تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رمأ]:

صفحة 165 - الجزء 1

  بالاتفاق، فلا وَجْه لتوهيم الجوهريّ فيه، على أَنه ليس بِبْدِع في قوله، بل هو قولُ مَن سبقه من الأَئمَّة أَيضاً.

  ورَقَأَ العِرْقُ رَقْأً وَرُقوءاً: ارتَفَع، وروى المُنْذِريُّ عن أَبي طالبٍ في قولهم: لا أَرْقَأَ اللهُ دَمْعَته، قال: معناه: لا رَفَع اللهُ دَمْعَتَه⁣(⁣١) وأَرْقَأْتُه أَنا وأَرقأَه هو.

  ورَقَأَ يَرْقَأُ بينهم رَقْأً: أَفسَدَ، وأَصلحَ؛ ضِدٌّ وَرَفأَ ما بينهم إِذا أَصلحَ، فأَمَّا رَفَأَ بالفاء فأَصلَح، عن ثعلبٍ، وَرَجُلٌ رَقُوءٌ بين القومِ، أَي مُصلِحٌ قال الشاعر:

  ولكِنَّنِي رَاقِئٌ صَدْعَهُم ... رَقُوءٌ لِمَا بَيْنَهُمْ مُسْمِلُ⁣(⁣٢)

  ورَقَأَ في الدَّرَجَةِ كمنَعَ، صَرَّح به الجوهريُّ وابنُ سيِده وابنُ القُوطِيَّة وَرَقِئْتُ، كفرِح، ذكره ابنُ مالكٍ في الكافية وذَكَر أَنه لُغَةٌ في رَقِيَ كَرَضِيَ مُعتلًّا، ونقل ابنُ القطَّاعِ عن بعض العرب رَقَأْتُ وَرَقَيْتُ، كرثَأْتُ وَرَثَيْتُ: صَعِدَ عن كُراع، نادِرٌ وهي المَرْقَاةُ بالفتح، اسم مكان وتُكْسَر أَي الميم على أَنه اسمُ آلةٍ، وكلاهما صحيحٌ، وهما لُغتان في المعتلِّ أَيضاً.

  * ومما بقي على المصنف:

  ارْقأْ على ظَلْعِكَ، أَي الْزَمْه وارْبَعْ عليه، لُغَةٌ في قولك: ارْقَ على ظَلْعِك، أَي ارْفُقْ بنفسِك ولا تَحْمِلْ عليها أَكثَرَ مما تُطِيق، وقال ابنُ الأَعرابيّ: يقال: ارْقَ على ظَلْعِكَ، فتقول: رَقِيتُ رُقِيًّا، وقال غيره: وقد يُقال للرجل: ارْقَأْ على ظَلْعِك أَي أَصْلِحْ أَوَّلاً أَمْرَكَ.

  [رمأ]: رَمَأَ بالمكانِ كجَعَل رَمْأً وَرُمُوءاً كقُعود: أَقامَ به، عن أَبي زَيْدٍ. ورَمَأَتِ الإِبلُ بالمكانِ تَرْمَأُ رَمْأً ورُمُوءاً: أَقامَتْ فيه، وخَصّ بعضهُم به إِقامتَها في العُشب [وعلى مائِةٍ: زاد، كأرْمأَ]⁣(⁣٣) ورمأَ الخَبَرَ: ظَنَّه بلا حقيقةٍ، ويقال هل رَمَأَ إِليك خَبَرٌ، والرَّمْأُ مِن الأَخْبَارِ ظَنٌّ بلا⁣(⁣٤) حَقيقةٍ، وحَقَّقَهُ، هكذا في غالب النُّسخ، حتى جعلَه شيخُنا من الأَضداد، وتَعَقَّب على المُؤلِّف في عدم التَّنْبِيه، عليه، والصحيح: خَمَّنَه، بدليل ما في أُمَّهات اللغةِ كالمُحْكَم والنِّهاية ولسان العرب، ورَمَّأَ الخَبَرَ: ظَنَّه وقَدَّرَه، قال أَوس بن حَجَرٍ:

  أَجْلَتْ مُرَمَّأَةُ الأَخْبَارِ إِذ وَلَدَتْ ... عَنْ يَوْمِ سَوْءٍ لِعَبْدِ القَيْسِ مَذْكُور

  قلت والتخمين: التقديرُ، وهذا أَوْلَى مِن جعله من الأَضداد من غير سَنَدٍ يُعْتَمد عليه كما لا يخفى. [وأَرْمَأَ إِليه: دنا]⁣(⁣٥) وَمُرَمَّآتُ الأَخبارِ بتشديد الميم⁣(⁣٦) وفتحها جمع مُرَمَّأَةٍ، ولو قال كمُعَظَّمات كان أَخصَرَ، قاله شيخُنا، ولكنه يَحصُل الاشتباهُ بصيغة الفاعل: أَباطِيلُها أَي أَكاذِيبُهَا، ومن هنا تعلم أَن قوله وَحَقَّقه تَحرِيفٌ من الناسخ أَو سَهْوٌ من قلم المُؤَلِّف.

  * ومما يستدرك عليه:

  عن ابن الأَعرابيّ: رَمَأْتُ على الخمسين وأَرْمَأْت، أَي: زِدت، مثل رَمَيْتُ وأَرمَيْت. وأَرمَأْت إِليه: دَنَأْتُ، كذا في العُباب.

  [رنأ]: رَنأَ إِليه، كجَعَل قالوا إِن أَصله الإِعلال، كدَعَا، ثُمَّ هَمزوه قياساً على رَثَأْت المرأَةُ زَوْجَها: نَظَرَ⁣(⁣٧) وهو يَرْنَأُ رَنْأً، قال الكُميت يَصِف السهْمَ:

  يُرِيد أَهْزَع حَنَّاناً يُعَلِّلُهُ ... عِنْدَ الإِدَامَة حَتَّى يَرْنَأَ الطَّرَبُ

  الأَهزَع: السهْمُ. وحنَّانٌ: مُصَوِّت. والطَّرَبُ: السهْمُ نفسُه، سمَّاهُ طرَباً لِتَصْوِيتِه إِذا دُوِّمَ، أَي فُتِلَ بالأَصابع وقالوا: الطَّرِبُ: الرجُلَ، لأَن السهم إِنما يُصَوِّت عند الإِدامة إِذا كان جَيِّداً، وصاحبُه يَطرَب لِصوته وتأْخُذه له أَرْيَحِيَّةٌ، ولذلك قال الكميت أَيضاً:


(١) قال الأصمعي: وأصل ذلك في الدم إذا قتل رجلٌ رجلاً فأخذ أهل المقتول الدية رقأ الدم، أي ارتفع فلا يطالب به، أي دم المقتول. (الفاخر ٣٩ - ٤٠).

(٢) البيت للكميت، وهو في اللسان (رقأ - سمل).

(٣) زيادة عن القاموس.

(٤) اللسان: «فى».

(٥) زيادة عن القاموس.

(٦) في القاموس: بشد الميم.

(٧) في المقاييس: الراء والنون والحرف المعتل أصل واحد يدل على النظر، يقال رنا يرنو، إذا نظر، رُنُوّاً.

وفي اللسان: رنأ: الرنْءُ: الصوت، رَنأ يَرنَأ رَنْأً.