تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[وجب]:

صفحة 463 - الجزء 2

  عامرُ بْنُ الطُّفَيْل على سيّدنا رسول الله ، فَوَثَّب له وِسادةً، أَي: أَقعَدَه عليها. وفي رواية: فوَثَّبَهُ وِسادَةً، أَي: أَلقاها له. كذا في لسان العرب، وبه تَعلَمُ أَنّ قولَ شيخِنا: وقد كثُرَ استعمالُ العَامَّةِ الوُثوبَ في معنى المُبَادَرةِ للشَّيْءِ والمُسارَعَةِ إِليه، ليس في أُمَّهات اللُّغَة ما يساعِدُهُ، يَدُلُّ على عدمِ اطِّلاعه لِما نَقَلْنَاهُ. وفي حديث عليّ، ¥، يومَ صِفِّينَ: «قَدَّمَ للوَثْبَةِ يَداً و [أخّر]⁣(⁣١) للنُّكُوص رِجْلاً» أَي: إِنْ أَصابَ فُرْصَةً، نَهَضَ إِليها، وإِلّا رجَعَ وتَرَكَ.

  ومن المَجَاز: تَوَثَّب فلانٌ في ضَيْعَتِي. وعبارةُ الصِحاح: في ضيعةٍ لي، أَي اسْتَوْلَى عَلَيْها ظُلْماً. وفي الأَساس: تَوَثَّبَ على مَنْزِلته، وتَوَثَّبَ على أَخِيهِ في أَرْضِه⁣(⁣٢) استولَى عليها ظُلْماً. وفي لسان العرب: في حديثِ هُذَيْلٍ: «أَيَتَوَثَّبُ أَبو بكر على وَصِيّ رسول الله، ؟ ودَّ أَبو بَكْرٍ أَنّه وَجَدَ عهْداً من رسولِ اللهِ ؛ وأَنَّهُ خُزِمَ أَنْفُهُ بخِزامَةٍ»، أَي يَسْتَوْلي⁣(⁣٣) عليه ويظلِمُهُ؟: معناه: لو كان عليٌّ، ¥، معهوداً إِليه بالخِلافة، لكان في أَبي بكرٍ، ¥، من الطّاعَة والانقياد إِليه ما يكون في الجمَل الذَّليلِ المُنْقاد بخِزامَتهِ.

  والثُّبَةُ، كَحُمَةٍ: الجَمَاعَةُ، وقد تقدّم البحث فيه في ث وب⁣(⁣٤).

  والوَثَبَى، كجَمَزَى، من الوَثْب، وهي الوَثَّابَة، أَي: سَريعة الوَثْبِ، نقله، الصّاغانيُّ.

  * ومِمّا يُسْتَدرَكُ عَليْه: واثَبَهُ، وَوَثَبَ إِليه. وظَبْيٌ وثّابٌ.

  ويَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ المُقْرِئُ الكُوفيّ، مات سنة ثلاثٍ ومِائَة. وقال الذَّهَبِيُّ: مَوْلَى بَنِي أَسَد، عن ابْن عَبّاس وابْنِ عُمَرَ. ومن المَجَاز: وَثَبَ إِلى الشَّرَف وَثْبَةً⁣(⁣٥).

  وفَرَسٌ وَثَّابَةٌ: سريعةُ الوَثْبِ.

  [وجب]: وَجَبَ الشَّيْءُ، يَجِبُ، وُجُوباً بالضَّمّ، وجِبَةً كعِدَةٍ. قال شيخُنَا: هو أَيضاً مَقِيسٌ في مثله. قلتُ: هذا المصدرُ، إِنّمَا ذكره الجَوْهَرِيُّ في وَجَبَ البَيْعُ يَجِبُ جِبَةً.

  واقتصر هُنا على الوُجُوبِ: لَزِمَ. وفي التَّلْوِيح: الوُجُوبُ في اللُّغة، إِنّما هو الثُّبُوتُ. قُلتُ: وهو قريبٌ من اللُّزُوم. وفي الحديثِ؛ «غُسْلُ الجُمُعَةِ واجِبٌ على كُلّ مُحْتَلِمٍ». قال ابْنُ الأَثِيرِ: قال الخَطَّابِيّ: معناه وُجُوبُ الاختِيارِ والاستحباب دُونَ وُجُوبِ الفَرْضِ واللُّزُوم؛ وإِنَّمَا شَبَّهه بالواجِب تأْكيداً، كما يَقُولُ الرَّجُلُ لصاحبِه: حَقُّكَ عليَّ واجِبٌ. وكانَ الحَسَنُ يراهُ لازماً، وحُكِي ذلك عن مالِكٍ.

  يُقَالُ: وَجَبَ الشَّيْءُ وُجُوباً: إِذا ثَبَتَ ولَزِمَ.

  والواجِبُ والفَرْضُ، عندَ الشّافعيّ، سواءٌ، وهو كُلُّ ما يُعَاقبُ على تَرْكهِ. وفَرَقَ بينَهُمَا أَبو حَنِيفَةَ، فالفرضُ عندَهُ آكَدُ من الواجب.

  وأَوْجَبه هو، وَوَجَّبَهُ مُضَعَّفاً، نقل ابْنُ القَطّاع إِنكاره عن جماعة. ووَجَبَ البيعُ يَجِبُ جِبَةً، وأَوْجَبْتُ البيعَ فَوَجَبَ.

  وقال اللِّحْيَانيُّ: وَجَبَ البَيعُ جِبَةً ووُجُوباً⁣(⁣٦)، وقد أَوْجَبَ لَكَ البَيْعَ، أَو أَوْجَبَهُ هو إِيجاباً. كلُّ ذلك عن الِّلحْيانيّ.

  وواجَبَهُ⁣(⁣٧) البَيْعَ، مُوَاجَبَةً، ووجَاباً بالكسر، عنه أَيضاً.

  ولمّا كان هذا من تَتِمَّة كلام الِّلحْيَانيّ، واختصره، ظَنَّ شيخُنا أَنّه أَرادَ⁣(⁣٨) بهما مَصدرَيْ أَوْجبَ، فقال: هذا التّصريفُ، ولا يُعْرَفُ في الدَّواوين، ولا تَقتضيه قَواعدُ، إِلى آخرِ ما قاله.

  وبَعِيدٌ على مثل المصنِّف أَن يَغْفُلَ في مثل هذا. وغايةُ ما يُقَالُ إِنّه أَجْحَفَ في كلام اللِّحْيانيّ، كما تقدَّمَ.

  وأَوْجَبه اللهُ، واسْتَوْجَبَه: اسْتَحَقَّهُ.


(١) زيادة عن النهاية.

(٢) عن الأساس، وفي الأصل: «وتوثب في أرضه على أخيه» وأشار إلى عبارة الأساس في هامش المطبوعة المصرية.

(٣) عن النهاية، وبالأصل: «أي استولى» وأشار إلى عبارة النهاية في هامش المطبوعة المصرية.

(٤) في الأصل: ت ب ب وقد نبه إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية.

(٥) عن الأساس وشاهده قول الكميت:

ووثبةٍ لك في الاحساب بالغةٍ ... كذاك إنك في المعروف ذو وثب

(٦) زاد في التكملة عن كتاب يافع ونفعة: وجوباً بفتح الواو، كالتي في الوَلوع.

(٧) اللسان: وأوجبه.

(٨) في المطبوعة المصرية: «أرادا».