تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غبر]:

صفحة 287 - الجزء 7

فصل الغين المعجمة مع الراءِ

  [غبر]: غَبَرَ الشَّيْءُ يَغْبُرُ غُبُوراً كعُقُودٍ: مَكَث وبَقِيَ.

  وغَبَر غُبُوراً: ذَهَبَ ومَضَى.

  والغَابِرُ: البَاقِي. والغَابِرُ: الماضِي، ضِدّ. قال اللَّيْثُ: وقد يَجِيءُ الغابِرُ في النَّعْتِ كالمَاضِي. وهو غابِرٌ من قَوْمٍ غُبَّرٍ، كرُكَّعٍ. والغابِرُ من اللَّيْلِ: ما بَقِيَ منه. ويُقَال: هو غابِرُ بَنِي فُلان، أَي بَقِيَّتُهم. قال عُبَيْدُ الله بن عُمَرَ:

  أَنا عُبَيْدُ الله يَنْمِينِي عُمَرْ ... خَيْرُ قُرَيْشٍ مَنْ مَضَى ومَنْ غَبَرْ

  بَعْدَ رَسُولِ الله والشَّيْخِ الأَغَرّ

  ويُقَال: أَنتَ غابِرٌ غَداً، وذِكْرُكَ غابِرٌ أَبَداً.

  وغُبْرُ الشَّيْءِ، بالضّمّ: بَقِيَّتُه، كغُبَّرِه، بتَشْدِيد المُوَحَّدَة المَفْتَوحة، ج الغُبْرِ أَغْبَارٌ، كقُفْلٍ وأَقْفَالٍ، وجَمْعُ الغُبَّرِ غُبَّرَات، وقَدْ غَلَبَ ذلك على بَقِيَّةِ دَمِ الحَيْض، وعلَى بَقِيَّةِ اللَّبَنِ في الضَّرْعِ قال ابنُ حِلِّزَةَ:

  لا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأَغْبَارِهَا ... إِنَّكَ لا تَدْرِي مَنِ النّاتِجُ

  ويُقَال: بها غُبَّرٌ من لَبَنٍ، أَي بالنَّاقَةِ. وغُبَّرُ الحَيْضِ: بَقَايَاهُ. قال أَبو كَبِيرٍ الهُذَلِيّ، واسْمُه عامِر بنُ الحُلَيْس⁣(⁣١).

  ومُبَرَّإٍ⁣(⁣٢) مِنْ كُلّ غُبَّرِ حَيْضَةٍ ... وفَسَادِ مُرْضِعَةٍ وداءٍ مُغْيِلِ

  وغُبَّرُ المَرَضِ: بَقَاياهُ. وكذلك غُبْرُ⁣(⁣٣) اللَّيْلِ. وغُبْرُ اللَّيْلِ: آخِرُه وبَقَاياه، واحِدُهَا غُبْرٌ. وفي حديث مُعاوِيَة: «بِفنائه أَعْنُزٌ دَرُّهُنَّ غُبْرٌ» أَي قَلِيلٌ.

  وفي حديث ابنِ عُمَرَ: أَنّه سُئِل عَنْ جُنُبٍ اغْتَرَفَ بكُوزٍ من حُبٍّ، فأَصَابَتْ⁣(⁣٤) يدُه الماءَ. فقال: «غابِرُه نَجِسٌ»، أَي باقِيهِ. وفي حَدِيثٍ: «أَنّه اعْتَكَفَ العَشْرَ الغَوابِرَ من شَهْرِ رَمَضَانَ» أَي البَوَاقِي، جَمْعُ غابِرٍ. وفي حديثٍ آخَر: «فَلَم يَبْقَ إِلا غُبَّراتٌ من أَهْلِ الكِتَاب». وفي رِوَايَة: «غُبَّرُ أَهل الكِتَاب». الغُبَّرُ: جَمْع غابِرٍ. والغُبَّراتُ جَمْعُ غُبَّر، وقال أَبو عُبَيْدٍ: الغُبَّرَاتُ: البَقَايَا، واحِدُهَا غابِرٌ، ثم يُجْمَعُ غُبَّراً، ثم غُبَّرَاتٌ جَمْعُ الجَمْع. وفي حديث عَمْرِو بن العاصِ: «ما تَأَبَّطَتْنِي الإِماءُ ولا حَمَلَتْنِي البَغَايَا في غُبَّرَاتِ المَآلِي»، أَرادَ أَنّه لم تَتَوَلَّ الإِمَاءُ تَرْبِيَتَه. وغُبَّرَاتُ المآلِي: بقايَا خِرَقِ الحَيْضِ. وقال ابنُ الأَنْبَارِيّ: الغابِرُ: الباقِي، في الأَشْهَرِ عِنْدَهم. قال: وقد يُقالُ للماضِي غابرٌ. قال الأَعْشَى في الغابِرِ بمعنَى الماضِي:

