تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غمس]:

صفحة 388 - الجزء 8

  وغَلَّسُوا: وَرَدُوا الماءَ بغَلَسٍ، وذلك أَوَّلَ ما يَنْفَجِر الصُّبْحُ، وكذلك القَطَا والحُمُرُ، أَنشد ثَعْلَبٌ:

  يُحَرِّكُ رَأْساً كالْكَبَاثَةِ وَاثِقاً ... بوِرْدِ قَطَاةٍ غَلَّسَتْ وِرْدَ مَنْهَلِ

  وغَلِيسٌ، كأَميرٍ: من أَعْلامِ الحُمُرِ، نَقَلَه الصّاغانيُّ.

  وقال أَبو زَيْدٍ: يقولون: وَقَعَ فُلانٌ في وَادِي تُغلِّسَ، بضَمّ الغين وفَتْحهَا، غَيْرَ مَصْروفٍ، كتُخُيِّبَ وتُهُلِّكَ، أَي في دَاهيةٍ مُنْكَرَةٍ.

  والأَصْلُ فيه: أَنَّ الغَارَاتِ كانَتْ تَقَعُ غالباً بُكْرَةً بغَلَسٍ، وقال أَبو زَيْدٍ: وَقَعَ فُلانٌ في أَغْوِيَّةٍ، وفي وَامِئَةٍ وفي تُغلِّسَ، غيرَ مَصْروفٍ، وهي جَميعاً الدَّاهِيَةُ والباطلُ.

  وجُبَارَةُ بنُ المُغَلِّس، كمُحَدِّثٍ: كُوفيٌّ مُحَدِّثٌ، قال الذَّهَبيُّ: قال ابنُ نُمَيْرٍ: كان يُوضَعُ له الحَديثُ. وقال في الميزان: أَحْمَد بنُ محَمَّد بن الصَّلْت بن المغَلِّس الحِمَّانيُّ، يَرْوِي عن بِشْر بن الوَليد، عن أَبي يُوسفَ، كَذَّابٌ وَضَّاعٌ، تُوُفِّي سنة ٣٠٨، ومثْلُه قولُ ابن قانعٍ وابن عَديٍّ، وغَيْرهما.

  * وممّا يسْتَدْرَك عليه:

  وَقَعوا في تُغُلِّسَ: الباطل، عن أَبي زَيْدٍ.

  وحَرَّةُ غَلاَّسٍ، ككَتَّانٍ: إِحْدَى حِرَارِ العَرَبِ، وقد تَقَدَّم له في عِدَاد ذِكْر الحِرَار، وهنا أَغْفَلَه، وهذا منه عَجيبٌ، وسُبْحَانَ مَن لا يَسْهُو.

  [غمس]: غَمَسَه في الماءِ يَغْمِسهُ: مَقَلَه فيه، وأَصْلُ الغَمْسِ: إِرْسَابُ الشَّيْءِ في الشيْءِ السَّيَّالِ أَو النَّدَى⁣(⁣١) في ماءٍ أَو صِبْغٍ حتى اللُّقْمَة في الحَنَك⁣(⁣٢).

  وغَمَسَ النَّجْمُ: غابَ، نقلَه الزَّمَخْشَريُّ والصَّاغَانيُّ.

  ومن المَجاز، في الحَديث عن ابن مَسْعودٍ: «أَعْظَمُ الكَبَائِر اليَمينُ الغَمُوس» وهي الَّتي تَغْمِسُ صاحِبَها في الإِثْم ثمّ في النّار، وقيلَ: هي الَّتي لا اسْتثْنَاءَ فيهَا، أَو هي الَّتي تَقْتَطِعُ بهَا مالَ غيْركَ، وهي الكاذبَةُ الفَاجرَةُ، وفَعُولٌ للمبَالَغَةِ، وبه فُسِّرَ الحَديثُ: «اليَمِينُ الغَمُوس تَذَرُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ» وقيلَ: هي الَّتي يَتَعَمَّدهَا صاحِبهَا عالماً بأَنَّ الأَمْرَ بخِلافِه ليَقْتَطِعَ بها الحُقُوقَ. وقالَ الزَّمَخْشَريّ: هو مَأْخُوذٌ من قَولهم: وَقَعُوا في أَمْرٍ غَمُوسٍ، الغَمُوسُ: الأَمْرُ الشَّديدُ الغَامِسُ في الشِّدَّةِ والبَلَاءِ.

  والغَمُوسُ: الناقَةُ لا يُسْتَبَانُ حَمْلُهَا حَتَّى تُقْرِبَ وقيلَ: هي الَّتي يُشَكُّ في مُخِّهَا: أَرِيرٌ أَم قَصِيدٌ. وقال النَّضْرُ: الغَمُوسُ من الإِبل: الَّتي في بَطْنِهَا وَلَدٌ، وهيَ الَّتي لا تَشُولُ فيَبِين، والجَمْعُ: غُمُسٌ.

  والغَمُوسُ: الطَّعْنَةُ النّافِذَةُ الوَاسِعَةُ، والنَّجْلاءُ مثْلُهَا، وقال ابنُ سيدَه: هي الَّتي انْغَمَسَتْ في اللَّحْم، وقد عَبَّرَ عنها بالوَاسِعَة النّافذَةِ، قال أَبو زُبَيْدٍ:

  ثمَّ أَنْقَضْتَه ونَفَّسْتُ عَنْهُ ... بغَمُوسٍ أَو طَعْنَةٍ أُخْدُودِ

  وقال الزَّمَخْشَريّ: وهو مَجازٌ، وُصِفَتْ بصِفَة طاعِنِها⁣(⁣٣)؛ لأَنَّه يَغْمِسُ السِّنَانَ حَتَّى يَنْفُذَ، وهي الَّتي تَشُقُّ اللَّحْمَ.

  والغَمِيسُ، كأَميرٍ: منَ النَّبَات: الغَمِيرُ، تَحْتَ اليَبِيسِ.

  والغَمِيسُ: اللَّيْلُ المُظْلمُ قال أَبو زُبَيْد الطائِيُّ يَصِفُ أَسَداً:

  رَأَى بالْمُسْتَوَى عَيْراً وسَفْراً ... أَصَيْلَالاً وجُبَّتُه الغَمِيسُ⁣(⁣٤)

  والغَمِيس: الظُّلْمَةُ.

  والشَّيْءُ: الغَميس الَّذي لَمْ يَظْهَرْ للْنَاس ولم يُعْرَفْ بَعْد، ومنه قولُهم: قَصيدَةٌ غَمِيسٌ.

  والغَمِيس: الأَجَمَةُ، وكُلُّ مُلْتَفٍّ يُغْتَمَس فيه؛ أَوْ، هكذا في سائرِ النُّسَخِ، وفي التَّهْذيب والعُبَاب: أَي يُسْتَخْفَى فيه، فهو غَمِيسٌ، وأَنشد قولَ أَبي زُبَيْدٍ السابِقَ.

  والغَمِيسُ: مَسيلُ مَاءٍ، وقيلَ: مَسيلٌ صَغيرٌ بَيْنَ البَقْلِ والنَّبَات، وفي اللِّسَان: يَجْمَعُ الشَّجَرَ والبَقْلَ.


(١) كذا بالأصل واللسان، وفي التهذيب: إرساب الشيء في الشيء الندي في ماءٍ ..

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله في الحنك»، الذي في اللسان: في الخل، ولعله الصواب» وهي عبارة التهذيب والأساس.

(٣) عن الأساس وبالأصل «صاحبها».

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وجبته، كذا في التكملة والذي في اللسان: وجنّته» وهي رواية التهذيب والديوان.