تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رشأ]:

صفحة 162 - الجزء 1

  جاءَت تَسأَلُ عن ابنِها: إِن أُرزإِ ابْنِي فَلَنْ أُرْزَأَ أَحْبَابِي⁣(⁣١) أَي إِن أُصِبْتُ به وفَقدْتُه فلم أُصَبْ بِحبّي⁣(⁣٣)، وفي حديث ابن ذي يزن: فنحْنُ وَفْدُ التَّهْنِئَةِ لا وَفْدُ المَرْزِئَةِ. وإِنه لَقليلُ الرُّزْءِ من الطعامِ أَي قليل الإِصابة منه، وفي حديث ابن العاص: وأَجِد نَجْوِي أَكْثَرَ مِنْ رُزْئِي. النَّجْوُ: الحَدَثُ، أَي أَجدُه أَكثرَ مما آخُذُ من الطعام. والرُّزْءُ: المُصيبة، وهو من الانتقاصِ ج أَرْزَاءٌ كقُفْل وأَقفال وَرَزَايَا كَبِريَّة ويَرَايَا، فهو لفٌّ ونشرٌ غيرُ مرَتَّب.

  ويقال: ما رَزِئْتُه مالَه بالكسر وبالفتح حكاه عِياضّ، وأَثبتَه الجوهريُّ، أَي ما نَقَصْتُه، ويقال ما رَزأَ فلاناً شيئاً⁣(⁣٢) أَي ما أَصاب من ماله شيئاً ولا نَقصَ منه، وفي حديث سُراقَةَ بن جُعْشُمٍ: فَلَمْ يَرْزَآنِي شيئاً، أَي لم يأْخُذَا مني شيئاً، ومنه حديث عِمرانَ والمرأَةِ صاحبةِ المَزادَتَيْنِ: أَتعلمينَ أَنَّا مَا رَزَأْنَا مِنْ مَائِك شيئاً؟ أَي ما نَقَصنا [منه شيئاً]⁣(⁣٣) ولا أَخذنا، وورد في الحديث «لَوْ لَا أَنَّ الله لا يُحِبُّ ضَلالَةَ العَمَلِ مَا رَزَيْنَاكَ عِقَالاً» جاءَ في بعض الرِّوايَاتِ هكذا غيرَ مهموز، قال ابنُ الأَثير: والأَصل الهمزُ، وهو من التخفيف الشاذِّ، وضَلالةُ العَملِ: بُطْلانُه [وذهاب نفعه] (٣)، قال أَبو زيد: يقال: رُزِئْتُه، إِذا أُخِذَ مِنك، قال: ولا يقال: رُزِيتُه، وقال الفرزدقُ:

  رُزِينَا غَالِباً وَأَبَاهُ كَانَا ... سِمَاكَيْ كُلِّ مُهْتَلِكٍ فَقِير

  وارتَزَأَ الشيءَ انتقَصَ كَرَزِيءَ، قال ابنُ مقبلٍ يصف قُروماً حَمَلَ عليها:

  حَمَلْتُ عَلَيْهَا فَشَرَّدْتُها ... بِسَامِي اللَّبَانِ يَبُذُّ الفِحَالا

  كَرِيمِ النِّجَارِ حَمَى ظَهْرَهُ ... فَلَمْ يُرْتَزَأْ بِرُكُوبٍ زِبِالا

  ويروى: بِرُكُونٍ. والزِّبَالُ: ما تَحمِله البعوضةُ، ويروى: ولم يَرْتَزِئْ.

