تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لبأ]:

صفحة 242 - الجزء 1

  [لبأ]: اللِّبَأُ كَضِلَعٍ بكسر الأَول وفتح الثاني مهموزٌ مقصورُ، ضبطه الليث. ولو قال كعِنَبٍ، كما في المُحكم والعُباب كان أَحسن: أَوَّلُ اللَّبَنِ في النِّتاج، وزاد ابنُ هِشامٍ: قبْلَ أَن يَرِقَّ. والذي يَخرج بعدَه الفصيحُ، وسيأْتي قال أَبو زيد: أَوَّل الأَلبانِ اللِّبَأُ عند الوِلَادَةِ. وأَكثرُ ما يكونُ ثَلاث حَلبَاتٍ، وأَقلُّه حَلْبَة، وقال الليث: هو أَوَّل حَلَبٍ عند وَضْع المُلْبِئ وَلبَأَهَا كَمَنَع أَي الشَّاةَ والناقةَ مثلاً يَلْبَؤُهَا لَبْأً بالتسكين والْتبَأَها: احْتَلَبَ لَبَنَها، وفي بعض الأُصول: لِبَأَها، ويقال لَبَأْتُ اللِّبَأَ أَلْبَؤُه لَبْأً إِذا حَلَبْتَ الشَّاةَ لَبْأً. ولَبَأَ القَوْمَ يَلْبَؤُهم لَبْأً: أَطْعَمهم إِيَّاه⁣(⁣١) أَي اللِّبَأَ، قال ذو الرُّمَّة:

  وَمَرْبُوعَةٍ رِبْعِيَّةٍ قد لَبَأْتُها ... بِكَفَّيَّ مِنْ دَوِّيَةٍ سَفَراً سَفْرَا

  فسَّره السيرافي⁣(⁣٢) وحده فقال: يعني الكَمْأَةَ، مَرْبُوعةٍ: أَصابَها الرَّبيعُ. ورِبْعِيَّةٍ مُتَرَوِّيَةٍ بمَطَر الربيع. ولَبَأْتُها: أَطعَمْتُها أَوَّلَ ما بَدَتْ، وهي استعارةٌ، كما يُطعَمُ اللِّبَأُ، يعني أَنَ الكَمَّاءَ⁣(⁣٣) جناها فبَاكرَهم بها طَرِيَّةً، وسَفَراً منصوبٌ على الظرف، أَي غُدْوَةً⁣(⁣٤)، وسَفْرا، مفعولٌ ثان لِلَبَأْتُها، وعدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في معنى أَطْعَمْتُ، كَأَلْبَأَهُمْ فإِنه بمعناه، وقيل: لَبَأَ القَوْمَ يَلْبَؤُهم لَبْأً إِذا صَنَع لَهم اللِّبَأَ، وقال اللِّحيانيُّ: لَبْأً ولِبَأً وهو الاسْمُ، أَي كَأَنَّ اللِّبَأَ يكون مَصْدَراً واسْماً، وأَنكَرَهُ ابنُ سيده.

  ولَبَأَ اللِّبَأَ يَلْبَؤُه لَبْأً: أَصلَحه وطَبَخَه كَأَلْبَأَهُ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابيّ.

  ولَبَأْتُ الجَدْيَ: أَطْعَمْتُه اللِّبَأَ وأَلْبَئُوا: كَثُرَ لِبَؤُهم، كما في الصحاح.

