تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فصح]:

صفحة 154 - الجزء 4

  وفي التهذيب: سَمْعت أَعرابيًّا من بني عُقَيل يُسمَّى شَمْلَةَ يقول لخرّازٍ كان يَخْرِز له قِرْبَةً، فقال له: إِذا خَرزْتَ فأَفسِحِ الخُطَا لئلّا يَنخرمَ الخَرْزُ ... يقُول: باعِدْ بين الخُرْزَتينِ.

  وقال الفرّاءُ: قرَأَ النَّاسُ تَفَسَّحُوا⁣(⁣١)، بغير أَلف، وقرأَها الحسن: تَفاسَحُوا، بأَلف، قال: وتفاسَحوا وتَفسَّحُوا متقاربٌ في المعنى، أَي تَوَسَّعُوا، مثل تَعهَّدته وتَعاهَدْته، وصَعَّرْتُ وصاعَرْت.

  وقال الأَصمعيّ: مُرَاحٌ مُنفسِحٌ، إِذا كَثُرتْ نَعَمَه، وهو ضدُّ قَرِع المُرَاحُ. وقد انفسحَ مُرَاحُهم، إِذا كَثُرَ إِبلُهم. قال الهُذليّ:

  سَأُغْنِيكُمْ إِذا انفَسَحَ المُرَاحُ⁣(⁣٢)

  * ومما يستدرك عليه:

  الفُسْحَتَانِ: ما لا شَعَرَ عليه من جَانِبَيِ العَنْفَقةِ.

  وفي التهذيب: جَملٌ مفسوحُ الضُّلُوعِ، بمعنى مَسفوحٍ يَسْفَح في الأَرْضِ سَفْحاً، قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْر:

  فقَرَّبْتُ مَفسُوحاً لرَحْلِي كأَنّه

  قَرَى ضِلَعٍ قَيْدَامُها وصَعُودُهَا

  [فشح]: فَشَحَ، كمنَعَ، وفَشَج، إِذا فَرَّجَ ما بين رِجْلَيْه، بالحَاءِ والجيم، رواه ثعلبٌ عن ابن الأَعْرَابيّ وفَشَح عنه: عَدَلَ، كفَشّحَ تَفْشِيحاً، فيهما، بالحاءِ والجيم، عن ثعلبٍ أَيضاً.

  وتَفشَّحَت الناقةُ كانْفشحتْ وفَشّحَت: تَفاجَّت⁣(⁣٣) لِتبولَ قال حسَّان:

  إِنّكِ لو صاحَبْتِنَا مَذِحْتِ

  وحَكَّكِ الحِنْوَانِ فانْفشَحْتِ

  وقيل انفشَحَت، إِذا بقيَتْ كذلك لِوَجعٍ.

  [فصح]: الفَصْحُ والفَصَاحَة: البَيَان. قال شيخُنا: قال أَئمّةُ الاشتقاقِ وأَهلُ النَّظَر: مَدارُ تركيب الفَصاحةِ على الظُّهُور. وقال أَئمّة المعاني والبيان: حيث ذَكَر أَهل اللغة الفَصَاحَةَ فمُرادهم بها كثرةُ الاستعمال، كما أَشار إِليه الشّهاب في العناية في هود، وأَنّهُمْ قد يستعملونها مُرَادِفةً للبلاغة، كما دلَّ عليه الإِستعمالُ، يقال: ما كان فَصيحاً ولقد فَصُحَ، ككرُمَ، فَصَاحةً، فهو فَصيحٌ، وهو البيِّن في اللِّسَان والبَلاغَةِ.

  ومن المجاز: لسان فصِيحٌ، أَي طَلْقٌ. ورجل فَصْحٌ، على المبالغة، كزيد عَدْل من قَوْمٍ فُصْحاءَ وفِصَاحٍ وفُصُحٍ، بضمتين. قال سيبويه: كسَّروه تكسيَر الاسم، نحو قَضِيب وقُضُب. وهي فصِيحَةٌ، من نِسْوَةٍ فِصَاحٍ وفَصَائحَ.

  أَو اللَّفْظُ⁣(⁣٤) الفَصِيح: ما يُدرَكُ حُسْنُه بالسَّمْع.

  ومن المجاز: فَصُحَ الأَعجميّ، ككَرُم، فَصاحَةً، إِذا تكلَّمَ بالعَربيّة وفُهِم عَنْه، أَو فَصُحَ: كَان عربيًّا فازداد فصاحَةً، وفي المصباح جادت لغتُه فلم يلْحن، كتفصَّحَ.

  وتَفَاصحَ: تكلَّف الفَصَاحة، والتَّفصُّحُ: استعمالُ الفصاحَة، وقيل التَّشبُّه بالفُصحاءِ، وهذا نحو قولهم: التحلُّم هو إِظهار الحِلْم. والفَصِيح⁣(⁣٥) المنطلق اللِّسَان في القول، الذي يعرفُ جيِّدَ الكلام من رديئه⁣(⁣٦). وقد أَفصحَ، إِذا تكلَّم بالفَصاحةِ. وأَفصح الكلامَ وأَفصح به، وأَفصَح الرجُلُ القَوْلَ. فلمَّا كثُر وعُرِفَ أَضمرُوا القولَ واكتفَوْا بالفعل⁣(⁣٧)، مثل أَحْسنَ وأَسْرَعَ وأَبطأَ، إِنّما⁣(⁣٨) هو أَحسنَ الشيءَ وأَسرعَ [العملَ]⁣(⁣٩) وقد يجيءُ في الشِّعْر في وَصْف العُجْم أَفصحَ، يريد⁣(⁣١٠) به بَيَان القوْل وإِن كان بغير العَربيّة، كقول أَبي النَّجْم.


(١) يريد قوله تعالى: {إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا}.

(٢) البيت لمالك بن الحارث أخي بني كاهل بن الحارث كما في ديوان الهذليين ٣/ ٨١ وصدره:

فلوموا ما بدا لكم فإِني

سأعتبكم ...

(بدل سأغنيكم).

(٣) في القاموس: وتفشحت الناقة: تفاجّت، كانفشحت. وبهامش المطبوعة المصرية أشار إِلى زيادة في المتن أيضاً: «في المتن المطبوع زيادة وهي: وجاريته جامعها، وكَقَطَامِ: الضّبُعُ» وفي التكملة: وتفشحها: جامعها. وفَشَاحِ على وزن قَطَامِ: الضّبُعُ.

(٤) بالأصل: واللفظ، وما أثبت عن القاموس.

(٥) في اللسان: والفصيح في اللغة.

(٦) في المطبوعة الكويتية: رديئة.

(٧) في التهذيب: كما تقول: أحسن ..

(٨) في التهذيب واللسان: وإِنما.

(٩) زيادة عن التهذيب، وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وأسرع عبارة اللسان: وأسرع العمل.».

(١٠) الأصل واللسان، وفي التهذيب: يراد به.