تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رطط]:

صفحة 263 - الجزء 10

  والرشَاطيُّ، ضَبَطُوه بالفَتْحِ، وبالضَّمِّ، فمن قال بالفَتْحِ يقُول: أَحَدُ أَجْدَاده اسمُه رَشَاطَةُ، فنُسِب إِليه، ومَنْ قال بالضَّمِّ يقول: نُسِبَ إِلى حَاضِنَة له كانَتْ أَعْجَمِيَّةً تُدْعَى برُشاطَةَ، أَو كانت تُلاعِبُه فتَقُولُ: رُشَاطَة، فنُسِبَ إِليها، وهو الإِمامُ المَشْهُورُ أَبُو مُحَمَّدٍ عبدُ الله بنُ عليِّ بنِ عبدِ الله بنِ عَلِيِّ بنِ خَلَفِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ اللَّخْمِيُّ المُرْسِيُّ أَحدُ أَعلام مُرْسِيَةَ وأَئِمَّةِ الأَنْدَلُس، مُحَدِّثٌ كَبِير، وُلِدَ بأَعْمال مُرْسِيَةَ سنة ٤٦٦، وتُوُفِّيَ شَهِيداً بالمَرِيَّةِ صَبِيحَةَ الجُمُعَة المُوفِي عِشرينَ من جُمَادَى سنة ٥٤٣ وكتِابُه المَعْرُوفُ بالأَنْسَابِ في سِتَّةِ أَسْفَارٍ ضِخَامٍ، يَنْقُلُ عنه الحافِظُ ابن حَجَرٍ كثيراً في التَّبْصِير، وهو عُمْدَتُه في هذه الصَّنْعَةِ، ويَنْقُلُ عن أَبِي سعدٍ المَالِينِيِّ بوَاسِطَةِ كِتَابِه هذا؛ وقد أَغْفَلَه المُصَنِّف وهو آكَدُ من كثيرٍ من الأَلْفَاظِ العَجَمِيَّة التي يُورِدُهَا، لا سِيَّما وقد وَقَع له قَرِيباً ذِكْره في «دلغاطان» فتأَمَّل⁣(⁣١).

  [رطط]: الرَّطِيطُ: الجَلَبَةُ والصِّيَاحُ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ: قال: وقد أَرَطُّوا، أَي جَلَبُوا. والرَّطِيطُ: الحُمْقُ، وهو أَيْضاً الأَحْمَقُ، فهو على هذا اسْمٌ وصِفَةٌ. ورَجُلٌ رَطِيطٌ ورَطِئُ، أَي أَحْمَق، ج رِطَاطٌ، بالكَسْرِ ورَطَائِطُ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ:

  أَرِطُّوا فقَدْ أَقْلَقْتُمْ حَلَقَاتِكُمْ ... عَسَى أَن تَفُوزُوا أَنْ تَكُونُوا رَطَائِطاً

  قلتُ: قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: قَوْمٌ رَطَائِطُ: حَمْقَى، وأَنْشَد هذا الشّعْرَ، وأوَّله:

  مَهْلاً بَنِي رُومانَ بعضَ عِتَابِكُمْ ... وإِيّاكُمُ والهُلْبَ مِنِّي عَضَارِطَا

  ولم يَذُكُر للرَّطَائطِ وَاحِداً، وكذا الجَوْهَرِيُّ لم يَذْكُره، وإِنّمَا أَنْشَدَ الشِّعْر المَذْكُور، وقال الصّاغَانِيُّ وَاحِدُ الرَّطَائطِ: الرَّطِيطُ، ومعنَى البَيْتِ: أَي قد اضْطَرَبَ أَمْرُكُم من جِهَةِ الجِدِّ والعَقْلِ، فاحْمُقُوا، لعَلَّكُم تَفُوزا بجَهْلِكُم وحُمْقِكم، وفي الصّحاحِ والعُبَابِ «فَتحَامَقُوا» بدل «فاحْمُقُوا». وقال ابْنُ سِيدَه: وقَوْلُه: أَقْلَقْتُمُ حَلَقَاتِكُم، يقول: أَفْسَدْتُم عَلَيْكُم أَمْرَكُمْ، من قَوْلِ الأَعْشَى:

  لقد قَلَّقَ الحَلْقَ إِلاّ انتظارا⁣(⁣٢)

  قلتُ: هو مِثْلُ قولِ بعضهم:

  فعِشْ حِمَاراً تَعِشْ سَعِيداً ... فالسَّعْدُ في طَالِعِ البَهَائمْ

  وأَرَطَّ الرَّجُلُ: حَمُقَ، والمَفْهُوم من نَصِّ الجَوْهَرِيِّ في شَرْحِ البَيْتِ المَذْكُورِ: تَحَامَقَ.

  وأَرَطَّ في مَقْعَدِه: أَلَحَّ فلم يَبْرَحْ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ، وكان أَصْله أَرْثَطَ فقُلِبَت الثّاءُ طاءً، وقد مَرَّ عن النّوادِرِ قَرِيباً.

  ويُقَال: أَرِطِّي فإِنّ خَيْرَك في الرَّطِيطِ: هكَذَا في العُبَابِ، وفي اللِّسَانِ بالرَّطِيط، مَثَلٌ يُضْرَبُ للأَحْمَقِ يُرْزَقُ فإِذا تَعَاقَلَ حُرِمَ من الرِّزْق، وأَوْرَدَ الصّاغَانِيُّ هذا المَثَلَ بعد قَوْلِه: أَرَطَّ، إِذا جَلَب، قال: ومِنْهُ المثَلُ. فسَاقَهُ، وما أَوْرَدَهُ المُصَنِّفُ هو الصَّواب.

  وفي الجَمْهَرَةِ ذَكَر عن أَبِي مالكٍ أَنَّه قال: الرَّطْرَاطُ، بالفَتْحِ: الماءُ الذي أَسْأَرَتْهُ الإِبِلُ في الحِيَاضِ نحو الرِّجْرِجِ، وهو الماءُ الّذِي يَخْثُر، قال: ولم يَعْرِفْه أَصْحَابُنَا.

  والرَّطُّ، بالفَتْحِ: ع بينَ فارِسَ والأَهْوَازِ، وهو بينَ رَامهُرْمُزَ وأَرَّجَانَ، كما في العُبَاب.

  واسْتَرْطَطْتُه: اسْتَحْمَقْتُه، كاسْتَرْطَأْتهُ. ونَظَّر فيه ابنُ فارس.

  وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ للرَّجُل: رُطْ، رُطْ، بالضَّمِّ فِيهِمَا، قال: هو أَمْرٌ بالتَّحامُقِ مع الحَمْقَى؛ ليكونَ له فِيهِم جَدٌّ* ومّما يُسْتَدْرَكُ عليه: أَرَطَّ الرَّجُلُ: إِذا جَلَبَ وصاحَ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ، ويُقَال للِّذِي لا يَأْتي ما عِنْدَه إِلا بالإِبْطاءِ: أَرِطَّ فإِنَّك ذو رِطَاطٍ. كما في العُبَابِ.


(١) الذي في معجم البلدان «رشاطة» أن عبد الله المذكور نسب إليها قال: أظنها بلدة بالعدوة. وقال: مولده في جمادى الآخرة سنة ٤٦٦ وتوفي سنة ٥٤٠.

(٢) البيت في ديوانه / ٨٣ وروايته فيه:

فإني وجدّك لو لا تجئ ... لقد قلق الخرت أن لا انتظارا

وهو من قصيدة يمدح قيس بن معديكرب.