تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بذقر]:

صفحة 69 - الجزء 6

  ابْذعَرَّتْ، أَي تَفرَّقَتْ وَجَفَلَتْ.

  [بذقر]: ابْذقَرُّوا، أَهمله الجوهَرِيُّ، وقال الفَرّاءُ: أَي تَبَدَّدُوا وتَفَرَّقُوا، كابْدَقَرُّوا وامْذَقَرُّوا، وبمعنى ابْذَعَرُّوا.

  ويقال: ما ابْذقَرَّ الدَّمُ في الماءِ: أَي لم يَمْتَزِجْ بالماءِ، ولكنّه مرَّ فيه كالطريقةِ، وبه فُسِّر حديثُ عبدِ اللهِ بن خَبّاب، وقَتَلتْه الخَوارِجُ على شاطيءِ نَهْرٍ «فسال دَمُه في الماءِ فما ابْذَقَرَّ»، ويُرْوَى: «فما امْذَقَرَّ»، قال الرَّاوِي: «فأَتْبَعْتُه بَصَرِي كأَنَّه شِرَاكٌ أَحْمَرُ⁣(⁣١)، وقيل: المعنَى أَي لم تَتَفَرَّق أَجزاؤُه بالماءِ فَتُمْزَجَ به، ولكنّه مرَّ فيه مُجتمِعاً مُتَميِّزاً منه، وسيأَتي في ترجمة مذقر.

  [بردر]: بَرْدَرَايَا، بالفتح، أَهملَه الجماعةُ، وهو ع أَظنُّه بالنَّهْروان من بغدَادَ، كذا في المُعجَم، عن سِيبَوَيْه، كذا ذَكَرَه أَئِمَّةُ التَّصْرِيفِ عنه، وهو في الكتاب، قالوا: فيه ثلاثةُ زوائدَ كلُّها في آخِرِه، فإِذا أُرِيدَ تَصْغِيرُه حُذِفَتْ تلك الزَّوائدُ كلُّها، وقيل: بُرَيْدِر، وِزَان جُعَيْفِرٍ، قاله شيخُنا.

  [بردشير]: بَرْدَشِيرُ⁣(⁣٢) كَزَنْجِبِيلٍ، أَهملَه الجماعةُ، وهو: د، بِكرْمانَ ممّا يَلِي المَفَازةَ التي بين كِرْمانَ وخُراسانَ، وقال حمزةُ الأَصفهانِيُّ: هو تَعْرِيبُ أَرْدَشِيرَ، وأَهلُ كِرْمَانَ يُسَمُّونها كَواشِيرَ، وقال أَبو يَعْلَى محمّدُ بنُ محمّدٍ البِغداديُّ:

  كمْ قدْ أَرَدْتُ مَسِيراً ... مِن بَرْدَشيرَ⁣(⁣٣) البَغِيضَهْ

  فَرَدَّ عَزْمِيَ عنها ... هَوَى الجُفُونِ المَرِيضَهْ

  وقد نُسِبَ إِليها جماعةٌ من المحدِّثين.

  [برر]: البِرُّ، بالكسر: الصِّلَةُ، وقد بَرَّ رَحِمَه يَبَرُّ، إِذا وَصَلَه، ورجلٌ بَرُّ بِذِي قَرابَتِه، وعليه خُرِّجَتْ هذه الآيةُ: {لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ}⁣(⁣٤)، أَي تَصِلُوا أَرحامَهم، كذا في البَصائر، وقولُه ø: {لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ}⁣(⁣٥) قال أَبو منصورٍ: البِرُّ خَيرُ الدُّنيا والآخِرةِ؛ فخَيرُ الدُّنيا ما يُيَسِّرُه الله تعالَى للعَبْدِ من الهُدَى والنِّعْمَةِ والخَيْرَاتِ، وخيرُ الآخِرَةِ الفَوْزُ بالنَّعِيم الدّائِمِ في الجَنَّة، جَمَعَ الله لنا بينهما برَحْمَتِه وكَرَمِه، وقال شَمِرٌ في قوله : «عليكم بالصِّدْق فإِنّه يَهْدِي إِلى البِرّ»، واختلفَ العلماءُ في تفسير البِرّ، فقال بعضُهم: البِرُّ الصَّلاحُ، وقال بعضُهم: البِرُّ: الخَيْرُ، قال: ولا أَعلمُ تفسيراً أَجْمَعَ منه؛ لأَنه يُحِيط بجميعِ ما قالُوا، وقال الزَّجّاجُ في تفسير قولِه تعالَى: {لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ}: قال بعضُهُم: كلُّ ما تُقُرِّبَ به إِلى الله ø مِن عَمَلِ خَيْرٍ فهو إِنفاقٌ.

  والبِرُّ: الاتِّساعُ في الإِحسان إِلى النّاس، وقال شيخُنَا: قال بعضُ أَربابِ الاشْتِقَاقِ: إِنّ أَصْلَ معنَى البِرِّ السَّعَةُ، ومنه أُخِذَ البَرُّ مُقَابِل البَحْرِ، ثمّ شاع في الشَّفَقَة والإِحسانِ والصِّلَةِ، قاله الشِّهَاب في العناية. قلتُ: وقد سَبَقَه إِلى ذلك المُصَنِّفُ في البَصَائِر، قال ما نصُّه: ومادَّتُها - أَعْنِي ب ر ر - مَوضوعةٌ للبَحْر، وتُصُوِّر منه التوسُّعُّ فاشتُقَّ منه البَرّ، أَي التوسُّع في فِعْل الخَيرِ، ويُنسَب ذلك تارةً إِلى الله تعالَى في نحو: {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}⁣(⁣٦) وإِلى العَبْد تارةً فيقال: بَرَّ العَبْدُ رَبَّه، أَي تَوَسَّعَ في طاعَتِه، فمِنَ الله تعالَى الثَّوابُ، ومن العَبدِ الطّاعةُ وذلك ضَرْبانِ: ضَرْبٌ في الاعتقاد، وضَرْبٌ في الأَعمال. وقد اشتملَ عليهما قولُه تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ}⁣(⁣٧) الآية، وعلى هذا ما رُوِيَ أَنه سُئلَ عن البِرّ فتَلَا هذه الآيةَ؛ فإِنّ الآيةَ متضمِّنةٌ للاعتقادِ والأَعمالِ⁣(⁣٨): الفَرائِض والنَّوَافِلِ.

  وبِرُّ الوالدَيْنِ: التَّوسُّعُ في الإِحسان إِليهما.

  والبِرُّ: الحجُّ: عن الصَّاغانِيِّ.

  ويُقَال: بَرَّ حَجُّكَ يَبَرُّ بُرُوراً وبُرَّ، الحَجُّ يُبَرُّ بِرّاً بالكسر، بفَتْح الباء وضَمِّهَا، فهو مَبْرُورٌ: مَقْبُولٌ.


(١) أي لم يمتزج دمه بالماء، ولكنه مرّ فيه كالطريقة، ولذلك شبهه بالشراك الأحمر. عن التكملة.

(٢) قيدها في معجم البلدان: بَردَسير بالسين المكسورة.

(٣) وردت في معجم البلدان: بردسير.

(٤) سورة الممتحنة الآية ٨.

(٥) سورة آل عمران الآية ٩٢.

(٦) سورة الطور الآية ٢٨.

(٧) سورة البقرة الآية ١٧٧.

(٨) في مفردات الراغب: الأعمال بدون واو العطف.