تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[همأ]:

صفحة 286 - الجزء 1

  جَعلْتَ الهمزَةَ بينَ الواوِ والهمزة فقُلْتَ: مُسْتَهْزِؤُنَ، فهذا الاختيارُ بعد التحقيق، ويجوز أَن يُبْدَل منها ياء، فيُقْرَأَ مُسْتَهْزِيُونَ، وأَما مُسْتَهْزُونَ فضَعِيفٌ لا وَجْهَ له إِلَّا شاذًّا على وجْهِ من أَبدَلَ الهمزَةَ ياءً فقال في استهزَأْتُ استهزَيْتُ، فيجبُ على استهزَيْتُ مُسْتَهْزَونَ. وللمفسِّرِينَ في معنى الاستهزاءِ أَقوالٌ كثيرَةٌ. راجع تفسيرَ الزجاجِ تَظَفَرْ بالمُرَاد.

  ورَجُلٌ هُزْأَةٌ، بالضمّ فالسكون أَي يُهْزَأُ مِنْه، وقيل يُهْزَأُ به.

  ورَجُلٌ هُزَأَةٌ كَهُمَزَةٍ: يَهْزَأُ بالنَّاسِ لكونه موضوعاً للدَّلالة على الفاعِلِ إِلَّا ما شَذَّ، قال يونُسُ: إِذا قال الرجلُ: هَزِئْتُ منكَ فقد أَخطأَ، إِنما هو هَزِئْتُ بك، واستهزَأْتُ بك، وقال أَبو عمرٍو: يقال: سَخِرْتُ منك ولا يقال: سَخرْتُ بك.

  وقد هَزَأَه، كمَنَعَه يَهْزَؤُهُ هَزْءاً: كَسَرَهُ قال يصف دِرْعاً.

  لَهَا عُكَنٌ تَردُّ النَّبْلَ خُنْساً ... وَتَهْزَأُ بِالمَعَابِلِ والقِطَاعِ

  الباءُ في قوله بالمعابل زائدةٌ، هذا قولُ أَهل اللغة، وقال ابنُ سِيدَه: وهو عندي خَطَأٌ، إِنما تَهْزَأُ هاهنا من الهُزْءِ الذي هو السُّخْرِيَة، كأَن هذه الدِّرْع لَمَّا رَدَّت النَّبْلَ خُنْساً جُعِلَتْ هَازِئَةً بها.

  وعن ابن الأَعرابيّ: هَزَأَ إِبلَهُ هَزْءاً: قَتَلَهَا بِالْبَرْدِ كَهَرَأَها، بالراء كَأَهْزَأَها رُبَاعِيًّا. قال ابنُ سِيدَه: لكن المعروفُ بالرَّاءِ، وأُرَى الزَّايَ تَصْحيفاً، انتهى. وقال ابنُ الأَعرابيّ: أَهْزَأَه البَرْدُ وأَهْرَأَه، إِذا قَتَلَه، مثل أَزْغَلَه وأَرْغَله فيما يَتَعاقبُ فيه الراءُ والزاي.

  وعن الأَصمعيّ وغيرِه: هَزَأَ رَاحِلَتَه ونَزَأَها: حَرَّكَها لِتُسْرع.

  وهَزَأَ زَيْدٌ: مَاتَ مكانه، أَي فَجْأَةً، كما قَيَّدَه الزمخشريُّ في الكشّاف، وإِن اعتَرَضه ابنُ الصائغ فلا يُعْتَدُّ به، قاله شيخُنا نقلاً عن العِنَايَة كَهَزِئَ مثل فَرِحَ، وهذه عن الصاغاني.

  وأَهْزَأَ الرجلُ إِذا دَخَلَ في شِدَّةِ البَرْدِ، نقله الصاغانيُّ أَيضاً.

  وأَهزأَتْ به ناقَتُه: أَسْرَعَتْ به، وذِكْرُ الناقةِ مثالٌ، فلو قال: دابَّتُه، كان أَوْلَى.

  وفي الأَساس: ومن المجازِ: مَفَازَةٌ هَازِئَةٌ بالرَّكْبِ وهزأَة بهم⁣(⁣١) والسرابُ يَهْزَأُ بِهم، وغَدَاةٌ هازِئَةً: شديدةُ البَرْدِ، كأَنها تَهْزَأُ بالناس حين يَعْتَرِيهم الانقباضُ والرِّعْدَةُ.

  [همأ]: الهِمْءُ، بالكسر هو الثَّوْبُ الخَلَقُ، ج أَهْمَاءٌ.

  وَهَمَأَهُ أَي الثوبَ كمَنَعَه يَهْمَؤُهُ هَمْأً: خرَقَهُ أَي جَذَبَه فانخَرق وأَبْلَاهُ، كأَهْمَأَهُ رُباعيَّا فَانْهَمَأَ وتَهَمَّأَ أَي تَقَطَّع من البِلَى، وربما قالُوا: تَهَتَّأَ، بالتاء المثنَّاة الفوقِيَّة، وقد تقدَّم ذِكْرُه.

  [هنأ]: الهَنِيءُ والمَهْنَأُ: مَا أَتَاكَ بلا مَشَقَّةِ اسمٌ كالمَثْنَى⁣(⁣٢) وقد هَنِئَ الطعامُ يَهْنَأُ وهَنُؤَ يَهْنُؤُ هَنَاءَةً: صَارَ هنيئاً، مثل فقِه وفقَهَ.

  وهَنَأَنِي الطعامُ وهَنَأَ لي الطَّعَامُ يَهْنَأُ ويَهْنِئُ ويَهنُؤُ هِنْأً بالكسر وهَنْأً بالفتح، ولا نظيرَ له في المهموز، قاله الأَخفشُ، ويقال: هَنَأَني خُبْزُ⁣(⁣٣) فلان أَي كان هنيئاً.

  وهَنِئْتُ الطَّعَامَ، بالكسر، أَي تَهَنَّأْتُ به بغيرِ تَبِعَةٍ ولا مَشَقَّةٍ وقد هَنَأَنَا اللهُ الطَّعامَ.

  وكان طعاماً اسْتَهْنَأْنَاهُ، أَي اسْتَمْرَأْنَاهُ وفي حديثِ سُجودِ السَّهْوِ «فَهَنَّاهُ ومَنَّاهُ» أَي ذَكَّرَه المَهَانِي⁣(⁣٤) والأَمانِي، والمُرادُ به ما يَعْرِضُ للإِنسانِ في صَلَاتِه مِن أَحاديثِ النَّفْسِ وتَسْوِيلِ الشيطانِ.

  ولك المَهْنَأْ والمَهْنَا، والجَمْعَ المَهانِئُ، بالهمز، هذا هو الأَصلُ، وقد يُخَفَّف، وهو في الحدِيثِ أَشْبَهُ، لأَجل مَنَّاه، وفي حديث ابنِ مَسعودٍ في إِجابة صاحبِ الرِّبَا «إِذا دَعَا إِنْساناً وأَكلَ طعامه، [قال]⁣(⁣٥): لك المَهْنَأُ وعَليه الوِزْرُ» أَي يَكونُ أَكلُك لَه هنيئاً لا تُؤَاخَذُ به، ووِزْرُه على مَن


(١) بهامش المطبوعة المصرية: كذا بخطه، وفي الأساس المطبوع: وهزّاءة فليحرر.

(٢) اللسان: كالمشتى.

(٣) عن اللسان، وبالأصل: خبر.

(٤) في النهاية: «المهانئ».

(٥) عن النهاية.