تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سفع]:

صفحة 211 - الجزء 11

  مِنْ بَعْدِ ما كانَ فَتًى سَرَعْرَعَا

  أَخْبَرَتْ صاحِبَتَهَا عنه أَنَّهْ قد أَدْبَر وفَنِيَ إِلّا أَقَلّه.

  وِالسَّعْسَعَةُ: تَرْوِيَةُ الشَّعَرِ بالدُّهْنِ كالسَّغْسَغةِ، بالغينِ المُعْجَمَةِ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ.

  وِمن السَّعْسَعَةِ بمَعْنَى الفَناءِ قَوْلُهُم: تسَعْسَعَ الشَّهْرُ، إِذا ذَهَب أَكْثَرُه، كما في الصّحاحِ، ويُقالُ أَيْضاً: تَشَعْشع، بالشِّينِ المُعْجَمَةِ، كما يَأْتِي للمُصنِّفِ. وقد ذكرَه أَيْضاً في «تَحْبِيرِ المُوَشِّين» قال الجَوْهَرِيُّ: ومنه حَدِيثُ عُمَرَ ¥ أَنَّه سَافرَ في عَقِبِ شهْرِ رَمَضانَ وقال: «إِنَّ الشَّهْرَ قد تَسَعْسَع، فلو صُمْنَا بَقِيَّتَه» فاسْتَعْمَلَ التَّسَعْسُعَ في الزَّمانِ، قال الصّاغَانِيُّ: وفي الحَدِيثِ حُجَّةٌ لمَنْ رَأَى الصَّوْمَ في السَّفَرِ أَفْضَلَ من الإِفْطارِ.

  وِيُقال: تَسَعْسَعَت حالُه، إِذا انْحَطَّتْ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وقال أَبُو الوَازِعِ: يُقَالُ: تَسَعْسَعَ⁣(⁣١) الفَمُ: إِذا انْحَسَرَتْ شَفَتُه عن الأَسْنَان.

  وكُلُّ شَيْءٍ بَلِيَ وتَغَيَّرَ إِلى الفَسَادِ فقد تَسَعْسَعَ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

  السُّعْسُعُ، بالضَّمِّ: الذِّئْبُ. حَكَاه يَعْقُوبُ، وأَنْشَدَ:

  وِالسُّعْسُعُ الأَطْلَسُ في حَلْقِه ... عِكْرِشَةٌ تَنْئِقُ في اللِّهْزِمِ

  أَراد «تَنْعِقُ» فأَبْدَل.

  وفي الكَشّافِ: سَعْسَعَ اللَّيْلُ، إِذا أَدْبَرَ. فخَصَّهُ بإِدْبارِهِ، دُونَ إِقْبَالِه، بخِلافِ عَسْعَسَ، فإِنَّهُ بمَعْنَى أَدْبَرَ اللَّيْلُ، وأَقْبَل، ضِدٌّ، أَو مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ، فليسَ سَعْسَعَ مَقْلُوباً منه، كما زَعَمَه أَقْوَامٌ، نَقَلَه شيخُنا.

  [سفع]: سَفَعَ الطائِرُ ضَرِيبَتَه، كمَنَع: لَطَمَهَا بِجَناحَيْهِ، وفي بَعْض نُسَخ الصّحّاحِ: بجَنَاحِه.

  وِسَفَعَ فُلانٌ فُلاناً وَجْهَهُ بيَدِهِ سَفْعاً: لَطَمه، وسَفَعَهُ بالعَصَا: ضَربَهُ. ويُقَال: سَفَعَ عُنُقَه: ضَرَبَهَا بكِّفهِ مَبْسُوطَةً، وهو مَذْكُورٌ في حرف الصّاد.

