تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أتي]:

صفحة 136 - الجزء 19

  يُصْبَحْنَ بالقَفْرِ أَتاوِيَّاتِ ... مُعْتَرِضات غَيْر عُرْضِيَّاتِ⁣(⁣١)

  أَي غَرِيبَة مِن صَواحِبِها لتقدُّمهنَّ وسَبْقِهِنَّ.

  وأَتَوْتُه أَتْواً: لُغَةٌ في أَتَيْتُهُ أَتْياً؛ وأَنْشَدَ الجوهرِيُّ لخالِدِ ابنِ زهيرٍ:

  يا قَوْمِ ما لي وأَبي ذُؤْيْبِ ... كُنْتُ إِذا أَتَوْتُه من غَيْبِ⁣(⁣٢)

  يَشُمُّ عِطْفِي وَيَبُزُّ ثَوْبي ... كأَنَّني أَرَبْته برَيْبِ

  * وممَّا يُسْتَدركُ عليه:

  يقالُ: أَتَوْتُه أَتْوَةَ واحِدَةً.

  والأَتْوُ: الدّفْعَةُ؛ ومنه حدِيثُ الزُّبَيْر: «كُنَّا نَرْمي الأَتْوَ والأَتْوَيْن»، أَي الدَّفْعَةَ والدّفْعَتَيْنِ مِن الأَتْوِ الدّفعِ⁣(⁣٣)، يُريدُ رَمْيَ السِّهامِ عن القِسِيِّ بعد صَلاةِ المَغْرِبِ.

  ويقالُ للسِّقاءِ إِذا مُخِضَ وجاءَ [بالزُّبْدِ قَدْ جاءَ] أَتْوُه؛ كالإِتاءِ، ككِتابَ. يقالُ: لَبَنٌ ذو إِتاءِ، أَي ذُو زَبدٍ؛ وأَنْشَدَ الزَّمَخْشَريُّ لابنِ الإِطْنابَةِ.

  وبعضُ القولِ ليسَ له عِنَاجٌ ... كمَخْض الماءِ ليسَ له إِتَاءُ⁣(⁣٤)

  وإِتاءُ الأَرْضِ: رَيْعُها وحاصِلُها؛ كأَنَّه مِنَ الإِتاوَةِ وهو الخَراجُ. والإِتاءُ: الغَلَّةُ.

  وما أَحْسَنَ أَتْوَ يَدَي هذهِ الناقَةِ: أَي رَجْع يَدَيْها في السَّيْرِ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.

  وأَتَوان تَأْكِيدٌ لأسَوان وهو الخرِينُ يقالُ: أَسْوَان أَتْوَان.

  واتاوةُ: مدينَةٌ بالهِنْدِ، ومنها: شيْخُنا المعمِّرُ محييّ الدِّيْن نورُ الحقِّ بنُ عبدِ اللهِ المُتَوكِّل الحُسَيْنيّ الاتاوِيُّ، نَزِيلُ مكَّة، أَخَذَ عن السيِّدِ سعْدِ اللهِ المُعمِّر، ورَوَى عن أَبي طاهِرٍ الكورانيِّ، وتُوفي بها سَنَة ١١٦٦.

  [أتي]: ي أَتَيْتُه أَتْياً وإِتْياناً وإِتْيانَةً، بكسرِهِما، ومَأْتاةً وأُتِيّاً، بالضَّمِّ كعُتِيِّ ويُكْسَرُ؛ اقْتَصَر الجَوْهرِيُّ على الأُولى والثَّانِيَةِ والرَّابِعَةِ، وما عَداهُنَّ عنِ ابنِ سِيدَه؛ جِئْتُه.

  وقالَ الرَّاغِبُ: حَقيقَةُ الإِتْيانِ المَجِيءُ بسُهُولةٍ.

  قالَ السَّمين: الإِتْيانُ يقالُ للمَجِيءِ، بالذَّاتِ وبالأَمْرِ والتَّدْبيرِ، وفي الخَيْرِ والشَّرِّ ومن الأوَّل قَوْله:

  أَتَيْت المُرُوءَة من بابِها⁣(⁣٥)

  وقَوْلُه تعالَى: {وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلّا وَهُمْ كُسالى}⁣(⁣٦)، أَي لا يَتَعاطُونَ.

  قالَ شَيْخُنا: أَتَى يَتَعدَّى بنَفْسِه؛ وقَوْلُهم: أَتَى عليه، كأَنَّهم ضَمَّنُوه معْنَى نَزَلَ، كما أَشارَ إِليه الجلالُ في عقودِ الزبرجدِ. وقالَ قوْمٌ: إنَّه يُسْتَعْملُ لازِماً ومُتَعدِّياً، انتَهَى.

  وشاهِدُ الأَتْي قَوْلُ الشاعِرِ أَنْشَدَه الجَوْهرِيُّ:

  فاحْتَلْ لنَفْسِكَ قَبْل أَتْيِ العَسْكَرِ⁣(⁣٧)

  * قُلْتُ: ومِثْلُه قَوْلُ الآخر:

  إِنِّي وأَتْيَ ابنِ علَّاقٍ ليَقْرِيَني ... كعائِطِ الكَلْبِ يَبْغي الطِّرْقَ في الذَّنَبِ⁣(⁣٨)


(١) اللسان والتهذيب.

(٢) شرع أشعار الهذليين ١/ ٢٠٧ برواية:

يا ويل ما لي وأبا ذؤيب

ورواية الأصمعي:

يا قوم ما بال أبي ذؤيب ... يمس رأسي ويشم ثوبي

كأنني أتوته بريب

ويروى: يا ويل ما بال أبي ذؤيب قال السكري: ويقال: «أتوته وأتيته» جميعاً. والشعر في اللسان، والثاني في الصحاح والتهذيب.

(٣) اللسان.

(٤) الأساس لعمرو بن الإطنابة، واللسان، والمقاييس ١/ ٥٢ وفيها «كسيل الماء».

(٥) المفردات للراغب.

(٦) سورة التوبة الآية ٥٤.

(٧) اللسان والصحاح بدون نسبة.

(٨) اللسان هنا بدون نسبة، وبرواية: ابن غلاق ... كغابط» وفيه في مادة غبط نسبه لرجل من بني عمرو بن عامر يهجو قوماً من بني سليم. والبيت في التهذيب والمقاييس ١/ ٥٠.