تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فدغ]:

صفحة 49 - الجزء 12

  وقال ابْنُ دُرَيْدٍ⁣(⁣١): أيْ وَطِئَهُ حَتَّى يَنْشَدِخَ، مِثْلُ الفَدْغِ، أَوْ نَحْوِه، زَعَمُوا⁣(⁣٢).

  وقال غَيْرُهُ: تَفَتَّغَ الشَّيْءُ تَحْتَ الضِّرْسِ، كالبِطِّيخِ وَنَحْوِه: إذا تَشَدَّخَ، كما في العُبَابِ.

  [فثغ]: فَثَغَ رَأْسَهُ، كمَنَعَ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ وصاحِبُ اللِّسَانِ، وقال ابنُ عَبّادٍ: أيْ شَدَخَهُ، كما في العُبَابِ.

  [فدغ]: فَدَغَهُ، كَمَنَعَه، فَدْغًا: شَدَخَهُ، وشَقَّه يَسِيرا، وَرَضَّهُ، وكَذلِكَ ثَدَغَهُ، ومنهُ حَدِيثُ ابنِ سِيرينَ، وقَدْ سُئِلَ عَن الذَّبِيحَةِ بالعُودِ فقَالَ: «كُلْ مَا لَم يَفْدَغْ» يُرِيدُ: ما قَتَلَ بحَدِّهِ فكُلْهُ، وما قَتلَ بثِقَلِهِ فَلا تَأْكُلْهُ، وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «إِنْ آتِهِمْ يُفْدَغْ رَأْسِي، كما تُفْدَغُ العِتْرَةُ» ويُرْوَى: «يُفْلَغ» و «يُثْلَغْ».

  أَو هُوَ شَدْخُ الشَّيْءِ المُجَوَّفِ كحَبَّةِ عِنَب ونَحْوِه، وقِيلَ: هُوَ كَسْرُ الشَّيْءِ الرَّطْبِ، وشَدْخُه.

  وفَدَغَ الطَّعَامَ: سَغْسَغَهُ بالسَّمْنِ، وقِيلَ لأَعْرابِيٍّ: كَيْفَ أَكْلكَ الثَّرِيدَ؟ فقَالَ: أَصْدَغُ بِهاتَيْنِ، السَّبّابَةِ والوُسْطَى، وأَفْدَغُ بِهذه، يَعْنِي الإِبْهَامَ.

  والمِفْدَغُ كمِنْبَر: المِشْدَخُ، يُقَالُ: رَجُلٌ مِفْدَغٌ، كما يُقَالُ: مِدَقٌ، قال رُؤْبَةُ:

  وذَاقَ حَيّاتُ الدَّوَاهِي⁣(⁣٣) اللُّدَّغِ ... مِنِّي مَقَاذِيفَ مِدَقٍّ مِفْدَغِ

  والفَدَغُ، مُحَرَّكَةً: الْتِواءٌ في القَدَم، عن ابْنِ عَبّادٍ، وقال غَيْرُه: هُوَ الفَدَعُ، بالعَيْنِ المُهْمَلَةِ، والإِهْمَالُ أَكْثَرُ.

  والأَفْداغُ: ماءٌ، وعَلَيْهِ نَخْلٌ بِجَبَلِ قَطَن، شَرْقِيَّ الحاجِرِ، نَقَلَه ياقوت والصّاغَانِيُّ.

  وانْفَدَغَ الشَّيءُ: لانَ عَنْ يُبْسٍ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.

  [فرغ]: فَرَغَ مِنْهُ، أي: مِنَ الشَّغْلِ، كمَنَعَ، وسَمِعَ، وَنَصَرَ، الأُولَى ذَكَرَهَا يُونُسُ في كِتَابِ اللُّغَاتِ، وهِيَ والثّانِيَةُ لُغَتَانِ في الثّالثَةِ، قال الصّاغَانِيُّ: وكَذلِكَ فَرِغَ، بالكَسْرِ، يَفْرُغُ بالضَّمِّ، مُرَكَّبٌ مِنْ لُغَتَيْنِ، فُرُوغًا، وفَرَاغًا، فهُوَ فَرِغٌ ككَتِفٍ، وفَارِغٌ؛ أي: خَلَا ذُرْعُه، ومِنْهُ قَوْلُه تَعَالَى: {وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً}⁣(⁣٤)، أي خاليًا مِنَ الصَّبْرِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: أنا فارِغٌ، وقِيلَ: خالِيًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إلّا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى #، وقِيلَ: فارِغًا مِنَ الاهْتِمَامِ بِه؛ لأَنَّ اللهُ تَعالَى وَعَدَهَا أَنْ يَرُدَّهُ إِلَيْهَا، ورَجُلٌ فَرِغٌ، أي: فارِغٌ، كفَكِه وَفاكِهٍ، وفَرِهٍ وفارِهٍ، ومِنْهُ قِرَاءَةُ أَبِي الهُذَيْلِ، وأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَرِغًا.

