[وحد]:
  وقال المُصَنّف في البصائرِ نقلاً عن أَبي القاسم الأَصبهانيّ: الوُجُودُ أَضْرُبٌ، وُجُودٌ بِإِحْدى الحَوَاسِّ الخَمْسِ، نحو وَجَدْتُ زَيْداً وَوَجَدْتُ طَعْمَه ورائحتَه وصَوتَه وخُشُونَتَه، ووجُودٌ بِقُوَّةِ الشَّهْوَةِ نحو وَجَدْتُ الشِّبَع، ووُجُودٌ أَمَدَّه الغَضَبُ، كوُجُودِ الحَرْبِ والسَّخَطِ، ووُجُودٌ بالعَقْل أَو بِوسَاطَة العَقْلِ، كمَعْرِفَة الله تعالى، ومَعْرِفَة النُّبُوَّةِ. وما نُسِب إِلى الله تعالى مِن الوُجُود فبِمَعْنَى العِلْمِ المُجَرَّدِ، إِذ كان اللهُ تعالَى مُنَزَّهًا عن الوَصْفِ بالجَوَارِحِ والآلاتِ، نحو قولهِ تَعالى: {وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ}(١) وكذا المعدوم، يقال على ضِدّ هذه الأَوْجُهِ. ويَعبَّر عن التَمَكُّنِ من الشيءِ بالوُجُودِ نحو: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}(٢) أَي حَيْثُ رَأَيْتُمُوهُم، وقوله تعالى: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ}(٣)، وقوله: {وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ}(٤) وقوله: {وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفّاهُ حِسابَهُ}(٥) ووجود بالبصيرة، وكذا(٦) قوله: {وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا}(٧) وقوله: {فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا}(٨) أَي إِن لم تَقْدِروا على الماءِ.
  وقال بعضهم: المَوْجُودَات ثلاثةُ أَضْرُبٍ: مَوجُودٌ لا مَبْدَأَ له ولا مُنْتَهَى، وليس ذلك إِلَّا البارِئَ تَعالَى، ومَوْجُودٌ له مَبْدَأٌ ومُنْتَهًى، كالجَوَاهِرِ الدُّنْيَوِيَّة، وموجودٌ له مَبْدَأٌ وليس له مُنْتَهًى، كالنَّاسِ في النّشْأَةِ الآخِرِة، انتهى.
  قال شيْخنا في آخِر هذه المادة ما نصُّه: وهذا آخِرُ الجزءِ الذي بخطّ المُصَنّف، وفي أَوّل الذي بَعْدَه: الواحد، وفي آخر هذا الجزءِ عَقِبَ قَوله: وإِنما يقال أَوجَدَه اللهُ، بخط المُصَنّف ¦ ما نَصُّه: هذا آخِرُ الجُزءِ الأَوَّل من نُسْخَةِ المُصَنِّف الثانِيَة مِن كِتَابِ القَامُوسِ المُحِيط والقَابُوس الوَسِيط في جَمع لُغَاتِ العَرب التي ذَهَبَتْ شَماطِيطَ، فَرغَ منه مُؤَلِّفه مُحمد بن يَعْقُوب بن مُحمّد الفَيْرُوزَاباديّ في ذِي الحِجَّة سنةَ ثمانٍ وسِتّينَ وسَبْعمَائةٍ.
  انتهى من خطّه، وانتهى كلام شَيْخِنَا.
  قلت: وهو آخِر الجزءِ الثاني من الشَّرْحِ وبه يَكْمُل رُبْعُ الكِتَابِ ما عدَا الكلامَ على الخُطْبَة، وعلى الله التيسيرُ والتَّسْهِيل في تمامه وإِكماله على الوَجْهِ الأَتَمَّ، إِنّه بكُلّ شيْءٍ قدير، وبكُلِّ فَضْل جَدير، عَلَّقَه بِيَدِه الفَانِيَةِ الفقيرُ إِلى مولاه عَزَّ شَأْنُه مُحمّد مُرْتَضَى الحُسَيني الزَّبيدِيُّ، عُفِيَ عَنه، تَحرِيراً في التاسِعَة مِن لَيْلَةِ الاثْنَيْنِ المُبَارَكِ عاشِر شهرِ ذِي القِعْدَةِ الحَرَامِ من شهور سنة ١١٨١ خُتِمَتْ بِخَيْرٍ، وذلك بِوكالة الصَّاغَةِ بمصر.
  قال مُؤَلِّفه: بلَغ عِرَاضُهُ على التَّكْمِلَة للصاغانيّ في مَجالِسَ آخِرُها يوم الاثنين حادِي عَشَرَ جُمَادَى(٩) سنة ١١٩٢، وكتبه مُؤَلِّفه محمد مرتضى، غَفَر له بمَنِّه.
  [وحد]: الوَاحِدُ: أَوَّلُ عَدَدِ الحِسَابِ. وفي المصباح: الوَاحِدُ: مُفْتَتَحُ العَدَدِ، وقد يُثَنَّى. أَنشَد ابنُ الأَعْرَابِيّ.
  فَلَمَّا الْتَقَيْنَا وَاحِدَيْنِ عَلَوْتُهُ ... بِذِي الكَفِّ إِنِّي لِلْكُمَاةِ ضَرُوبُ
  وقد أَنكَر أَبو العباس تَثْنِيَتَه، كما نَقلَه عنه شيخُنا. قلت: وسيأْتي قريباً، ومَرَّ للمصنِّف بِعَيْنِه في أَ ح د، ج واحِدُونَ، ونَقَلَ الجَوهرِيُّ عن الفَرَّاءِ يقال: أَنتم حَيٌّ واحِدٌ وحَيُّ واحِدُونَ، كما يُقَال شِرْذِمَةٌ قَليلونَ، وأَنشد للكميت:
  فَضَمَّ قَوَاصِيَ الأَحْياءِ مِنْهُمْ ... فَقَدْ رَجَعُوا كَحَيٍّ وَاحِدِينَا
  والواحد: المُتَقَدِّم في عِلْمِ أَو بَأْسٍ أَو غَيْرِ ذلك، كأَنه لا مِثْلَ له، فهو وَحْدَه لذلك، قال أَبو خِرَاشٍ:
  أَقْبَلْتُ لَا يَشْتَدُّ شَدِّي وَاحِدٌ ... عِلْجٌ أَقَبُّ مُسَيَّرُ الأَقْرَابِ
  ج وُحْدَانٌ وأُحْدانٌ، كرَاكبٍ ورُكْبَان، ورَاعٍ ورُعْيَانٍ، قال الأَزهريُّ: يقال في جَمْعِ الواحد أُحْدَانٌ، والأَصْل
(١) سورة الأعراف الآية ١٠٢.
(٢) سورة التوبة الآية ٥.
(٣) سورة النمل الآية ٢٣.
(٤) سورة النمل الآية ٢٤.
(٥) سورة النور الآية ٣٩.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وكذا قوله، كذا بالنسخ والظاهر: نحو قوله.
(٧) سورة الأعراف الآية ٤٤.
(٨) سورة النساء الآية ٤٣.
(٩) بهامش المطبوعة المصرية: «كذا بالأصل بلا تقييد بالأولى أو بالثانية».