تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ضرب]

صفحة 166 - الجزء 2

  الزَّيْدِيَّة أَبُو البَركات عُمرُ بْن إِبْرَاهِيمِ الحُسَيْنيّ.

  * ومِمَّا لَمْ يَذْكُرْه المُؤَلِّف: قَوْلُهم في المَثَلِ: «أَعَقُّ مِنْ ضَبٍّ» لأَنَّه رُبَّما أَكَلَ حُسُولَه.

  وقَوْلُهُم: «لَا أَفْعَله حَتَّى يَرِدَ الضَّبُّ المَاءَ» لأَنَّ الضَّبَّ لا يَشْرَبُ مَاءً⁣(⁣١).

  ومِنْ كَلَامِهِم الَّذِي يَضَعُونَه عَلَى أَلْسِنَةِ الْبَهَائِم قَالَتِ السَّمَكَة: وِرْداً يَا ضَبُّ، فقال:

  أَصْبَحَ قَلْبِي صَرِدَا ... لا يَشْتَهِي أَنْ يَرَدَا

  إِلَّا عَرَاداً عَرَدَا⁣(⁣٢) ... وصِلِّيَاناً بَرِدا⁣(⁣٣)

  وعَنْكَثاً مُلْتَبِدَا⁣(⁣٤)

  والضَّبُّ يُكْنَى أَبَا حِسْل.

  والعَرَبُ تُشَبِّه كَفَّ البَخِيل إِذَا قَصَّر عَنِ الْعَطَاءِ بكَفِّ الضَّبِّ، ومِنْه قَوْلُ الشَّاعر:

  مَنَاتِينُ أَبْرَامٌ كَأَنَّ أَكُفَّهم ... أَكُفُّ ضِبَابٍ أُنْشِقَتْ في الحَبَائِل

  وفي الأَسَاسِ، في المجاز: يُقَالُ: فُلَانٌ كَفُّ الضَّبِّ، أَي بَخِيلٌ. وكَفُّ الضَّب مَثَلٌ في القِصَر والصِّغَر، انتهَى.

  وفي حَدِيثِ أَنَس: «إِنَّ الضَّبَّ ليَمُوتُ هُزَالاً⁣(⁣٥) في جُحْرِه بذَنْبِ ابْنِ آدَم» أَي يَحْتَبِسُ⁣(⁣٦) المَطَر عَنْه بشُؤْم ذُنُوبِهِم، وإِنَّمَا خَصَّ الضَّبَّ لأَنَّه أَطْوَلُ الْحَيَوَانِ نَفْساً وأَصْبَرُها عَلَى الجُوعِ. ويُرْوَى «إِنَّ الحَبَارَى» بدل «الضَّبِّ»؛ لأنَّهَا أَبْعَدُ الطَّيْرِ نَجْعَةً.

  وعن أَبي عمرو: ضَبْضَبَ إِذَا حَقَدَ. وفي الحَدِيثِ: «إِنَّما بَقِيَت مِنَ الدُّنْيَا مِثْلُ ضَبَابَةٍ» يَعْنِي في القِلَّةِ وسُرْعَةِ الذَّهَابِ. قَال أَبُو مَنْصُور: الذي جَاءَ في الحَدِيث: «إِنَّمَا بَقِيَت مِنَ الدُّنْيَا صُبَابَةٌ كصُبابة الإِنَاء».

  بالصَّادِ المُهْمَلَة، هكذا رواه أَبو عُبَيْد⁣(⁣٧) وغَيْره. وفي حَدِيثٍ آخر: «ما زَال مُضِبًّا مُذِ اليَوْمِ» أَي إِذَا تَكَلَّم ضَبَّتْ لِثَاتُه دَماً. وفي المَثَل: «أَتُعَلِّمُنِي بِضَبٍّ أَنَا حَرَشْتُه» إِذَا أَخْبَره بأَمْر هُو صَاحِبُه ومُتَوَلِّيه، وهو مجاز كما في الأَسَاسِ.