  وِسَفَعَ الشِّيْءَ سَفْعاً: أَعْلمَه، أَي جَعَلَ عَلَيْهِ عَلامةً ووَسَمَهُ، يُرِيدُ أَثَراً من النّارِ، وفي الحَدِيثِ: «لَيُصِيبَنَّ أَقْوَاماً سَفَعٌ من النَّارِ» أَي علامَةٌ تُغَيِّرُ أَلْوَانَهم، وقال الشّاعِرُ:

  وِكُنْتُ إِذا نَفْسُ الغَوِيِّ نَزَتْ بِهِ ... سَفَعْتُ على العِرْنِينِ مُنْهُ بمِيسَمِ⁣(⁣٢)

  وِسَفَعَ السَّمُومُ وَجْهَه، زادَ الجَوْهَرِيُّ: والنّارُ، وزَادَ غَيْرُه: والشَّمْسُ: لَفَحَه لَفْحاً يَسِيراً. هكذا في النُّسَخِ، وصَوَابُه: لَفَحَتْه، كما في العُبابِ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: فَغَيَّرَتْ لَوْنَ البَشَرَة، زادَ غيرُه: وَسَوَّدَتْهُ، كسَفَّعَه تَسْفِيعاً، قال ذو الرُّمَّة:

  أَذاكَ أَمْ نَمِشٌ بالوَشْمِ أَكْرُعُه ... مُسَفَّعُ الخَدِّ غَادٍ ناشِطٌ شَبَبُ

  وِسَفَعَ بِنَاصِيَتِه وبِرِجْلِه يَسْفَع سَفْعاً: قَبَض عَلَيْهَا فاجْتَذَبَها قالَهُ اللَّيْثُ.

  وفي المُفْرَدَاتِ: السَّفْعُ: الأَخْذُ بسُفْعَةِ الفَرَسِ، أَي سَوَادِ نَاصِيَتِه ومنه قَوْلُه تَعَالَى: لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ {ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ}⁣(⁣٣) ناصِيَتُه: مُقَدَّمُ رَأْسِه، أَي لَنَجُرَّنَّه بها كما في العُبَابِ. وفي اللِّسَانِ: لنَصْهَرَنَّهَا، ولَنَأْخُذَنَّ بِها إِلى النّارِ، كما قالَ تَعالَى: {فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ}⁣(⁣٤) أَو المَعْنَى: لَنُسَوِّدَنَّ وَجْهَهُ. وإِنّمَا اكْتَفَى بالناصِيَةِ لأَنَّهَا مُقَدَّمُهُ، أَي في مُقَدَّمِ الوَجْهِ، نَقَلَهَ الأَزْهَرِيُّ عن الفَرّاءِ. قال الصّاغَانِيُّ: والعَرَبُ تَجْعَلُ النُّونَ السَّاكِنَةَ أَلِفاً، قال:

  وِقُمَيْرٌ بَدا ابنَ خَمْسٍ وعِشْرِي ... نَ فقَالَتْ له الفَتَاتَانِ قُومَا

  أَي «قُوماً» بالتَّنْوِين، أَو المَعْنَى لَنُعْلِمَنَّه عَلامَةَ أَهْلِ النارِ، فَنُسَوِّد وَجْهَه ونُزَرِّق عَيْنَيْهِ. كما في العُبَاب. ولا يَخْفَى أَنَّه داخلٌ تَحْتَ قوله: «لَنُسَوِّدَنَّ وَجْهَه» كما هو صَنِيعُ


(١) عن التكملة، وبالأصل «تسعسعت» وفي التهذيب: «وتسعسعت فمه» وما أثبت الصواب فالفم مذكر.

(٢) البيت للأعشى، ديوانه ص ١٨٢ ط بيروت من قصيدة يهجو عمير بن عبد الله بن المنذر بن عبدان مطلعها:

ألا قل لتيّا قبل مرتها اسلمي ... تحية مشتاق إليها متيمِ

وروايته فيه:

وِكنت إذا نفس الغوي نوت به ... صقعت على ....

وعلى روايته فلا شاهد فيه.

(٣) سورة العلق الآيتان ١٥ و ١٦.

(٤) سورة الرحمن الآية ٤١.