تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صوم]:

صفحة 423 - الجزء 17

  [صوم]: صامَ صَوْماً وِصِياماً، بالكسْرِ، وِاصْطَامَ: إذا أَمْسَكَ، هذا أَصلُ اللُّغَةِ في الصَّوْمِ، وفي الشَّرْعِ: عن الطَّعامِ والشَّرابِ.

  وِمِن المجازِ: صامَ عن الكَلامِ: إذا أَمْسَكَ عنه، وبه فُسِّر قوْلُه تعالَى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً}⁣(⁣١)، أَي صَمْتاً بدَليلِ قوْلِه: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}.

  وِصامَ عن النِّكاح: تَرَكَهُ، وهو أَيْضاً داخِلٌ في حدِّ الصَّومِ الشَّرعيِّ، ومنه قوْلُ سُفيان بنِ عُيَيْنَة: الصَّوْمُ هو الصَّبْرُ، يَصْبِرُ الإِنْسانُ على الطَّعامِ والشَّرابِ والنكاحِ، ثم قَرَأَ: {إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ}⁣(⁣٢).

  وِمِن المجازِ: صامَ عن السَّيْرِ، إذا أَمْسَكَ.

  وِقالَ أَبو عبيدَةَ: كُلُّ مُمْسِكٍ عن طَعامٍ أَو كَلامٍ أَو سَيْرٍ هو صائِمٌ.

  وِقالَ الجَوْهريُّ: رجُلٌ صَوْمانُ، أَي صائِمٌ، ضُبِطَ بالفتحِ وبالضمِّ.

  وِيقالُ: رجُلٌ صَوْمٌ، ورَجُلانِ صَوْمٌ، وقَوْمٌ صَوْمٌ، وامْرأَةٌ صَوْمٌ، لا يُثَنَّى ولا يُجْمَعُ لأنَّه نعت بالمصْدَرِ، ج صُوَّامٌ، كرُمَّانٍ بالواوِ، وِصُيَّامٌ، بالياءِ وِصُوَّمٌ، كرُكَّعٍ بالواوِ، وِصُيَّمٌ، بالياءِ، قَلَبُوا الواوَ لقُرْبِها مِن الطَّرَفِ، وِصِيَّمٌ بالكسْرِ مع تَشْديدِ الياءِ عن سِيْبَوَيْه، كَسَرُوا لمَكانِ الياءِ، وِصِيامٌ، ككتابٍ، وِصَيامَى، كسَكَارَى وهذه نادِرَةٌ.

  وِصامَ مَنِيَّتَه: ذَاقَها.

  وِصامَ النَّعامُ: رَمَى بذَرْقِه، وكَذلِكَ الدَّجاجَةُ، ويقالُ لوَقْفَتها عنْدَ ذلِكَ أو لسكونها بخُروجِ الأَذى، وهو مجازٌ.

  وِهو، أَي ذَرْق النَّعامِ، صَوْمُه.

  وفي المُحْكَمِ: الصَّوْمُ: عُرَّةُ النَّعامِ.

  وفي الفرقِ لابنِ السَّيِّد. هو سلحُ النَّعامِ، وأَنْشَدَ:

  اتَّق اللهَ في الصَّلاةِ ودَعْها ... إنَّ في الصَّوْمِ والصَّلاةِ فَساداً

  ويعْنِي بالصَّلاة إتْيانَ المرْأَةِ في دُبُرِها. وفي المُحْكَم: صامَ النهارَ صَوْماً: أَلْقى ما في بَطْنِه، ويعْنِي بالنَّهارِ فَرخَ الكَرَوان.

  وِصامَ الرَّجُلُ إذا تَظَلَّلَ بالصَّوْمِ، اسْمُ شَجَرَةٍ⁣(⁣٣)، عن ابنِ الأَعْرابيِّ.

  قالَ الجَوْهرِيُّ بلُغَةِ هُذَيْل.

  قالَ ابنُ بَرِّي: يشيرُ إلى قوْلِ ساعِدَةَ بنِ جُؤيَّةَ:

  مُوَكَّلٌ بشُدوف الصَّوَم يَرقُبُها ... من المَناظِر مَخْطوفُ الحَشَازَرِمُ⁣(⁣٤)

  والشُّدُوفُ: الإشْخاصُ.

  وقالَ غيرُهُ: الصَّوْمُ: شَجَرَةٌ على شكْلِ الإنْسان كَريهَةُ⁣(⁣٥) المَنْظَرِ جدّاً، يقالُ لثَمَرها رؤُوسُ الشَّياطِيْن، يعْني بالشَّياطِيْن الحيَّاتِ وليسَ لها وَرَقٌ.

  وقالَ أَبو حنيفَة: للصَّوْم هَدَبٌ ولا تَنْتَشِرُ أَفْنانُه، يَنْبُتُ نباتَ الأثَلِ ولا يَطُولُ طُولَه، وأَكْثرُ مَنابِته بِلادُ بني شَبابَةَ، وأَنْشَدَ قوْلَ ساعِدَةَ.

  وِمِن المجازِ: صام النَّهارُ: إذا اعْتَدَلَ وِقامَ قائِمُ الظَّهيرَةِ، نَقَلَه الجَوْهرِيُّ، ومنه قوْلُ امْرِيءِ القَيْسِ:

  فدَعْها وسَلِّ الهَمَّ عنْكَ بجَسْرةٍ ... ذَمُولٍ إذا صامَ النهارُ وهَجَّرا⁣(⁣٦)

  وِمِن المجازِ: الصَّوْمُ: الصَّمْتُ، وبه فُسِّرَ قوْلُه تعالَى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً}، عن ابنِ عبَّاسٍ وقد تقدَّمَ، ولا يَخْفَى أَنَّه مع قوْلِه أَمْسَكَ عن الكَلامِ تكْرارٌ.

  وِمِن المجاز: الصَّوْمُ رُكودُ الرِّيحِ، وقد صامَتْ، نَقَلَهُ الجَوْهريُّ.


(١) مريم الآية ٢٦.

(٢) الزمر الآية ١٠.

(٣) في القاموس: لشجرة.

(٤) ديوان الهذليين ١/ ١٩٤٠ برواية: «ينظرها من المغارب» والمثبت كرواية اللسان، وفي اللسان رواية أخرى: «يبصرها من المعازب» والبيت من قصيدة لساعدة مجرورة القافية: ففي البيت إقواء لتغير حركة الروي من الجر إلى الرفع، وقبله في الديوان:

من فوقه شعف قرّ وأسفله ... جيّ تنطق بالظيان والعتم

(٥) في القاموس كريهة مجرورة. وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى رفعها

(٦) ديوانه ط بيروت ص ٩٤ برواية: «فدع ذا ..» واللسان والتهذيب.