تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بونت]:

صفحة 19 - الجزء 3

  [بونت]: بُوَنْتُ، بضَمِّ أَوَّلِهِ وفتحِ الواو وسُكُونِ النُّونِ: د بالمغْرِب بالأَنْدَلُس، وفيه حِصْنٌ مَنيعٌ قيل: إنّه لغةٌ في بُنْت السابق؛ مِنْهُ أَبو الطّاهر إِسماعيلُ بْنُ عُمرَ البُوَنْتِيّ، علَّق عنه السِّلَفِيُّ، وأَبو محمد عَبدُ اللهِ بنُ فَتَّوح بنِ مُوسَى بن عبدِ الوَاحد الفِهرِيّ البُوَنْتِيّ، مؤلفُ كتابِ الشُّروط والوثائق.

  [بهت]: بَهَتَه، كمَنَعُه، يَبْهَتُه، بَهْتاً بفتح فسكون، وَبَهَتاً محرَّكةً، وبُهْتاناً بالضمّ، أَي: قالَ عَلَيْهِ ما لَمْ يفْعَلْ.

  والبَهِيتَةُ: البُهْتَانُ، وقال أَبو إِسحاقَ: البُهْتانُ: الباطِلُ الّذِي يُتَحيِّرُ من بُطْلانِهِ، وهو من البَهْتِ، بمعنى التَّحَيُّر، والأَلِفُ والنُّونُ زائدتانِ، وبه فُسِّر قولُه ø: {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً}⁣(⁣١)، أَي: مُبَاهتِينَ آثِمِين.

  والبُهْتُ، والبَهِيتَةُ: الكَذِبُ. بهت فُلانٌ فلاناً: إِذا كذَبَ عَلَيْه، وفي حديث الغِيبَةِ: «وإِنْ لم يَكُنْ فيه ما تَقُولَ، فقد بَهَتَّه»، أَي: كذَبتَ وافتريْتَ عليه.

  وبهَتُّ الرَّجُلَ بَهْتاً: إِذا قابلتَه بالكَذِب، كالبُهْت بالضَّمِّ فالسّكون، فيهما.

  والبَهْتُ بالفتح: حَجَرٌ، م، أَي: معروف.

  والبَهْتُ: الأَخْذُ بَغْتَةً وفَجْأَةً، وفي التَّنْزِيلِ العزيزِ: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ}⁣(⁣٢) هكذَا استدَلَّ له الجَوْهريُّ، قال شيخُنا: والاستدلالُ فيه نَظَرٌ؛ لأَنَّ المفَاجَأَةَ في الآية مأخوذَة من لفظ بغْتَةً، لا من البَهْت، كما هو ظاهر. قلتُ: وقال الزّجّاج: فتَبْهَتُهم، أَي: تُحَيِّرهم حينَ تُفاجِئُهم بَغْتَةً.

  والبَهْتُ: الانْقِطَاعُ والحَيْرَةُ. وقد بَهُتَ، وبَهِتَ: إذا تَحَيَّر. رَأَى شيئاً فَبُهِتَ: يَنْظُرُ نَظَرَ المُتعَجِّبِ، فِعْلُهُما كَعَلِمَ ونَصَرَ وكَرُمَ، أَي مُثَلَّثاً، وبها قُرِئَ في الآية كما حكاه ابنُ جِنِّي في المحْتَسب. وبُهِتَ، مثلُ زُهِيَ، أَفصحها، وهو الّذي في الفَصِيح وغيره، وصرَّح به ابنُ القَطّاعِ والجوهريُّ وغيرهما، بل اقتصر عليه ابْنُ قُتَيْبَةَ في أَدب الكاتب ومنع غَيْرَه، تَقْلِيداً لِثَعلب. وفي التَّكْمِلة: وقرأ الخليلُ: «فباهَتَ الَّذِي كَفَر» وقرأ غيرُه: فبَهتَ، بتَثْلِيث الهاءِ. وفي اللِّسان: بَهُتَ، وبَهِتَ، وبُهِتَ الخَصْمُ: استولتْ عليه الحُجَّةُ. وفي التنزيل العزيز {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}⁣(⁣٣) تأَويلُه: انقطعَ وسكَتَ متحيِّراً عنها. قال ابنُ جِنّي: قِرَاءَةُ ابن السَّمَيْفَعِ فَبَهَتَ الَّذِي كفر، أَرادَ: فَبَهَت إِبراهيمُ الكافرَ، ف «الَّذي» على هذا في موضع نصْبٍ. قال: وقِرَاءَةُ ابْنِ حَيْوَةَ: فبَهُت، بضمّ الهاءِ، [لغة]⁣(⁣٤) في بَهِت. قال: وقد يجوز أَن يكون بَهَت، بالفتح، لغةً في: بَهِت، قال: وحكى أَبو الحسن الأَخْفشُ قراءَة: فبَهِت، كخَرِقَ [و] دَهِشَ، قال: وَبَهُت، بالضّمّ، أَكثرُ من بَهِت، بالكسر، يعني: أَنّ الضَّمَّةَ تكونُ للمبالغة، كقولِهم: قَضُوَ الرَّجُلُ.

