تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[شحت]:

صفحة 79 - الجزء 3

  وزعَمَ المَرْزُوقِيُّ في شرح الفصيح: أَنّ شَتَّان مصدرٌ، ولم يُستعملْ فعلُه، وهو مبنيٌّ على الفتح؛ لأَنه موضوعٌ موضعَ الفِعْل الماضي، تقديرُه: شتَّ زيدٌ، أَي: تَشتَّت، أَو تَفَرَّق جِدًّا.

  وقال ابنُ عُصفورٍ: وزعم الزَّجَّاجُ أَنَّه مصدرٌ واقعٌ موقعَ الفعل، جاءَ على فَعْلان، مخالف أَخواته فبُنِيَ لذلك. وقال أَبو عثمانَ المازنيُّ: شَتّانَ وسُبْحَانَ، ويجوز تَنْوِينُهما، اسْمَيْنِ كانا أَو في موضعهما.

  وقال أَبو عليّ الفارسيّ، في التَّذْكِرةِ القصريّة، بعد أَنْ نقل قولَ المازنِيّ: شَتّانَ إِذا كان في موضعه. فهو اسْمٌ للفعل، وهو شَتّ بمنزلة صَهْ، فإِنْ نَوَّنْتَهُ، فهو نَكِرةٌ، وإِنْ لم تُنَوِّنْه، فهو معرفة، فإِن نقلت شَتّانَ عن أَنْ يكونَ اسْماً للفِعل، فجعلته اسْماً للتَّشتيت معرفةً، صارَ بمنزلة:

  سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الفَاخِرِ

  في أَنَّهُ اسمٌ للتَّنْزِيه، معرفةٌ. وصَحَّحَ ابنُ أُمّ قاسم في شرح الخُلاصة: أَنَّ شَتَّانَ اسمُ فِعْل، بمعنى تَباعَدَ وافْتَرَقَ.

  قال: وذهبَ أَبو حاتِم والزَّجّاجُ إِلى أَنّها مصدرٌ جاءَ على فَعْلانَ، وهو واقع موقِعَ الفعل.

  قلتُ: وقد تقدَّم نصُّ كلام الزَّجّاج وقال الرَّضِيّ: إِنّها تَدُلُّ على التَّعَجُّب، وإِنَّ معنى شَتَّانَ زيدٌ: ما أَشدَّ الافتراقَ: وقال ابنُ جِنِّي: شتّانَ وشَتَّى، كسَرْعَانَ وسَكْرَى، يعنِي: أَنّ شتَّى ليس مؤنَّث شَتّان، كسَكْرَان وسَكْرَى، وإِنّما هما اسمانِ تَوارَدا وتَقابلَا في عُرْضِ اللُّغة من غير قَصْدٍ.

  قلتُ: فعلى هذا قولُهم في قول جميلٍ:

  أُرِيدُ صَلاحَها وتُرِيد قَتْلِي ... وشتَّى بين قَتْلي والصَّلَاحِ

  إِنّه⁣(⁣١) لضرُورة الشّعر، محلُّ تأَمُّلٍ.

  ومحْمُودُ بن شُتَّى، بالضَّمِّ⁣(⁣٢): مُحَدِّثٌ رَوَى عن أَبي الحسن عليّ بن أَحمدَ الخرستانيّ، وعنه ابنُ خَلِيلٍ.

  وعُمرُ بنُ السَّكَن بن شَتُّويَه الوَاسِطيّ عن أَبي عبد الله الضَّرير، بحديث كذب.

  [شحت]: * وممّا يُستدرَكُ عليه، هنا: شَحَتَ السِّكّينَ: إِذا شَحَذهُ، أَثْبَتهُ ابنُ الأَثير، وقال في النّهاية في الحديث⁣(⁣٣): «هَلُمِّي المُدْيَة، فاشْحَتِيها بحَجَرٍ، أَو سُنِّيها» ويقالُ بالذّال، وأَنكرَه الجَوْهَرِيّ والزَّمْخَشرِيّ، وتَبِعَهُما المَجْدُ حتَّى زعَم الحَرِيرِيُّ في دُرَّة الغوّاصِ أَنَّه من أَوهام الخواصّ. وقال شيخُنا: إِذا ثبَت الحديثُ، فهو أَفصحُ الكلام.

  [شخت]: الشَّخْتُ، بعد الشين خاءٌ: هو الدَّقيقُ الضّامِرُ من الأَصْلِ لا هُزَالاً أَي: لا مِن الهُزال، هكذا قَيَّدَه في لسان العرب وغيرِه من الأُمَّهات، فلا عِبرَة بقول شيخِنا: هذا القيدُ خَلَتْ عنه الدَّواوينُ المشهورةُ. وقيل: الشَّخْتُ: هو الدَّقِيقُ من كُلِّ شيْءٍ، حتّى إِنّه يُقال للدَّقيقِ العُنُقِ والقوائمِ: شَخْتٌ ومنهم مَنْ يُحَرِّكُ الخاءَ؛ وأَنشد:

  أَقاسِيمُ جَزَّأَها صانِعٌ ... فمِنْها النَّبيلُ ومنها الشَّخَتْ

  والأُنْثى شَخْتَةٌ. وج شِخَاتٌ، بالكسر. وقد شَخُتَ، كَكرُمَ، شُخُوتةً، فهو شَخْتٌ، وشَخِيتٌ.

  وفي حديث عُمَرَ، ¥، قال للجِنّيّ: «إِنّي أَراك ضَئيلاً شَخِيتاً».

  الشَّخْتُ، والشَّخِيتُ: النَّحِيفُ الجِسْمِ، الدَّقِيقةُ.

  ويقالُ للحَطَب الدَّقيقِ: شَخْتٌ.

  ويقال: إِنَّه لشَخْتُ الجُزَارَةِ: إِذا كان دَقيقَ القَوَائِمِ؛ قال ذُو الرُّمَّةِ:

  شَخْتُ الجُزارَةِ مثْلُ البَيْتِ سائرُهُ ... مِن المُسُوحِ خِدَبٌّ شَوْقَبٌ خَشِبُ⁣(⁣٤)

  وإِنّه لشَخْتُ العَطاءِ: أَي قليلُه.


(١) يعني حذف نون شتان.

(٢) في إحدى نسخ القاموس: كرُبَّى.

(٣) ورد الحديث في النهاية في مادة شحث بالثاء وفيه: «... فاشحثيها بحجر».

(٤) خدب عن التهذيب واللسان، وبالأصل «حدب» وفي اللسان (جزر):

«سحب الجزارة مثل البيت سائره ...»

والجزارة: اليدان والرجلان والعنق لأنها لا تدخل في أنصباء الميسر وإنما يأخذها الجزار جزارته.