تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بلد]:

صفحة 363 - الجزء 4

  وبَكر أَباد: محلّة بجرْجَانَ⁣(⁣١).

  [بلد]: البَلَدُ، محرّكةً مأْخوذٌ من قَوله تعالى: {لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ}⁣(⁣٢) والبَلْدَة بفتح فسكون، مأْخوذ من قوله تعالى {رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها}⁣(⁣٣) كِلاهما علَمٌ على مكّة شَرَّفَها اللهُ تعالى تفخيماً لها، كالنَّجم للثُّريّا، والعُود للمَندَل. وقال التوربشتيّ في شرْح المَصابيح: بأَنّها هي البَلْدة الجامعة للخَير، المستحِقّة أَنّ تسمَّى بهذا الاسم دونَ غيرها، لتفوُّقها على سائر مُسمَّياتِ أَجناسِها تَفوُّقَ الكعبِة في تَسميتها بالبَيت على سائر مُسمَّياته، حتى كأَنّها هي المَحلّ المُستحقّ للإِقامة دونَ غيرهَا، من قولهم بَلَدَ بالمَكَان، إِذا أَقامَ به.

  والبَلَد والبَلْدة: كُلُّ مَوضِع أَو قِطْعَةٍ من الأَرضِ مُستحِيزَةٍ، من استحازَ، بالحاءِ المهملة والزاي، عامِرَةٍ أَو غامِرةٍ، خاليةٍ أَو مسكونةٍ. والبَلَدُ والبَلْدةُ: التُّرَابُ. والذي نَقلَه الخَفَاجيُّ عن غير واحد في العناية أَثناءَ الأَعراف، أَنَّ البلدَ الأَرضُ مطلقاً، واستعمالُهُ بمعنَى القَرْيَةِ عُرْفٌ طارئ.

  انتهى. وفي النهاية: وفي الحديث «أَعوذُ بكَ من ساكِنِي البَلَد»، قال: البلَد من الأَرض: ما كان مأْوَى الحَيوانِ⁣(⁣٤) وإِنْ لم يكنْ فيه بناءٌ. وأَراد بساكِنيه الجِنَّ. والجمعُ بِلادٌ وَبُلْدانٌ.

  والبَلَد: القَبْر نفْسُه. قال عَدِيّ بن زَيد:

  مِن أُناسٍ كنْتُ أَرجُو نَفْعَهمْ

  أَصبحُوا قد خَمَدُوا تَحْتَ البَلَدْ

  ويقال البَلَد: المَقْبَرَة، والجمْع كالجمع. والبَلَد: الدّارُ، يمانية. قال سيبويه: هذه الدارُ نِعْمَتِ البَلدُ، فأَنَّث حيث كان الدار، كما قال الشاعر، أَنشده سيبويه:

  هل تَعرِف الدّارَ يُعَفِّيها المُورْ؟

  الدَّجْنُ يوماً والسَّحَابُ المهمورْ

  لكلِّ رِيحٍ فيه ذَيْلٌ مَسفورْ

  والبَلَد: الأَثَرُ من الدّار ... وفي المثَل «أَذَلُّ مِن بَيضةِ البَلَد» و «أَعزُّ من بيضة البلد». البلَد: أُدْحِيُّ النَّعَامِ، بضمّ الهمزة وسكون الدّال وكسر الحاءِ المهملتين، معناه أَذَلُّ من بيضَةِ النَّعامِ الّتي تَتركها في الفَلاة فلا تَرجع إِليها. قال الراعي:⁣(⁣٥)

  تأْبَى قُضَاعَةُ أَنْ تَعرِف لكُمْ نَسباً

  وابنَا نِزارٍ فأَنتمْ بَيضةُ البَلَدِ

  وجَوَّز أَبو عُبَيْدٍ في قولهم: كان فُلانٌ بَيضَة البلدِ أَن يُرَادَ به المدْح. وزَعَم البكريُّ أَنّه قد يُضْرَب هذا مثَلاً للمنفرد عن أَهْله وأُسرته.

  والبَلَد: اسمُ مَدينة بالجزيرة على سبعةِ فَراسخَ من المَوْصل، وقد تُشدّد لامُه، وهو أَوّل دِيَارِ رَبِيعَةَ بشاطئ دِجلَة، ومدينة بفارِسَ. والبَلَد: ة، ببغدادَ، نقله الصاغانِيّ والبَلَد: جَبَلٌ بحِمَى ضَرِيَّةَ، بينه وبينَ مُنْشِدٍ مسيرة شَهْر، وقد تُسكَّن لامُه⁣(⁣٦).

  والبَلَد: الأَثر في الجَسَد. وج أَبْلَادٌ. قال القُصاميّ:

  ليستْ تُجَرَّحُ فُرّاراً ظُهُورُهمُ

  وفي النُّحور كُلومٌ ذات أَبْلا

  وقال ابن الرِّقاع:

  عَرَفَ الدّيَارَ تَوهُّماً فاعتَادهَا

  من بَعْدِ ما شَمِلَ البِلَى أَبْلادَهَا

  اعتادَهَا، أَعَادَ النَّظَرَ إِليهَا مَرَّةً بعد أُخرَى لدُرُوسها⁣(⁣٧) حتَّى عَرفَهَا.

  ومّما يُستَحْسَن من هذه القصيدَة قولُه في صِفَة أَعلَى قَرْنِ وَلَدِ الظَّبْيَة:

  تُزْجِي أَغنَّ كأَنَّ إِبرَةَ رَوْقِه

  قَلَمٌ أَصَابَ من الدَّواةِ مِدَادَها

  وبَلَدَ جِلْدُهُ: صارت فيه أَبْلادٌ.

  والبَلْدَة: بَلْدَةُ النَّحْرِ، وقيل هو الصَّدْرُ من الخُفِّ والحافِر. قال ذو الرُّمَّة:


(١) في معجم البلدان: بكراباذ. قال الاصطخري: جرجان قطعتان إِحداهما المدينة والأخرى بكراباذ.

(٢) سورة البلد الآية الأولى.

(٣) سورة النمل الآية ٩١.

(٤) النهاية: للحيوان.

(٥) ديوانه ص ٧٩.

(٦) وهو ما قيده في معجم البلدان والتكملة.

(٧) عن اللسان وبالأصل: لدورسها.