  قلت: فظهر بما ذُكِرَ أَنّ الفتحَ فيه ليس ممّا تفرَّدَ به المَجْدُ، بل قرأ به ابنُ السَّمَيْفَعِ، ونقله التَّيّانِيّ في مختصر الجَمْهرة وغيره، وقال أَبو جعفر اللَّبْلِيُّ نقلاً عن الواعي: فَبَهَتَ الذِي كَفَرَ، أَي: بَقِيَ متحيراً، ينظرُ نَظرَ المُتعجِّبِ.

  وفي الصِّحاح: وهو مبْهُوتٌ، ولا يُقَال: باهِتٌ، ولا بَهِيتٌ. وهكذا قاله الصّاغانيّ، وأَصله للكسائيّ، وهو مبنيُّ على الاقتصار في الفعل على: بُهِتَ، كعُنِيَ؛ وأَمّا من قال: بهَت، كنصَرَ ومنَعَ، فلا مانعَ له في القياس، وقد نقلَه اللَّبْلِيُّ في شرح الفصيح. قالوا: باهِتٌ وبَهّاتٌ، وبَهِيتٌ، يَصلحُ لكونه بمعنَى المفعولِ كمَبهوت، وبمعنَى الفاعلِ كباهتٍ، والأَوّل أَقْيَسُ وأَظْهرُ، قاله شيخُنا.

  والبَهُوتُ، كصَبُورٍ: المُبَاهِتُ وقد باهَتَه. وبينَهُمَا مُبَاهَتةٌ وعادَتُه⁣(⁣٥) أَنْ يُبَاحِثَ ويُبَاهِتَ. ولا تَبَاهَتُوا ولا تماقَتوا، كما في الأَساس. والمُرَاد بالمُبَاهِت الّذي يَبْهَتُ السّامعَ بما يَفترِيه عليه. وج، بُهُتٌ، بضَمَّتَيْنِ، وبالضَّمّ؛ وفي حديثِ ابن سَلامٍ، في ذكر اليهود: «إِنهُم قَوْمٌ بُهْتٌ»؛ قال ابنُ الأَثيرِ: هو جمعُ بَهُوت، من بناءِ المُبَالغة في البَهْت، مثلُ صَبُورٍ وصُبُر، ثم يُسَكَّنُ تخفيفاً وبُهُوتٌ بالضَّمّ، قال شيخُنا: لا يُدْرَى هو جمعٌ لماذا؟ أو اسم جمع، ولا يصلُحُ فيما ذكر أَن يكونَ جمعاً إِلّا لباهِت، كقاعِدٍ وقُعُود، وهو قد نفاه عن الكلامِ، فَلْيُتَأَمل.


(١) سورة النساء الآية ٢٠.

(٢) سورة الأنبياء الآية ٤٠.

(٣) سورة البقرة الآية ٢٥٨.

(٤) زيادة عن اللسان. (٥) الأساس: ومن عادته.