[إلى]:
  [إلى]: إلى؛ بالكسْر، وإنما أَطْلَقَه للشُّهرة؛ حَرْفُ جَرٍّ مِن حُروفِ الإضافَةِ تأْتي(١) لانْتهاءِ الغايَةِ، والفَرْقُ بَيْنها وبينَ حَتَّى أَنَّ ما بعْدَ إلى لا يَجِبُ أنْ يدخلَ في حُكْم ما قَبْلها بخِلافِ حَتَّى، ويقالُ: أَصْلُ إلى وِلَي، بالواوِ وقد تقدَّمَ.
  وقال سيبويه: ألِفُ إلى وعلى مُنْقلِبتانِ مِن واوَيْنِ لأنَّ الألِفاتَ لا تكونُ فيها الإمالَةُ ولو سُمِّي به رَجُل قيلَ في تَثْنيتِه إلَوَان وعلوان، وإذا اتَّصَل به المُضْمَر قَلَبْته ياءً فقلْتَ إليك وعَلَيْك وبعضُ العَرَب يَتُرُكُه على حالِهِ فيقولُ إلاكَ وعَلاكَ.
  زَمانِيَّةً: كقوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ(٢).
  ومَكانِيَّةً: كقوله تعالى: مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى(٣)، والنِّهايَةُ تَشْملُ أَوَّل الحَدِّ وآخِرَه، وإنَّما يمتنعُ مِن مُجاوَزَتِه.
  وتأْتي للمَعِيَّةِ وذلك إذا ضَمَمْتَ شيئاً إلى آخَرَ، كقوله تعالى: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ(٤)، أَي مع الله؛ وكذلك قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ}(٥)، أَي مَعَ أَمْوالِكُم؛ وكقوله تعالى: {وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ}(٦)، أَي مَعَ شَيَاطِينِهم؛ وكقولهم: الذُّودُ إلى الذَّودِ إبِلٌ(٧)؛ وكذلك قولهم: فلانٌ حَلِيمٌ إلى أَدَبٍ وفقهٍ.
  وحكَى ابنُ شُمَيْل عن الخليلِ في قولك: فإنّي أَحْمدُ إليك الله، قالَ: مَعْناه أَحْمدُ مَعَك؛ وأَمَّا قوله، ø: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}(٨)، فإنَّ جماعَةَ مِن النَّحويِّين جَعَلوا إلى بمعْنَى مَعَ ههنا، وأَوْجَبوا غَسْلَ المَرافِق والكَعْبَيْن، وقال المبرِّدُ: وهو قولُ الزَّجاج: اليَدُ مِن أَطْرافِ الأصابعِ إلى الكَتِفِ والرِّجْل مِن الأصابعِ إلى أَصْلِ الفَخَذَيْن، فلمَّا كانتِ المَرافِقُ والكَعْبانِ دَاخلةً في تَحديدِ اليَدِ والرِّجْلِ كانَتْ داخلةً فيما يُغْسَلُ وخارِجةً ممَّا لا يُغْسل؛ قالَ ولو كانَ المَعْنى مَعَ المَرافِقِ لم يكُنْ في المَرافِقِ فائِدَةٌ وكانتِ اليَدُ كُلُّها يجبُ أَن تُغْسَلَ، ولكنَّه لمَّا قيلَ: إِلى المَرافِقِ اقتُطِعَتْ في حَدِّ الغُسْل مِن المِرْفَق.
  قال الأزْهري: ورَوَى النَّضْرُ عن الخليلِ أنّه قالَ: إذا اسْتَأْجَر الرَّجُل دابَّة إلى مَرْوَ فإذا أَتَى أَدْناها فقد أَتَى مَرْوَ، وإذا قالَ إلى مَدينَةِ مَرْوَ فإذا أَتَى إلى بابِ المدينَةِ فقد أَتاها؛ وقالَ في قوله تعالى: {إِلَى الْمَرافِقِ} إنَّ المَرافِقَ فيمَا يُغْسَل.
  وقال ابنُ سِيدَه في قوله تعالى: {مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ}: وأَنتَ لا تقولُ سِرْتُ إلى زَيْدٍ تريدُ مَعَه، فإنَّما جازَ {مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ} لمَّا كانَ مَعْناه مَنْ يُضافُ في نُصْرتي إلى الله فجازَ لذلكَ أن يأْتيَ هنا بإلى.
  وتأْتي للتَّبْيِين: وهي المُبَيِّنَةُ لفاعِلِيَّةِ مَجْرورِها بعْدَ ما يُفِيدُ حُبًّا وبُغْضاً مِن فِعْلِ تَعَجُّبٍ أَو اسْمِ تَفْضِيلٍ نحو قوله تعالى: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ(٩) إِلَيَّ.
  وتأْتي لِمُرادَفَةِ اللامِ، كما في حديثِ الدُّعاء والأَمْرُ إلَيْكِ(١٠) أَي لكِ.
  ولمُوافَقَةِ في نحو قوله تعالى: لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ(١١)، أَي في يومِ القِيامَةِ؛ وكذلك قوله تعالى: {هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى}(١٢)؛ أَي في أَنْ.
  لَتَضمّنِه معنى الدعاء ومنه قول النَّابغةِ:
  فلا تَتْرُكَنِّي بالوَعيدِ كأنني ... إلى الناس مَطْلِيٌّ به القَارُ أجْرَبُ(١٣)
(١) في القاموس: يأْتِي.
(٢) سورة البقرة، الآية ١٨٧.
(٣) سورة الإسراء، الآية الأولى.
(٤) سورة آل عمران، الآية ٥٢.
(٥) سورة النساء، الآية ٢.
(٦) سورة البقرة، الآية ١٤.
(٧) مجمع الأمثال ١/ ٢٨٨ يعني إن القليل مع القليل. كثير.
(٨) سورة المائدة، الآية ٦.
(٩) سورة يوسف، الآية ٣٣.
(١٠) سورة النمل، الآية ٣٣.
(١١) سورة النساء، الآية ٨٧.
(١٢) سورة النازعات، الآية ١٨.
(١٣) ديوانه ط بيروت ص ١٨ واللسان وهو من شواهد المغني (الشاهد: ١١٨) ص ١٠٥.