[وزائدة]:
  كأَنَّه قالَ غَيْر الفَرقَدَيْن. وأَصْلُ إلَّا الاسْتِثْناءُ والصِّفَةُ عارِضَةٌ، وأَصْلُ غَيْر صِفَةٌ والاسْتِثْناء عارِضٌ.
  وقد تكونُ إلَّا عاطِفَةً بمنْزِلَةِ الواوِ كقوله تعالى: لِئَلّا يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا(١)؛ وقوله تعالى: {لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ١٠ إِلّا مَنْ(٢) ظَلَمَ}؛ ثم بدل حسناً بعد سوء، أَي: ولا الذين ظَلَمُوا ولا مَنْ ظَلَم؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِي:
  وأَرَى لها داراً بأَغْدِرةِ السِّي ... دانِ لم يَدْرُسْ لها رَسْمُ
  إلَّا رَماداً هامِداً دَفَعَتْ ... عنه الرِّياحَ خَوالِدٌ سُحْمُ(٣)
  وقد ذَكَرَ المصنِّفُ إلَّا وأَحْكامَها في تَرْكيبِ «ا ل ل»، ومَرَّ الكَلامُ عليه هناك.
[وزائدَةٍ]:
  حَراجِيجُ ما تَنْفَكُّ إِلَّا مُناخَةً ... على الخسف أو نَرْمِي بها تلَداً خَفْرَا
  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:
  المُسْتَثْنَى المُفَرَّغُ الذي يَجِيءُ بعْدَ إلَّا في كَلامِ غَيْر مُوجَب إذا كانَ المُسْتَثْنى منه غَيْر مَذْكُور نَحْو: ما جاءَني إلَّا زيْدٌ، ويُعْرَبُ المُسْتَثْنى على حَسَبِ مُقْتَضى العَوامِل؛ وسُمِّي مُفَرّغاً لأنَّه فرَّغَ العامِلَ عن العَمَلِ فيمَا قَبْل إلَّا، أَو لتَفْريغِ العَامِل عن المَعْمولِ للمُسْتَثْنى، وإذا كانَ المُسْتَثْنى ليسَ مِن الأوَّل وكانَ أَوَّله مَنْفياً يَجْعَلُونَه كالبَدَلِ؛ ومن ذلكَ قولُ الشَّاعر:
  وبَلْدةٍ ليسَ بها أَنِيسٌ ... إلَّا اليَعافِيرُ وإلَّا العِيسُ(٤)
  وأَمَّا قولهُ تعالى: {إِلّا قَوْمَ يُونُسَ}(٥)؛ فقالَ الفرَّاء: نُصِب لأنَّهم مُنْقطِعُونَ ممَّا قَبْل. وتأْتي إلَّا بمعْنَى لمَّا كقوله تعالى: {إِنْ كُلٌّ إِلّا كَذَّبَ الرُّسُلَ}(٦)، وهي في قَراءَةِ عبدِ الله: إنْ كُلُّهم لمَّا كذَّبَ الرُّسُلَ. كما إنَّ تأْتي بمعْنَى إلَّا في قولهِ تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ}(٧).
  وقال ثَعْلب: حَرْفٌ مِن الاسْتِثْناءِ تَرْفَع به العَرَبُ وتَنْصبِ، لُغتانِ فَصِيحتانِ، وهو قولك: أَتانِي إخْوتُك إلَّا أَنْ يكونَ زيْداً وزيدٌ، فمَنْ نَصَبَ أَرادَ إلَّا أنْ يكونَ الأمْرُ زيداً، ومَنْ رَفَعَ جعلَ كانَ تامَّةً مُكْتَفِيَةً عن الجزاءِ باسْمِها وسُئِلَ ثَعْلب عن حَقيقَةِ الاسْتِثْناء إذا وَقَع بإلَّا مكرَّراً مَرَّتَيْن أَو ثلاثاً أَو أَرْبعاً فقال: الأوَّل حَطٌّ، والثَّاني زيادَةٌ، والثَّالثُ حَطٌّ، والرابعُ زيادَةٌ، إلَّا أَنْ تجعلَ بعضَ إلَّا إذا جُزْت الأوَّل بمعْنَى الأوَّل فيكونُ ذلكَ الاسْتِثْناء زِيادَةٌ لا غَيْر، وأَمَّا قولُ أَبي عبيدَةَ في إلَّا الأُولى أنّها تكونُ بمعْنَى الواوِ فهو خَطَأٌ عنْدَ الحذَّاقِ(٨).
  [ألَّا]: أَلَّا، بالفتح والتَّشْديدِ: حَرْفُ تَحْضيضٍ مُخْتَصٌّ بالجُمَلِ [الفِعْلِيَّةِ] * الخَبَرِيَّةِ؛ ومَرَّ له في هَلَلَ أنَّ هَلَّا تَخْتَصُّ بالجُمَلِ الفِعْليَّة الخَبَرِيَّةِ؛ ولَها مَعْنيانِ: تكونُ بمعْنَى هَلَّا يقالُ: أَلَّا فَعَلْتَ ذَا، مَعْناه: لمَ لمْ تَفْعَل كذا؛ وتكونُ بمعْنَى أنْ لا فأُدْغمت النونُ في اللامِ وشُدِّدَتِ اللامُ تقولُ: أَمَرْته أَلَّا يَفْعلَ ذلك، بالإدْغامِ، ويجوزُ إظْهارُ النونِ كقولك: أَمْرَتُك أَنْ لا تَفْعلَ ذلك، وقد جاءَ في المصاحِفِ القديمةِ مُدْغماً في موْضِع، ومُظْهراً في مَوْضِع، وكلُّ ذلكَ جائِز.
  وقال الكِسائي: أنْ لا إذا كانتْ إخْباراً نَصَبَتْ وَرَفَعتْ، وإذا كانتْ نَهْياً جَزَمَتْ.
  وقد ذَكَرَه المصنِّفُ في ا ل ل وأَعادَه هنا ثانِياً.
(١) سورة البقرة، الآية ١٥٠.
(٢) سورة النمل، الآية ١١.
(٣) البيتان في اللسان للمخبل، والصحاح.
(*) ما بين معكوفتين: ساقطة من الأَصل.
(٤) اللسان والتهذيب بدون نسبة.
(٥) سورة يونس، الآية ٩٨.
(٦) سورة ص، الآية ١٤.
(٧) سورة الطارق، الآية ٤.
(٨) قبل «ألّا» ثمة سقط في الشارح في نقله عبارة القاموس، وتتمة «إلّا» كما في القاموس: وزائدةٌ:
حراجيجُ ما تَنْفَكّ إلَّا مُناخَةً ... على الخَسْفِ أو نَرْمِي بها بَلَداً قَفْراً
البيت لذي الرمة ديوانه ص ١٧٣، وهو الشاهد ١١٥ من شواهد مغني اللبيب.
(*) ما بين معكوفتين: ساقطة من الأَصل.