تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نتح]:

صفحة 225 - الجزء 4

  مَقْبُوحاً مشقوحاً مَنبوحاً» حكاه الهرويُّ في الغريبين.

  والمَنْبُوح: المشتوم يقال نَبحتْني كِلابُكَ، أَي لَحِقَتْنِي شَتائمُكَ.

  وفي التهذيب: نَبَحَهُ الكَلْبُ ونَبَحَتْ عليه ونَابَحَه⁣(⁣١).

  وفي مثَلٍ: «فُلانٌ لا يُعوَى ولا يُنْبَح»، يقول: مِن ضَعْفه لا يُعتَدّ به ولا يُكَلَّم بخَيْرٍ ولا شَرٍّ.

  ورَجُلٌ نَبّاحٌ: شديدُ الصَّوْت، وقد حُكِيَت بالجيم.

  ومن المجاز نَبَحَ الشَّاعرُ، إِذا هَجَا، كما في الأَساس.

  والنّوابحُ: مَوضعٌ، قال مَعْنُ بن أَوس:

  إِذَا هِيَ حَلّتْ كَرْبَلَاءَ فَلَعْلَعاً

  فَجَوْزَ العُذَيب دُونَها فالنَّوابِحَا

  واستدرك شيخُنا نُبَيحاً الغنَويّ كزُبير، من التابِعين.

  [نتح]: النَّتْح، بالمثنّاة الفوقيّة السّاكنة: العَرَق. وفي الصّحاح: الرّشْح. وقيل: خُرُوجُه، أَي العَرقِ مِن الجِلْدِ، كالنُّتُوحِ بالضّم، نَتَحَ يَنَتِح نَتْحاً ونُتُوحاً والنَّتْح والنُّتُوحُ: خُروجُ الدَّسَم مِنَ النِّحْيِ. يقال: نَتَحَ النِّحيُ، إِذا رَشَحَ بالسَّمن ونَتَحَت المَزادَةُ نَتْحاً ونُتُوحاً. وكذا خُرُوجُ النَّدِيّ⁣(⁣٢) ضبطه في نسختنا النَّدِيّ، كأَمير فليُنظر - من الثَّرَى. وقال الأَزْهَرِيّ: النَّتْح: خُرُوجُ العَرَقِ من أُصول الشَّعرِ. نَتَح هو، كضَرَبَ، لازِمٌ، ونَتَحَه الحَرُّ وغيرُه، متعدٍّ.

  والنُّتُوحُ، بِالضَّمّ. صُمُوغُ الأَشجارِ، ولا يقال نُتُوعٌ كما في الصّحاح، أَي على ما اشتهرَ على الأَلْسنة. قال شيخنا: ثُمّ يُحتاج إِلى النظرِ في مفْرده، هل هو نَتْح كصَمْغ وَزناً ومعنًى، أَو غير ذلك.

  والمِنْتَحَة، بالكسر: الاسْتُ، ومثله في اللسان.

  وانتَاحَ، ما لَهُ مَعْنًى مناسبٌ لهذه المادّة لا أَنه بِناءٌ مهمَل من أَصْله على ما قرّره شيخنا، فيلزم عليه أَن يقال ما المانع من أن يكون افتعال من النَّوْح أَو من النَّيح، فإِنّ كلًّا منهما مادّة واردةٌ لها معانٍ، فتأَمّلْ. وغَلِطَ الجَوهريُّ ¦ ثَلاثَ غَلَطَاتٍ بناءً على ما أَصَّلَه، أَحدها: أَن التَّرْكِيب صحيح ليس فيه حَرْفُ عِلّه، فَمَا للانتِيَاحِ فيه مَدْخَلٌ، ولا يكونُ مُطَاوعاً لنَتَحَ أَيضاً كما هو ظاهر. ثانيها: أَنَّ الانتياحَ لا معنَى له، أَي في هذا التركيب، لا مُطلقاً كما توهَّمه بعضّ. ثالثُها: أَنّ الرِّواية في الرجز لذِي الرّمة المُستشهَد به يَصف بَعيراً يَهدِر في الشِّقْشِقة:

  رَقْشَاءَ تَنْتَاح، اللُّغَامَ المُزْبِدَا

  دَوَّمَ فيها رِزُّه وأَرْعَدَا

  إِنَّمَا هو تَمْتَاحٌ بالميم لا بالنون، ومعناه أَي تُلْقى اللُّغَامَ.

  قال شيخنا: ولم يَتعقّبه ابن بَرّيّ في الحواشي، ولا تَعرَّض للرّجز شارحُ الشواهِدِ، كعادته في إِهمال المهمّات.

  قلت: ولم يَتعقَّبْه ابنُ منظورٍ أَيضاً مع كمال تتبُّعه لما استُدرِك على الجوهريّ. ونصُّ عبارة الجوهريّ: والانتياح مثْل النَّتْح، قال ذو الرّمّة ... إِلخ. ويوجد في بعضْ نُسخه: الانتتاحُ، بفَوقِيَّتَين. وقد يقال إِنّ رِوايةَ المصنِّف لا تَقدَح في رِواية الجوهريّ لأَنَّهم صَرَّحُوا أَن رواية لا تَقدَح في رِواية، ولا تُرَدّ روايَةٌ بأُخْرَى لو صَحّت وورَدَتْ عن الثِّقات، كما صرِّح به ابنُ الأَنباريّ في أُصوله وابن السّرّاج، وأَيَّده ابنُ هِشام. ويمكن أن يقال إِنّ نون تنتاح بدل عن الميم، وهو كثير، أَو أَنَّ الأَلفَ ليست بمبدَلة، كما هو دعوَى المصنّف، بل هي أَلف إِشباع زِيدتْ للوزْنِ، قاله شيخنا.

  واليَنْتُوحُ، كيَعْسُوبٍ: طائرٌ أقرَعُ الرأْسِ يكون في الرَّمْلِ.

  * ومما يستدرك عليه:

  مَنَاتِحُ العَرَق: مَخَارِجُه من الجِلْد. ونَتَح ذِفْرَى البعيرِ يَنْتَح عَرَقاً، إِذَا سارَ في يومٍ صائِفٍ شديدِ الحَرِّ فقَطرَ ذِفْرَياه عَرَقاً.

  وفي التهذيب: رَوَى أَبو أَيّوبَ⁣(⁣٣) عن بعضِ العرب: امتتحْت الشيْءَ وانتَتَحْتُه وانتزَعْته، بمعنًى واحِدٍ.

  وقال شيخنا: النَّتْح: سَيَلَانُ الدَّمعِ.


(١) عبارة التهذيب: «يقال: نبحته الكلاب، ونبحت عليه، ونابحه الكلب». وفي اللسان فكالأصل.

(٢) في اللسان: النَّدَى.

(٣) الأصل واللسان عن الأزهري، وفي التهذيب: أبو تراب.