[ضرب]

  ضَرَبَه يَضْرِبُه ضَرْباً، والضَّرْب مَعْرُوفٌ وضَرَّبَه مُشَدَّداً وهو ضَارِبٌ وضَرِيبٌ كأَميرٍ وضَرُوبٌ كَصَبُور وضَرِبٌ كَكَتِفٍ ومِضْرَبٌ بكسر الميم كَثِيرُه أَي الضَّرْب أَو شَدِيدُه ومَضْرُوبٌ وضَرِيبٌ كِلَاهُمَا بِمَعْنًى. وقَدْ جَمعَ المُؤَلِّفُ بَيْنَ هَذِه الصِّفَاتِ دُونَ تَمْيِيز بَيْنَ فَاعِل أَو مَفْعُولٍ أَو صِفَةٍ مُشَبَّهَة أَوْ أَسمَاءِ مُبَالَغَةٍ، في نَمَطٍ وَاحِدٍ، وهو نَوْعٌ من التَّخْلِيطِ يَنْبَغِي التَّنْبِيهْ لَهُ، كَذَا قَالَه شَيْخُنَا.

  والمِضْرَبُ والمِضْرَابُ بكَسْرِهِما جَمِيعاً ما ضُرِبَ بِهِ.

  وضَرُبَتْ يَدُه كَكَرُمَ: جَادَ ضَرْبُها.

  ومِنَ المَجَازِ: ضَرَبَتِ الطيرُ تَضْرِبُ: ذَهَبَت والطَّيْرُ الضَّوَارِبُ التي تَبْتَغِي أَي تَطْلُب الرِّزْقَ. وفي لسان العرب: هي المُخْتَرِقَاتُ في الأَرْض الطَّالِبَاتُ أَرزَاقَها.

  ومن المَجَازِ: ضَرَبَ عَلى يَدَيْه: أَمْسَكَ، وضَرَبَ بِيَدِه إِلَى كَذَا: أَهْوَى. وضَرَبَ عَلَى يَده: كَفَّه عَن الشَّيْء.

  وضَرَبَ على يَدِ فُلَانٍ إِذَا حَجَر عَلَيْه. وعن اللَّيْثِ: ضَرَبَ يَدَهُ إِلَى عَمَل كَذَا، وضَرَب على يَدِ فُلَانٍ إِذَا مَنَعَه مِنْ أَمْرٍ أَخَذَ فِيه كقَوْلِك: حَجَر عَلَيْه. وفي حَديث ابْن عُمَر: «وأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِه» أَي أَعْقِدَ مَعه البَيْعَ؛ لأَنَّ مِنْ عَادَةِ المُتَبَايِعَين أَن يَضَع [أَحَدُهما]⁣(⁣٨) يَدَه في يَد الآخر عند عَقْدِ التَّبَايُع.

  قلت: وفي الأَسَاس في بَابِ المَجَاز: ضَرَبَ عَلَى يَدِه: أَفْسَدَ عَلَيْه مَا هُو فِيهِ⁣(⁣٩). وضَرَبَ القَاضِي على يَدِه: حَجَرَه


(١) في اللسان: لا يقرب الماء.

(٢) عن اللسان وحياة الحيوان للدميري، وبالأصل «عراراً» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله إلا عراراً كذا بخطه والذي في الصحاح والتكملة عرادا بالدال المهملة وهو الصواب. قال الجوهري في ماد ع ر د والعراد نبت من الحمض قال الساجع: إلا عراداً عرداً».

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قال في التكملة برداً تصحيف من القدماء فتبعهم الخلف والرواية زردا وهو السريع الازدراد أي الابتلاع ذكره أبو محمد الأعرابي.

(٤) في حياة الحيوان: عنكشا تصحيف.

(٥) عن النهاية، وبالأصل «هزلاً».

(٦) النهاية واللسان: يحبس.

(٧) انظر غريب الحديث للهروي ٢/ ٢٦٢ والفائق ١/ ٣٤٨.

(٨) زيادة عن اللسان.

(٩) في الأساس: أفسد عليه أمراً أخذ فيه.