تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أبط]:

صفحة 183 - الجزء 10

باب الطاء

  وهي من الحُروفِ المَجْهُورَة، وأَلِفُهَا تَرْجِع إِلى اليَاءِ.

  إِذا هَجَّيْتَه جَزَمْتَه ولم تُعْرِبْه، كما تَقُول: ط د، مُرْسَلَة اللَّفْظِ بلا إِعْرَابٍ، فإِذَا وَصَفْتَه وصَيَّرْتَه اسْماً أَعْرَبْتَه، كما تُعْرِبُ الاسمَ، فتَقُول: هذه طاءٌ طَوِيلَةٌ، وهي والدّالُ والتَّاءُ ثلاثَةٌ في حَيِّزٍ وَاحِدٍ، وهِي الحُرُوف النِّطْعِيَّةُ؛ لأَنَّ مَبْدَأَهَا من نِطْعَ الغارِ الأَعْلَى.

  قال شَيْخُنَا: أُبْدِلَت الطَّاءُ من تاء الافْتِعَالِ وفُرُوعِه، ومن تاءِ الضَّمِيرِ الواقع إِثْرَ حَرْفٍ من حُرُوفِ الإِطْبَاقِ، ومن الدّالِ.

  وحَكَى يَعْقُوبُ عن الأَصْمَعِيّ: مَطُّ الحُرُوفِ ومدُّ الحُرُوف، والإِبْعاطُ والإِبْعَادُ.

  قال: وظاهرُ كلامِ ابنِ أُمِّ قاسمٍ أَنَّهَا إِنَّمَا تُبْدَلُ في الافْتِعَال، وليس كَذلك، بل أَبْدَلُوهَا بعدَ حُرُوفِ الإِطْبَاقِ إِذا كانَتْ التّاءُ ضمِيراً أَيضاً، قالُوا: حَفِظْطُ، وحِضْطُ، وفَحَصْطُ وخَبَطُّ في: حَفِظْت وحِضْتُ وفَحَصْت وخَبَطْتُ، وأَنْشَدوا قول عَلْقَمةَ التَّمِيمِيِّ:

  وفي كُلِّ حَيٍّ قد خَبَطَّ بنِعْمَةٍ ... فحُقَّ لِشَأْشٍ مِنْ نَدَاكَ ذَنُوبُ

  وقال بعضُ النُّحَاة: إِنَّه غيرُ مُطَّرِدٍ، وَرُدَّ بأَنَّهُ لُغَةُ قَوْمٍ من بَنِي تَمِيمٍ.

  وقَال أَبُو عُبَيْدَةَ: المِيطاءُ والمِيدَاءُ، حَوَّلُوا الدّال طاءً.

  وقالَ أَبُو عُمَرَ الزّاهِدُ في اليَوَاقِيت: قالُوا: ما أَبْعَطَ طَارَك! بمعنى: ما أَبْعَدَ دَارَك!

فصل الهمزة مع الطاءِ

  [أبط]: الإِبْطُ، بالكَسْرِ، وأَطْلَقه المُصَنِّفُ لشُهْرَتهِ، وهو في غَيْر بَاطِنِ المَنْكِبِ غَيْرُ مَشْهُورٍ فلا يُفِيدُ الإِطْلاقُ، وهو: ما رَقَّ من الرَّمْل، وقيل: هو أَسْفَلُ حبْلِ الرَّمْل ومَسْقَطُه، وقِيل: مُنْقَطَعُ مُعْظَمِه. ويقال: هَبَطَ بإِبْطِ⁣(⁣١) الرّمْلِ، وهو مَجَازٌ.

  والإِبْطُ أَيضاً: ة، باليَمَامَةِ من ناحِيَةِ الوَشْمِ لبَنِي امْرئ القَيْسِ.

  والإِبْطُ: إِبْطُ الرجُلِ والدَّوَابِّ، قال ابنُ سِيدَه: هو بَاطِنُ المَنْكِبِ، وقيلَ: باطن الجَنَاحِ⁣(⁣٢)، كما في الصّحاح والمِصْبَاح، وتُكْسَرُ الباءُ، لُغَة، فيُلْحَقُ بإِبِلٍ. وقولُهم: لا ثَانِيَ له، أَي على جِهَةِ الأَصَالَةِ، فلا يُنَافِي أَن له أَمْثَالاً بالإِتْبَاع كهذا وأَلْفاظ كثيرَة، قاله شيخُنا. وهو مُذكَّرٌ، وقد يُؤنَّث، قاله اللِّحْيَانِيُّ، والتَّذْكِير أَعْلَى، وحكى الفَرّاءُ عن بعضِ العَرَبِ: فرَفَع السَّوْطَ حتَّى بَرَقتْ إِبْطُه، وأَنْشدَ الأَصْمَعِيّ يَصِف جَمَلاً:

  كأَنّ هِرًّا في خَوَاءِ إِبِطِهْ ... لَيْس بمُنْهَكِّ البُرُوكِ فِرْشِطِهْ⁣(⁣٣)


(١) عن الأساس وبالأصل «بإبطة».

(٢) في الصحاح والمصباح: ما تحت الجناح.

(٣) المنهكّ الذي ينفتح إذا برك، عن التكملة.