  وَأَلْبَأَت الشَّاةُ أَو الناقة: أَنْزَلَتِ اللِّبَأَ في ضَرْعِها وأَلبأَتِ الوَلَدَ: أَرْضَعَتْه أَي سَقَتْه، وفي بعض النسخ: أَطعمته إِيَّاهُ أَي اللِّبَأَ، قال أَبو حاتم أَلْبَأَتِ الشاةُ ولَدَها، أَي قَامَتْ حتى تُرْضِعَ لِبَأَها كَلَبَأَتْهُ مثل مَنَعَتهُ ويوجد هنا في بعض النسخ بالتشديد، وهو خطأٌ، وفي حديث وِلادَة الحَسن بن عليٍّ ®: وأَلْبَأَه بِرِيقِه. أَي صَبَّ رِيقَه في فِيه، كما يُصَبُّ اللِّبَأُ في فَمِ الصَّبِيّ، وهو أَوَّلُ ما يُحْلَب عند الوِلادة، وقيل: لَبَأَه: أَطْعَمَه اللِّبَأَ وأَلبَأَ فُلانٌ فُلاناً: زَوَّدَهُ بِهِ أَي بِاللِّبَإ كَلَبَأَه، ولو ذكرَ هذا الفَرْقَ عند قوله أَطْعَمهم كان أَخْصَر وأَلْبَأَ الجَدْيَ والفَصِيلَ إِلْباءً إِذا شَدَّهُ إِلى رَأْسِ الخِلْفِ بالكسر والسكون لِيَرْضَعَ اللِّبَأَ. والفَصِيلُ مِثالٌ، والمرادُ الرَّضِيعُ مِن كلِّ حيوانٍ، كما نَبَّه عليه في المُحكم وغيره بتعبيره وَالْتبَأَهَا وَلدُهَا: رَضِعَها، كاسْتَلْبَأَهَا، ويقال: استلْبَأَ الجَدْيُ اسْتِلْباءً إِذا ما رَضِعَ من تِلْقاءِ نَفْسِه، وقال الليثُ: لَبَأَتِ الشاةُ ولدَها: أَرْضعته اللِّبَأَ، وهو تَلْبَؤُه، والْتبَأْتُ أَنا: شرِبْت اللِّبَأَ ويقال: الْتبَأَها: حَلبَها، كَلَبَأَهَا، أَي حَلبَ لِبَأَهَا. وقد تقدّمت الإِشارةُ إِليه، فلو قال عند قوله لَبَأَها كالْتَبَأَها كان أَحسن وأَوفق لقاعدته.

  ولبَّأَت الناقةُ وكذا الشاةُ ونحْوُهُما تَلْبِيئاً وَهي مُلَبِّى كمُحَدِّث: وَقع اللِّبَأُ في ضَرْعِها ثم الفِصْحُ بعد اللِّبَإ إِذا جاءَ اللبنُ بعد انقطاعِ اللِّبَإِ يقال: قد أَفْصَحَت الناقةُ، وأَفْصَحَ لَبَنُهَا.

  ولبَّأَ بِالحَجِّ تَلْبئَةً بالهمز كَلَبَّى غير مهموز، وهو الأَصل فيه، قال الفَرَّاءُ: ربما خَرجَتْ بهم فَصاحتُهم إِلى أَن يَهْمِزوا ما لَيس بمهموز، فقالوا: لَبَّأْتُ بالحَجّ وحَلأْتُ السَّوِيق ورَثَأْتُ الميتَ، وظاهر سِياقه أَنه بالهمز ودونه على السواءِ، وليس كذلك، بل الأَصل عَدمُ الهمزِ كما عَرفتَ.

  واللَّبْءُ بالفَتْح ذِكرُ الفَتْحِ مُخالِفٌ لقاعدته، فإِن إِطلاقه يَدُلُّ بمراده: أَوَّلُ السَّقْيِ يقال لَبَأْتُ الفسِيل أَلْبَؤُه لَبْأً، إِذا سَقَيْتَه حين تَغْرِسُه، وفي الحديث: إِذا غَرَسْتَ فَسِيلةً وقيل إِن الساعَةَ تقومُ فلا يَمْنَعَنَّك أَن تَلْبَأَها. أَي تَسْقِيهَا» وذلك أَوَّل سَقْيِك إِيَّاها، وفي حديثٍ أَنَّ بَعْض الصَّحابةِ مَرَّ بأَنْصارِيّ يَغْرِس نَخْلاً فقال: يا ابنَ أَخي. إِن بَلغك أَنّ الدَّجَّالَ قد خَرَج فلا يَمْنَعَنَّك مِنْ أَنْ تَلْبَأَها، أَي لا يَمْنَعُك⁣(⁣٥) خُروجُه عن غَرْسِها وسَقْيِها أَوَّلَ سَقْيَةٍ. مأْخوذٌ من اللِّبَإ، وهو مجازٌ.

  واللَّبْءُ أَيضاً: حَيٌّ من العَرب من عبدِ القَيْس، والنسبة إِليه اللَّبْئِيّ كالأَزْدِيّ.


(١) في المقاييس ٥/ ٢٣٢ ولبأتُ القومَ: سقيتهم لبأ.

(٢) اللسان: الفارسي.

(٣) عن اللسان، بالأصل الكمأة.

(٤) عن اللسان، بالأصل عدوة.

(٥) النهاية: يمنعك.