  والمُرَزَّؤُونَ، بالتشديدِ يقال رَجلٌ مُرَزَّأٌ، أَي كريمٌ يُصابُ منه كَثيراً، وفي الصحاح: يُصيب الناسُ خَيْرَه، وأَنشد أَبو حنيفة:

  فَرَاحَ ثَقِيلَ الحِلْمِ رُزْأً مُرَزَّأً ... وَبَاكَرَ مَمْلُوءًا مِنَ الرَّاحِ مُتْرَعَا

  وَوهِمَ الجوهريُّ في تخفيفه لم يضبط الجوهري فيه شيئاً اللهمَّ إِلَّا أَن يكون بخَطِّه كذا في نسختنا، وسقط من بعض النسخ، وأَنت خبيرٌ أَن بمثل هذا لا يُنْسَبِ الوَهَم إِليه: الكُرَمَاءُ يُصيبُ الناسَ خيرُهم وهم أَيضاً: قَوْمٌ ماتَ خِيَارُهم: وفي اللسان: يُصِيب الموتُ خِيارَهم⁣(⁣٤).

  [رشأ]: رَشَأَ كَمَنَعَ رَشْأً. جامَعَ ورَشَأَتِ الظبْيَةُ: ولَدَتْ، والرَّشَأُ، مُحرَّكةً: الظَّبْيُ إِذا قَويَ وتحَرَّك ومَشَى مع أُمِّه، ج أَرْشَاءٌ، والرَّشَأُ أَيضاً: شَجَرَةٌ تَسْمُو فَوقَ القَامَةِ ورَقُها كوَرق الخِرْوَعِ ولا ثَمرَةَ لها، ولا يأْكُلها شيءٌ. رواه الدينوريُّ، وهو أَيضاً عُشْبةٌ كالقَرْنُوَةِ أَي يُشْبِهها، يأْتي في قِرن، قال أَبو حنيفة: أَخبرني أَعرابيٌّ من رَبِيعة قال: الرَّشَأُ مثلُ الجُمَّة ولها قُضبانٌ كثيرةُ العُقَدِ، وهي مُرَّةٌ جِدًّا شديدةُ الخُضرةِ لَزِجَةٌ تَنْبُت بالقِيعانِ مُنسطِحة⁣(⁣٥) على الأَرض وورقتها لطيفة مُحَدَّدة، والناسُ يطْبُخونها، وهي من خيْرِ بَقْلةٍ تَنْبُت بِنَجْدٍ، واحدتها رَشَأَةٌ، وقيل: الرَّشَأَةُ خَضْرَاءُ غَبراءُ تَسْلَنْطِحُ، ولها زَهرةٌ بيضاءُ، قال ابن سيده: وإِنما اسْتَدْلَلْتُ على أَن لام الرَّشإِ همزة بالرَّشَإِ الذي هو شَجَرٌ أَيضاً، وإِلا فقد يجوز أَن يكون ياءً أَوْ وَاواً، ومن سَجعات الأَساس: عندي جاريةٌ مِن النَّشَأ⁣(⁣٦) أَشبَهُ شَيءٍ بالرَّشَإ، أَي الظبي.

  [رطأ]: رَطَأَ، كمنعَ يَرْطَأُ رَطْأً: جامَعَ ورَطأَ بِسَلحِه: رَمَى به. والرَّطَأُ مُحرّكةً: الحُمْقُ وهو رَطِيءٌ على فَعِيلٍ بَيِّنُ الرَّطَإِ، كذا هو في نسختنا وفي الأُمهات، وفي نُسخة شيخنا


(١) بهامش المطبوعة المصرية: قوله فلن أرزأ أحبابي الخ. هكذا في نسخة الشارح والذي في النهاية: «فلن أرزأ حياي» أي إن أصبت به وفقدته فلم أصب بحياتي. فلينظر. والذي في النهاية واللسان: فلم أرزأ ...

(٢) بالأصل «فلان» وأثبتنا ما يوافق اللسان. وفي هامش المطبوعة المصرية: قوله؛ ما رزأ فلان الخ، لعله ما رزأ فلان فلاناً الخ. ا. ه.

(٣) زيادة عن النهاية.

(٤) وفي الأساس: نحن قوم مرزَّأون: نصاب بالرزايا في خيارنا وأما ثلنا.

(٥) اللسان: متسطِّحة.

(٦) عن أساس البلاغة، وبالأصل: النسا.