تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هني]:

صفحة 344 - الجزء 20

  بدلٌ مِن الألفِ المُنْقلِبَةِ مِن الواوِ الواقِعَةِ بعْدَ أَلِفِ هَنا⁣(⁣١)، إذ أَصْله هَناوٌ، ثم صارَ هَناءً، ثم قُلِبَتِ الألفُ الأخيرَةُ هاءً، فقالوا هَناهُ، لكانَ قَوِيًّا.

  وقال أبو عليٍّ: ذهَبَ أَحدُ عُلمائِنا إلى⁣(⁣٢) أنَّ الهاءَ مِن هَناهُ إنَّما أُلْحقت⁣(⁣٣) لحقاً للألفِ كما تُلْحق بعْدَ أَلفِ النَّدْبة نَحْو وا زَيْداهُ، ثم شُبِّهت بالهاءِ الأصْلِيَّة فحرِّكَتْ.

  وقد يُجْمَعُ هَنٌ على هَنِين جَمْع سَلامَةٍ ككُرَةٍ وكُرِينَ؛ ومنه حديثُ الجنِّ: «فإذا هو بهَنِينٍ كأنَّهم الزُّطُّ»، أَرادَ الكِنايَةَ عن أَشْخاصِهم؛ قالَهُ أَبو موسَى المَدِيني. ووَقَعَ في مُسْندِ أَحْمدَ مَضْبوطاً مقيَّداً عن ابنِ مَسْعودٍ: «ثم إنَّ هَنِيناً أَتَوْا عليهم ثِيابٌ بيضٌ طِوالٌ».

  وفي الحديثِ: «وذَكَرَ هَنةً مِن جِيرانِه»، أَي حاجَةً، ويعبَّر بها عن كلِّ شيءٍ.

  وفي حديثِ الإفْكِ: «قلتُ لها يا هَنْتاهُ»، أَي يا هذه، تُفْتَحُ النونُ وتُسَكَّن، وتضمُّ الهاءُ الأخيرَةُ وتُسَكَّن، وقيل: مَعْنى يا هَنْتاه يا بَلْهاءُ، كأنَّها نُسِبَتْ إلى قلَّةِ المَعْرفةِ بمكَايدِ الناسِ وشُرُورِهم.

  وقولُهم: هاهنا وهنا، ذَكَرَه المصنِّفُ في آخر الكتابِ.

  وهُناً بالضمِّ: موضِعٌ في شِعْر امرئِ القَيْسِ:

  وحديثُ القَوْمِ يوم هُناً ... وحديث ما على قِصَرِهْ⁣(⁣٤)

  وقالَ المهلبي: يوم هُناً اليوم الأول؛ وأَنْشَدَ:

  إنَّ ابنَ عائِشَةَ المَقْتُول يَوْم هُناً ... خلّى عليّ فجاجاً كان يحميها⁣(⁣٥)

  وهُنَيٌّ، كسُمَيٍّ: موضِعٌ دونَ مَعْدِنِ اللفْطِ⁣(⁣٦)؛ قالَ ابنُ مُقْبل:

  يسوفان من قاعِ الهُنَيِّ كرامةً ... أَدامَ بها شهر الخريف وسَيّلا⁣(⁣٧)

  والهَنَواتُ والهُنَيَّاتُ الخِصالُ السّوء، ولا يقالُ في الخَيْر.

  [هني]: ي هَنَيْتُ؛ هكذا هو في النسخِ بالأحْمرِ وقد ذَكَرَه الجَوْهرِي في آخرِ تَرْكيبِ هنا؛ كِنايَةٌ عن فَعَلْتُ.

  ونَصُّ الجَوهرِي: قال الفرَّاء: يقالُ: ذَهَبْتُ، كِنايَة عن فَعَلْتُ مِن قوْلِكَ هَنٌ، فتأَمَّل ذلكَ.

  [هوو]: والهُوَّةُ، كقُوَّةٍ: ما انْهَبَطَ مِن الأرضِ؛ أَو الوَهْدَةُ الغامِضَةُ منها؛ كذا في المُحْكم.

  وحكَى ثَعْلب: اللهُمَّ أَعِذْنا مِن هُوَّةِ الكُفْر ودَواعِي النفاق؛ قالَ: ضَرَبَه مَثَلاً للكُفْر.

  وفي الصِّحاح: الهُوَّةُ الوَهْدَةُ العَمِيقَةُ؛ ومنه قولُ الشاعرِ:

  كأَنَّه في هُوَّةٍ تَقَحْذَما⁣(⁣٨)

  وقال ابنُ شُمَيْل: الهُوَّةُ ذاهبةٌ في الأرضِ بَعِيدَةُ القَعْرِ مثْل الدَّحْلِ غَيْر أنَّ له أَلجافاً، ورأْسُها مثْلُ رأْسِ الدَّحْل.

  وقال غيرُهُ: هي الحُفْرَةُ البَعِيدَةُ القَعْرِ كالمِهْواةِ؛ وقيلَ: هي المُطْمَئِنُّ مِن الأَرْضِ، كالهُوَّاءَةِ، كرُمَّانَةٍ، أصْلُها هواية.

  وقيلَ: هو المَهْواةُ بينَ الجَبَلَيْن.

  والهَوُّ، بالفتح: الجانِبُ من الأرضِ؛ كذا في النوادِرِ لابنِ الأعْرابي.

  والهَوَّةُ⁣(⁣٩): الكَوَّةُ؛ ظاهِرُه أنَّه بِضم الهاءِ كما يَقْتَضِيه سِياقُه والصَّوابُ أنَّه بالفَتْح كالكَوَّةِ زِنَةً ومَعْنًى؛ نقلَهُ ابنُ شُمَيْلٍ عن أبي الهُذَيْل وضَبَطَه.

  وممَّا يُسْتدركُ عليه: جَمْعُ الهُوَّةِ هُوًى، كقُوَّةٍ وقُوًى؛ عن الأصْمعي.


(١) اللسان: هناه.

(٢) زيادة عن اللسان.

(٣) في اللسان: لخفاء.

(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٠٣ برواية: «وحديث الركب» والمثبت كرواية ياقوت، والمقاييس ٦/ ٦٨.

(٥) معجم البلدان «هُنا».

(٦) في معجم البلدان: معدن النفط.

(٧) معجم البلدان، وبالأصل «سيوفان» والتصحيح عن ياقوت.

(٨) التهذيب واللسان، وقبله:

كم من عدوٍ زال أو تدحلما

(٩) كذا بالأصل، وسياق القاموس يقتضي «والهَوّ» والمثبت كعبارة التهذيب.