تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بأو]:

صفحة 186 - الجزء 19

  فإنْ وَصَلْتَ وقلْتَ: أَيَّة يا هذا، وآيَّات يا هذا نؤَّنْتَ، فإن كانَ الاسْتِثْباتُ عن مَعْرِفَةٍ رَفَعْتَ أَيّاً لا غَيْر على كلِّ حالٍ، ولا تحكي في المَعْرفَة فليسَ في أَيِّ مع المَعْرفَةِ إلَّا الرَّفْعُ، انتَهَى.

  قالَ ابنُ بَرِّي عنْدَ قَوْل الجَوْهرِيّ في حالِ الوَصْلِ والوَقْفِ: صَوابُه في الوَصْلِ فقط، فأمَّا في الوَقْفِ فإنَّه يُوقَفُ عليه في الرَّفْعِ والجرِّ بالسكونِ لا غَيْر، وإنَّما يَتْبَعُه في الوَصْلِ والوَقْفِ إذا ثَنَّاه وجَمَعَه؛ وقالَ أَيْضاً عنْدَ قَوْلِه: ساكِنَة النونِ الخ: صَوابُه أَيُّونَ بفتْحِ النونِ، وأَيَّينَ بفتْحِ النونِ أَيْضاً، ولا يَجوزُ سكون النونِ إلَّا في الوَقْفِ خاصَّة، وإنَّما يَجوزُ ذلِكَ في مَنْ خاصّةً، تقولُ: مَنُونُ ومَنِينْ بالإِسْكانِ لا غَيْر، انتَهَى.

  وقالَ اللَّيْثُ: أَيَّان هي بمنْزِلَةِ مَتَى، ويُخْتَلَفُ في نونِها فيُقالُ أَصْلِيَّةٌ، ويقالُ زائِدَةٌ.

  وقالَ ابنُ جنِّي في المُحْتسب، يَنْبَغي أَنْ يكونَ أَيَّان من لَفْظِ أَيّ لا مِن لَفْظِ أَيْنَ لوَجْهَيْن: أَحَدُهما: إِنَّ أَيْن مَكانٌ وأَيَّان زَمان، والآخر قلَّةُ فعال في الأسْماءِ مع كَثْرَةِ فعلان، فلو سَمَّيْتَ رجُلاً بأيّان لم تَصْرفْه لأنَّه كحمدان؛ ثم قالَ: ومعْنَى أَيّ أَنّها بعضٌ مِن كلِّ، فهي تَصْلحُ للأَزْمِنَةِ صَلاحها لغَيْرِها إذا كانَ التَّبْعيضُ شامِلاً لذلِكَ كُلِّه؛ قالَ أُمَيَّة:

  والناسُ راثَ عليهم أَمْرُ يَومَهم ... فَكُلُّهم قائلٌ للدينِ أَيَّانا

  فإن سَمّيت بأَيَّان سَقَطَ الكَلامُ في حسنِ تَصْرِيفها للحاقِها بالتّسْمِيةِ ببَقِيَّةِ الأَسْماءِ المُتَصَرِّفَةِ، انتَهَى.

  وقالَ الفرَّاءُ: أَصْلُ أَيَّان أَيَّ أَوانٍ، حَكَاه عن الكِسائي، وقد ذُكِرَ في أَين بأَبْسطَ من هذا.

  وقالَ ابنُ بَرِّي: ويقالُ لا يَعْرِفُ أَيّاً مِن أَيِّ إذا كانَ أَحْمَقَ.

  وفي حدِيثِ كَعْبِ بنِ مالِكٍ: «فتَخَلَّفْنا أَيَّتُها الثَّلاثَة»، هذه اللَّفْظَةُ تُقالُ في الاخْتِصاصِ وتَخْتصُّ بالمُخْبرِ عن نَفْسِه وبالمُخَاطَبِ، تقولُ: أَمَّا أَنَا فأَفْعَل كذا أَيُّها الرَّجُلُ يَعْنِي نَفْسَه، فمعْنَى قَوْلِ كَعْب أَيَّتُها الثَّلاثَة، أَي المَخْصُوصِين بالتَّخلّفِ.

فصل الباء مع الواو والياء

  [بأو]: وبأَى، كسَعَى، هكذا في النسخِ، وهو يَقْتَضي أَن يكونَ يائِيّاً لأَنَّ مَصْدَرَهُ السَّعي والصَّوابُ كيَعَى، كما مثَّلَه به في المُحْكَم، يَبْأَى كيَبْعَى. وبَأَى يَبْؤو كدَعا يَدْعُو، قَلِيلٌ؛ أَنْكَره جماعَةٌ.

  وفي المُحْكَم لَيْسَتْ بجيِّدَةٍ.

  بَأْواً كبَعْوٍ وبَأْواءً، بالمدِّ ويُقْصَرُ: فَخَرَ.

  وأَنْكَرَ يَعْقوبُ: البَأْوَاء، بالمدِّ، وقد رَوَى الفقَهاءُ في طَلْحة بأْواءُ.

  وفي الصِّحاحِ: قالَ الأصْمَعيُّ: البَأْوُ: الكِبْرُ والفَخْرُ.

  يقالُ: بَأَوْتُ على القَوْمِ أَبْأَى بَأْواً؛ قالَ حاتِمُ:

  وما زادَنا بَأْواً على ذِي قَرابةٍ ... غِنانا ولا أَزْرى بأَحْسابِ الفَقْرُ⁣(⁣١)

  وبَأَى نَفْسَهُ: رَفَعَها وفَخَرَ بها؛ ومنه حدِيثُ ابنِ عباسٍ: «فَبَأَوْتُ نَفْسِي ولم أَرْضَ بالهَوانِ».

  وبَأَتِ النَّاقَةُ تَبْأَى: جَهَدَتْ في عَدْوِها.

  وقيلَ: تَسامَتْ وتَعالَتْ؛ وقَوْلُ الشاعِرِ أَنْشَدَه ابنُ الأَعْرابيِّ:

  أَقُولُ والعِيس تَبَاء بوَهْد⁣(⁣٢)

  فَسَّره فقالَ: أَرادَ تَبْأَى أَي تَجْهَدُ في عَدْوِها، فأَلْقى حَرَكَةَ الهَمْزَةِ على الساكِنِ الذي قَبْلها.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  البَأْوُ في القَوافِي: كُلُّ قافِيَةٍ تامَّة البِناءِ سَلِيمَة مِن الفَسَادِ فإذا جاءَ ذلِكَ في الشِّعْرِ المَجْزوِّ لم يسمّوه بَأْواً وإن كانتْ قافِيَتُه قد تَمَّتْ؛ قالَهُ الأَخْفَش.

  [بأي]: ي وبَأَيْتُ أَبْأَى بَأْياً، لُغَةٌ في الكُلِّ؛ حَكَاه اللّحْيانيّ في بابِ مَحَيْتُ ومَحَوْتُ وأَخواتها.


(١) ديوانه ط بيروت ص ٥١ برواية: «فما زادنا» والمثبت كرواية اللسان والصحاح، والأساس «فما».

(٢) اللسان.