تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ثوب]:

صفحة 340 - الجزء 1

  التُّرابُ، وبِفِيهِ الإِثْلبُ أَيِ التَّرَابُ والحجَارَةُ، قَالَ رُؤَبَةُ:

  وَإِنْ تُناهبْهُ تَجِدْهُ مِنْهَبَا ... يَكْسُو حُرُوفَ حَاجبَيْهِ الأَثْلَبَا

  وهُوَ التُّرَابُ، وحكَى اللحْيَانِيّ: الأَثْلَبَ لَكَ أَيِ⁣(⁣١) التُّرَابَ، نَصَبُوهُ كَأَنَّهُ دُعَاءٌ، يُريدُ كَأَنَّهُ مَصْدَرٌ مَدْعُوٌّ بِهِ وإِنْ كَانَ اسْماً، وفي الحَدِيثِ: «الوَلدُ للْفرَاش وللْعَاهِرِ الإِثْلَبُ» الإِثْلبُ بكَسْرِ الهمْزَة واللَّامِ وفَتْحهِمَا، والفَتْحُ أَكْثَرُ: الحَجرُ، وقيلَ: هُوَ التُّرَابُ، وقيلَ دُقَاقُ الحجَارة، والأَثْلَمُ كالأَثْلَبِ، عن الهَجَريِّ قَالَ: لَا أَدْري أَبَدَلٌ أَمْ لُغَةٌ وأَنشد:

  أَحْلفُ لَا أُعْطِي الخَبِيثَ دِرْهَمَا ... ظُلْماً وَلَا أُعْطِيهِ إِلَّا الأَثْلَمَا

  والثَّليبُ كَأَمِير: الكَلأُ الأَسْوَدُ القَدِيمُ، عَنْ كُرَاع أَوْ كَلأُ عَامَيْنِ أَسوَدُ، وهُوَ الدَّرينُ، حَكَاهُ أَبو حنيفَةَ عَنْ أَبِي عَمْرو، وأَنْشَدَ لعُبَادةَ العُقَيْليِّ:

  رَعيْنَ ثَليباً سَاعَةً ثُمَّ إِنَّنا ... قَطَعْنَا عَلَيْهِنَّ الفِجَاجَ الطَّوَامسَا

  والثَّليبُ: نَبْتٌ وهُوَ مِنَ نَجِيل بالجِيمِ السِّبَاخِ عَنْ كُرَاع، وبِرْذَوْنٌ مُثَالبٌ: يَأْكُلُهُ أَيِ النَّبْتَ المَذْكُورَ.

  والثَّلَبُوتُ كَحَلَزُون⁣(⁣٢) إِشَارَة إِلى أَنَّ التَّاءَ أَصْلِيَّة⁣(⁣٣)، وقَالَ شَيْخُنا في شَرْحِ المُعَلَّقَات: الثَّلَبُوتُ مُحَرَّكَةً كَمَا في القَامُوس والمَرَاصد وغيرِهمَا، وقَوْلُ الفَاكِهيِّ في شَرْحِه: إِنَّ اللَّامَ سَاكنَةٌ غَلَطٌ، انتهى، وأَجَازَ ابنُ جنِّي زِيَادَةَ تَائهَا حَمْلاً عَلَى جَبَرُوتٍ وإِخْوَته لفَقْدِ مَادّةِ «ثلبت» دُونَ «ثلب» قال أَبُو حَيَّانَ: وهُوَ الصَّحيحُ، وهُوَ رَأْيُ ابنِ عُصْفُورٍ في المُمتع، فموضعُ ذكْرِهَا التَّاءُ⁣(⁣٤)، قَالَ شَيْخُنَا ولكنّ المُصَنِّفَ جَرَى على رَأْيِ أَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيِّ، وهُوَ مُخْتَارُ أَبي حَيَّانَ: وَادٍ كَذَا في الصحاح أَوْ أَرْضٌ كَذَا في لسان العرب، واسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ لبيد:

  بِأَحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ يَرْبأُ فَوْقَهَا ... قَفْرَ المَرَاقِبِ خَوْفَهَا آرَامُهَا

  وقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ثَلَبُوتٌ: أَرضٌ، أَسْقَطَ الأَلفَ واللَّامَ، ونَوَّنَ، وقِيلَ: الثَّلَبُوتُ: اسْمُ وَادٍ بَيْنَ طَيِّئٍ وذُبْيَانَ كَذَا في المَرَاصِد، وقيلَ لِبَنِي نَصْرِ بنِ قُعَيْنٍ فيه ميَاهٌ كَثيرَةٌ، وقيلَ لبَنِي قُرَّةَ منْ بَني أَسَد، وقِيلَ: مِيَاهٌ لرَبِيعَةَ بنِ قُرَيْطٍ بِظَهْرِ نَمَلَى، ومنْ قَوْلِهِمْ: رُمْحٌ ثَلبٌ امْرَأَةٌ ثَالِبَةُ الشَّوَى أَيْ مُتَشَقِّقَةُ القَدَمَيْنِ⁣(⁣٥) قَالَ جَرِيرٌ:

  لَقَدْ وَلَدَتْ غَسَّانَ ثَالِبَةُ الشَّوَى⁣(⁣٦) ... عَدُوسُ السُّرَى لَا يَعْرِفُ الكَرْمَ جِيدُهَا

  ورَجُلٌ ثِلْبٌ بِالكَسْرِ وثَلِبٌ كَكَتِف أَيْ مَعِيبُ، وهُوَ مَجَازٌ.

  [ثوب]: ثَابَ الرَّجُلُ يَثُوبُ ثَوْباً وثَوَبَاناً: رجع بَعْدَ ذَهَابِهِ، ويُقَالُ: ثَابَ فُلَانٌ إِلى اللهِ وتَابَ، بالثَّاءِ والتَّاءِ، أَيْ عَادَ وَرَجَعَ إِلى طَاعَته، وكذلك أَثَابَ بمَعْنَاهُ، ورَجُلٌ تَوَّابٌ أَوَّابٌ ثَوَّابٌ مُنِيبٌ بِمَعْنًى وَاحد، وثَابَ النَّاسُ: اجْتَمَعُوا وجَاءُوا، وثَابَ الشيءُ ثَوْباً وثُؤُوباً أَيْ رَجَعَ، كَثَوَّبَ تَثْوِيباً، أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ لرَجُلٍ يَصِفُ سَاقيَيْنِ:

  إِذَا اسْتَرَاحَا بَعْدَ جَهْدٍ ثَوَّبَا

  ومن المَجَازِ: ثَابَ جِسْمُهُ ثَوَبَاناً، مُحَرَّكَةً، وأَثَابَ: أَقْبَلَ، الأَخيرَةُ عن ابنِ قُتَيْبَةَ، وأَثَابَ الرَّجُلُ: ثَابَ إِلَيْهِ جِسْمُهُ وصَلَحَ بَدَنُهُ، وأَثَابَ اللهُ جِسْمَهُ، وفي التهذيب: ثَابَ إِلى العَليلِ جِسْمُهُ، إِذا حَسُنَتْ حَالُهُ بَعْدَ نُحُوله⁣(⁣٧) ورَجَعَتْ إِلَيْهِ صِحَّتُهُ. ومن المَجَازِ: ثَابَ الحَوْضُ يَثُوبُ ثَوْبَا وثُؤُوباً: امْتَلأَ أَوْ قَارَبَ، وأَثَبْتُهُ أَنَا، قَالَ:

  قَدْ ثَكِلَتْ أُخْتُ بَنِي عَدِيِّ ... أُخَيَّهَا في طَفَلِ العَشِيِّ

  إِنْ لَمْ يَثُبْ حَوْضُكِ قَبْلَ الرِّيّ

  ومن المَجَازِ الثَّوَابُ بمَعْنَى العَسَلِ أَنْشَدَ ابْنُ القَطَّاعِ:

  هِيَ أَحْلَى مِنَ الثَّوَابِ إِذَا مَا ... ذُقْتُ فَاهَا وبَارِئِ النَّسَمِ


(١) في اللسان: الإثلب لك والتراب.

(٢) في احدى نسخ القاموس: كجبروت.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله اشارة الخ يتأمل ذلك مع ذكره له في الباء اه».

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «كذا بخطه ولعله الباء».

(٥) في المجمل والمقاييس: منشقة القدمين.

(٦) عن الصحاح، وبالأصل «الشرى».

(٧) اللسان: «تحوله».