  وفَرَغَ لَهُ، وإِلَيْهِ، كمَنَعَ، وسَمِعَ، ونَصَرَ، فُرُوغًا وفَرَاغًا: قَصَدَ، فالفَرَاغُ في اللُّغَةِ عَلَى وَجْهَينِ: الفَرَاغُ مِنَ الشُّغْلِ، والآخَرُ: القَصْدُ لِلشَّيْءِ، ومِنَ الأَخِيرِ قَوْلُه تَعَالَى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ}⁣(⁣٥)، لأَنَّ اللهَ تَعالَى لا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: أي سَنَعْمِدُ، واسْتَدَلَّ بقَوْلِ جَرِيرٍ - يَرُدُّ عَلَى البَعِيثِ ويَهْجُو الفَرَزْدَقَ -:

  وَلَمَّا اتَّقَى القَيْنُ العِرَاقِيَّ باسْتِه ... فَرَغْتُ إِلَى القَيْنِ المُقَيَّدِ بالحِجْلِ

  قال: أيْ عَمَدْتُ، وفي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ، ¥: «افْرُغْ إِلَى أَضْيافِكَ» أي: اعْمِدْ واقْصِدْ، ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بمَعْنَى التَّخَلِّي والفَرَاغِ، لِيتَوَفَّرَ عَلَى قِرَاهُم، والاشْتِغَالِ بِهِمْ، وقَرَأَ قَتَادَةُ، وسَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ، والأَعْرَجُ، وعُمَارَةُ الدّارِعُ: سَنَفْرَغُ لَكُمْ بِفَتْحِ الرّاءِ، عَلَى فَرِغَ يَفْرَغُ، وفَرَغَ يَفْرَغُ، وقَرَأَ أَبو عَمْرٍو، وعِيسَى بنُ عُمَرَ، وأَبُو السّمَالِ⁣(⁣٦) «سَنِفْرَغُ» بِكَسْرِ النُّونِ وفَتْحِ الرّاءِ، عَلَى لُغَةِ مَنْ يَكْسِرُ أَوَّلَ المُسْتَقْبَلِ، وقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو أَيْضاً «سَنِفْرِغُ» بِكَسْرِ النُّونِ والرّاءِ، وَزَعَمَ أنَّ تَمِيمًا تَقُول: نِعْلِمُ.

  ومِنَ المَجَازِ: فَرَغَ الرَّجُلُ فُرُوغًا، أي: ماتَ، مِثْلُ قَضَى؛ لأَنَّ جِسْمَهُ خَلَا مِنْ رُوحِهِ.

  والفَرْغُ: مَخْرَجُ⁣(⁣٧) الماءِ مِنَ الدَّلْوِ بَيْنَ العَرَاقِي، وكَذلِكَ الثَّرْغُ، وجَمْعُهُمَا: فُرُوغٌ، وثُرُوغٌ، كالفِراغِ، ككِتَابٍ، وهُوَ ناحِيَةُ الدَّلْوِ الَّتِي تَصُبُّ⁣(⁣٨)، الماءَ مِنْهُ، قال الشّاعِرُ:

  كأَنَّ شِدْقَيْهِ إِذَا تَهَكَّمَا


(١) الجمهرة ٢/ ٢٢.

(٢) قوله: «زعموا» لم ترد في الجمهرة ولا في التكملة واللسان.

(٣) بالأصل «اللواهي» والمثبت عن الديوان ص ٩٨.

(٤) سورة القصص الآية ١٠.

(٥) سورة الرحمن الآية ٣١ أي سنقصدكم، وقيل سنقصد لكم.

(٦) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «أبو السماك».

(٧) في التهذيب: مفرغ الدلو، وهي خَرْقُهُ الذي يأخذ الماء.

(٨) في التهذيب: التي يُصبّ الماء منه.