تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[علق]:

صفحة 345 - الجزء 13

  فإِنّي وما كَلَّفتُمُونِي بِجَهْلِكمْ ... ويَعْلَمُ رَبِّي مَنْ أَعقَّ وأَحْوَبا⁣(⁣١)

  وفي المَثلِ: «أَعقُّ من ضَبٍّ». قال ابنُ الأَعرابِيّ: إِنما يُرِيدُ به الأُنْثَى. وعُقُوقُها: أَنَّها تأْكُلُ أَولادَها.

  والعُقُق، بضَمَّتَين: البُعَدَاءُ من الأَعْداءِ. وأَيضاً: قاطِعُو الأَرْحام. ويُقال: عاقَقْتُ فُلاناً أُعَاقُّه عِقاقاً: إِذا خالَفْتَه.

  وفي الحَدِيثِ: «مَثَلكم ومَثَلُ عائِشَة مَثَلُ العَيْن في الرَّأْسِ تُؤذِي صاحِبَها ولا يَسْتَطِيع أَن يَعُقَّها إِلَّا بالَّذِي هو خَيْر لها».

  هو مُسْتَعار من عُقُوق الوالِدَيْن.

  ويُقال للصَّبِيِّ إِذا نَشأَ مع حَيٍّ حتى شَبَّ وقَوِيَ فيهم: عَقَّت تَمِيمُه في بِنِي فُلان. ومنه قَولُ الشّاعر:

  بلادٌ بها عَقَّ⁣(⁣٢) الشّبابُ تَمِيمَتِي ... وأَوّلُ أَرضٍ مَسَّ جِلدِي تُرابُها

  والأَصلُ في ذلِك أَنّ الصبيَّ ما دام طِفْلاً تُعَلِّق أَمُّه عليه التَّمائم تُعَوِّذُه من العَيْنِ، فإِذا كَبِر قُطِعَت عنه.

  قلتُ: ووقَع في خُطْبةِ المُطَوَّل للسَّعد:

  بِلادٌ بها نِيطَتْ عليَّ تَمائِمِي

  وما ذَكَرنا هو الأَصحُّ.

  وكُلُّ شَقٍّ وخَرْقٍ في الرّمل وغَيْره فهو عَقٌّ.

  والعَقُوق، كَصَبور: مَوْضِع، وبه فُسِّر قَولُ الشَّاعر، أَنشدَه ابنُ السِّكِّيتِ:

  ولو طَلبُونِي بالعَقُوقِ أَتيتُهم ... بأَلفٍ أُؤدِّيهِ إِلى القومِ أَقْرعَا⁣(⁣٣)

  ويُقال: المُرادُ به الأَبُلَقُ، والوَجْهان ذَكَرَهما الجوهَرِيُّ.

  ويُقال للمُعْتَذِر إِذا أَفرطَ في اعْتِذاره: قد اعْتَقَّ اعْتِقاقاً.

  ويُقال للدَّلو إِذا طَلَعت من البِئْر مَلآى: قد عَقَّت عَقّاً. ومن العَربِ مَن يقول: عَقَّت تَعْقِيَة. وأَصلُها عَقَّقَت فلما اجتَمَعَت ثلاثُ قَافات قَلَبُوا إِحْداها ياءً، كما قالُوا: تَظَنَّيْت من الظَّنِّ، وأَنشد ابنُ الأَعرابي:

  عقَّتْ كما عَقَّتْ دَلُوفُ العِقْبان

  شَبَّه الدَّلْوَ وهي تَشُقُّ هَواءَ البِئرِ طالِعةً بسُرْعَةٍ بالعُقابِ تَدْلِفُ في طَيَرانِها نحوَ الصَّيدِ.

  والعَقْعَقَة: حَركةُ القِرْطاسِ والثَّوبِ الجَديد، كالقَعْقَعَة.

  والعَقِيقِيُّون: جماعةٌ من الأَشْرافِ. منهم أَبو محمدٍ الحَسَن بنُ محمدِ بنِ يَحْيى العَدَوِيّ، صاحب كتاب النَّسَب. روى عن جَدّهِ يَحْيى بنِ الحَسَن.

  وأَبو القاسم أَحمدُ بنُ الحُسَيْن بنِ أَحمدَ بنِ عليّ بنِ محمدِ بنِ جَعْفَرٍ العَقِيقيُّ، من كبار الدِّمَشْقِيِّين في أَثناءِ المائةِ الرابعةِ، وهو صاحب الدّار التي صارت المدرسةَ الظاهِرِيَّةَ بدمشقَ، مات سنة ٣٧٨.

  ومُنية عَقِيق: قرية بمصر.

  والأَعِقَّة: رمل. وبه فَسَّر السّكريُّ قولَ أَبِي خِراشٍ:

  ومن دُونِهم أَرضُ الأَعِقَّة والرَّملُ⁣(⁣٤)

  [علق]: العَلَق، مُحَرَّكة: الدَّمُ عَامَّة ما كان أَو هُوَ الشَّدِيدُ الحُمْرةِ، أَو الغَلِيظُ، أَو الجَامِدُ قبلَ أَن يَيْبَس، قال الله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ}⁣(⁣٥) وفي حَدِيث سَرِيَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ: «فإِذا الطَّيرُ تَرْمِيهم بالعَلَق» أَي: بقِطَع الّدمِ.

  وقال رُؤْبَة:

  تَرَى بها من كُلِّ مِرْشاشِ الوَرَقْ ... كثامِر الحُمَّاضِ من هَفْتِ العَلَقْ

  القِطْعَة منه العَلَقة بِهَاءٍ. وفي التَّنْزِيل: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً}⁣(⁣٦) وفي حَدِيثِ ابنِ أَبي أَوْفَى: «أَنه بَزَق عَلَقةً، ثم مضى في صَلاتِه» أَي قِطْعَة دمٍ مُنْعَقِدٍ.

  والعَلَقُ: كُلُّ ما عُلِّقَ


(١) ديوانه ط بيروت ص ٩ وروايته فيه:

إني وما كلفتموني وربكم ... ليعلم من أمسى أعقّ وأحربا

(٢) بالأصل «حب الشباب» والمثبت عن اللسان، وعلى رواية الأصل فلا شاهد فيها.

(٣) اللسان وروايته:

فلو قبلوني ... ... بألفٍ أؤديه من المال أقرعا

(٤) ديوان الهذليين ٢/ ١٦٥ وصدره فيه:

دعا قوله لما استُحل حرامُه

وفيه «فالرمل» بدل «والرمل».

(٥) سورة العلق الآية ٢.

(٦) سورة المؤمنون الآية ١٤.