَحْرِ، جمعُه مَجادِحُ واستعاره بعضهم للشّرّ فقال:

  أَلَمْ تَعْلَمِي يا عَصْم كَيفَ حَفِيظَتِي

  إِذا⁣(⁣٦) الشَّرُّ خَاضَتْ جَانِبَيْه المَجادِحُ

  [جرح]: جَرَحَه، كمَنعَه يَجْرَحُه جَرْحاً: أَثَّرَ فيه بالسِّلاحِ، هكذا فسَّره ابنُ منظور وغيرُه. وأَمّا قول المصنّف: كَلَمَهُ فقد رَدّه شيخُنا بقوله: الجَرْحُ في عُرْف النّاس أَعْرَفُ وأَشْهَرُ من الكَلْم، وشَرْطُ المُفسِّرِ الشارحِ أَن يكون أَعْرَفَ من المَشْروحِ. ولو قال: قَطَعَه أَو شَقَّ بعضَ بَدَنِه. أَو أَبقاه وأَحالَه على الشُّهرة كالجَوْهريّ، لكان أَوْلَى.

  قلت: وعبارة الأَساس: جَرَحَه: كقَطَعه، ولا يَخْفَى ما فيه من المُناسبة⁣(⁣٧). كجَرَّحَه تَجْريحاً: إِذا أَكْثَرَ ذلكَ فيه.

  قال الحُطَيئة:

  مَلُّوا قِراهُ وهَرَّتْهُ كِلابُهمُ

  وجَرَّحوهُ بأَنْيابٍ وأَضْراسِ

  والاسم الجُرْح، بالضّمّ وج جُرُوحٌ وأَجراحٌ، وجِرَاحٌ.

  وقيل: قَلَّ أَجْراحٌ إِلّا ما جاءَ في شِعْرٍ. ووجَدْت في حَواشي بعضِ نُسخ الصّحاح الموثوقِ بها: عنَى به قَوْلَ عَبْدَةَ بنِ الطَّبِيب:

  وَلَّى وصُرِّعْنَ مِنْ حَيْثُ الْتَبَسْنَ به

  مُضرَّجَاتٍ بأَجراحٍ ومَقْتولِ


(١) في القاموس: «بأفخاذها». والتكملة فكالأصل.

(٢) في القاموس: به.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: قال في اللسان: «بتأول قول الله ø: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً}» سورة نوح الآيتان ١٠ و ١١ وانظر التهذيب (جدح).

(٤) في القاموس: «الفصد». وفي الصحاح فكالأصل. وفي المجمل: «المفصود».

(٥) زيادة عن التهذيب.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله» إِذ» في اللسان «إِذا».

(٧) لم ترد العبارة في الأساس.