  عَضَّ بمَا أَبْقَى المَوَاسِي لَهُ ... مِنْ أُمِّهِ في الزَّمَنِ الغَابِرِ

  أَراد المَاضِي.

  قلتُ: وقد سَبَقَ لي تأْلِيفُ رِسَالَة في عِلْم التَّصْرِيف، وسَمَّيْتها «عُجَالَة العابِرِ في بَحْثَيِ المُضَارِع والغابِرِ» وأَردتُ به الماضِيَ نَظَراً إِلى هذا القَوْل.

  قال الأَزهريّ: [والمعروف]⁣(⁣٥) في كَلامِ العَرَب أَنَّ الغَابِرَ: الباقي. وقال غَيْرُ واحِدٍ من أَئِمَّة اللُّغَة: إِنّ الغَابِرَ يكون بمعنى الماضِي.

  وتَغَبَّرَ النَاقَةَ: احْتَلَبَ غُبْرَها، بالضَّمّ، نقله الصّاغَانِيّ والزمخشريّ، أَي بَقِيّةَ لَبَنِها وما غَبَرَ مِنْه. قال الزمخشرِيّ: وتقولُ: اسْتَصْفَى المَجْدَ بأَغْبَارِه، واسْتَوْفَى الكَرَم بأَصْبَارِه ... وقيل لِقَوْمٍ نَمَوْا وكَثُرُوا: كَيْفَ نَمَيْتُم؟ قالوا: كُنَّا نَلْتَبِيءُ الصَّغِيرَ، ونَتَغَبَّر الكَبِيرَ، أَي كُنَّا نأْخذ أَوّلَ ماءِ الصّغِيرِ وبَقِيَّة ماءِ الكَبِير، يريد نُزَوِّجُهما حِرْصاً على التَّنَاسُل.

  وتَغَبَّرَ من المَرْأَةِ وَلَداً: اسْتَفَادَهُ، وهو من ذلك.

  ويُحْكَى أَنّه تَزَوَّج عُثْمَانُ - هكذا في سائر النُّسَخ، وهو غَلَطٌ، والصَّوَاب كما في أَنساب ابن الكَلْبِيّ: غَنْم⁣(⁣٦)، بالغَيْن المَفْتُوحَة والنون الساكِنَة، ابنُ حَبِيب⁣(⁣٧) بنِ كَعْبِ بن


(١) عن الصحاح واللسان وبالأصل «خنيس».

(٢) قوله ومبرإٍ معطوف على قوله:

ولقد سريت على الظلام بمغشمٍ ... جلدٍ من الفتيان غير مشقّلِ

(٣) ضبطت عن اللسان، وفي الصحاح: «غُبَّرُ» وكله بالقلم.

(٤) عن النهاية، وبالأصل «فأصاب».

(٥) زيادة عن التهذيب.

(٦) ومثله في الصحاح واللسان.

(٧) كذا بالأصل، وفي المزهر ٢/ ٤٥ كل شيء في العرب فهو حَبِيب سوى حبيب بن عمرو في تغلب وحبيب بن جذيمة في قريش بالتصغير والتخفيف، وسوى حبيب بن الجهم في النمر وحبيب بن كعب في بني -